هل انتهى تنظيم الإخوان إلى الأبد؟ هل فقد التنظيم السيطرة على جيل الشباب؟ هل تم تجفيف منابع أموال الجماعة؟ كثير من الأسئلة تحتاج إلى إجابات، فالمتابع للإخوان عن قرب يكتشف الكثير من الحقائق التى ترسم ملامح التنظيم خلال المرحلة المقبلة، ومدى إمكانية تعبئته لعناصره، ومخططه فى إنهاك الدولة، وإسقاط النظام. الكثير يردد أن الجماعة تواجه مأزقا كبيرا إلى الأبد، وأن اللجان الداخلية والمكاتب الإدارية والأسر التربوية على وشك التفكك، ولم يعد لها كيان على أرض الواقع،وأن التنظيم أصبح مجرد مجموعات مسلحة تهاجم قوات الجيش والشرطة دون خطة ممنهجة، أو حتى دليل تكتيكى قائم على فكر المواجهة والثأر. لكن الوضع خلاف ذلك فقد استطاع التنظيم خلال الفترات الماضية إعادة ترتيب أوراقه مرة أخرى، وهيكلة كتائبه، ومكاتبه الإدارية على مستوى القطاعات والمحافظات، بل وضع مناهج جديدة قائمة على فقه المقاومة الشعبية والاستنزاف، إضافة إلى المناهج التقليدية الخاصة بالتنظيم. وأوضحت مصادر قريبة من التنظيم أن الجماعة تسير فى إطار خطط ممنهجة لعمليات المواجهة، وتوظيف دوائر ما يسمى ب «الربط العام»، وهى أجيال شبابية لا تربتط بالتنظيم فعليا لكنها ترتبط به فكريا،وبعيدة تماما عن أعين الأجهزة الأمنية، وكانت فى طريقها للحاق بالتنظيم قبل سقوط حكم الجماعة، ويتم الاستفادة منها بشكل يخدم أهداف التنظيم خلال عملية المواجهة. كما أشارت المصادر إلى أن الجماعة تسير سياستها على محورين الأول ما يعتقدون أنه جهاد فى سبيل الله والمواجهة المسلحة، والمحور الثانى هو ترتيب التنظيم من الداخل، حيث أنشأت بالفعل كيانا يضم عناصر مدربة على استخدام السلاح، وصناعة المتفجرات لمواجهة الأجهزة الأمنية، وبث روح الثأر والثأر المضاد، والتعبئة لروح الجهاد، على اعتبار أن حسن البنا أنشأ النظام الخاص للتصدى للاحتلال، وأنهم يعيشون احتلالا مشابهًا، ومن ثم وجب عليهم المواجهة المسلحة. وأكدت المصادر أن الجماعة تقيم لقاءات الأسر والكتائب التربوية، والمعسكر بشكل منتظم، فى مناطق بعيدة عن مناطق ارتكازهم الفعلى، حيث إن الكثير من عناصر الجماعة هجروا منازلهم وبيوتهم،واستأجروا شقق «ايجار جديد» فى أماكن ومحافظات أخرى، لا يعرفهم فيها أحد، هربا من الملاحقة الأمنية، كما أنه تم ضم الشُعب والأحياء فى قطاعات كبيرة فى إطار التغييرات الهيكلية التى تمت مؤخرا. و أنها صعدت خلال المرحلة الماضية الكثير من قيادات الصف الثالث بعد إلقاء القبض على غالبية قيادات الصف الأول والثانى، وهروب بعضهم للخارج، أنها ستلعب بقوة خلال المرحلة القادمة بورقة الجامعات واستغلالها لتشويه صورة النظام فى الخارج. بيان الجهاد من جانب آخر نشر موقع «إخوان أون لاين» بيانًا مؤخرا،عن صناعة الكتائب المسلحة. وشرح البيان الذى جاء تحت عنوان.. رسالة إلى صفوف الثوار: «وأعدوا..»، مدلول السيفين المتقاطعين وكلمة «وأعدوا» الموجود على شعار الجماعة، وهما يدلان على استخدام القوة فى انتزاع الحريات، وحماية الحق بالقوة. وجاء فى البيان: «حرص حسن البنا، مؤسس الجماعة، على تشكيل فرق كشافة تهتم باللياقة، والانضباط، والتى تمثل أبرز ملامح القوة». كما نقلت عن البنا قوله فى إحدى رسائله: «وفى الوقت الذى يكون فيه منكم معشر الإخوان المسلمين ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسيًا روحيًا بالإيمان والعقيدة، وفكريًا بالعلم والثقافة، وجسمانيًا بالتدريب والرياضة، فى هذا الوقت طالبونى بأن أخوض بكم لجج البحار، وأقتحم بكم عنان السماء. وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإنى فاعل إن شاء الله». واختتمت الجماعة بيانها الغامض بالتنويه إلى أن الجميع بصدد مرحلة جديدة، قائلة: «على الجميع أن يدرك أننا بصدد مرحلة جديدة نستدعى فيها ما كمن من قوتنا، ونستحضر فيها معانى الجهاد، ونهيئ أنفسنا، وزوجاتنا، وأولادنا، وبناتنا ومن سار على دربنا لجهاد طويل لا هوادة معه، ونطلب فيها منازل الشهداء». المرشد الجديد فيما أكدت المصادر أنه تم بالفعل استقرار قيادات الجماعة داخل السجن على تكليف الدكتور محمد سعد عليوة كقائم بأعمال المرشد، لحين استقرار الأوضاع، واختيار الدكتور طه وهدان عضو مكتب الإرشاد،ومسئول التربية فى التنظيم، ليكون أمينا عاما للجماعة. وقد ترددت أنباء عن اختيار وهدان مرشدا جديدا، وأنه يدير التنظيم، لكن كان فى الحقيقية مجرد واجهة حتى لا يتم كشف شخصية المرشد الفعلى الذى يدير الأمور من خلف الستار. يذكر أن عليوة من مواليد محافظة المنصورة عام 1955م، وتخرج فى كلية الطب جامعة القاهرة، ثم حصل على الدكتوراة فى تخصص المسالك البولية، وتم القبض عليه وإحالته إلى المحكمة العسكرية فى قضية الإخوان عام 1995م، وقضى فى السجن ثلاث سنوات، ثم ألقى القبض عليه وإحالته إلى المحكمة العسكرية فى قضية النقابات المهنية، وتم ضبطه بعد ذلك فى مارس 2005 خلال تعديل المادة 76 من الدستور، وظل محبوسا لمدة ثلاثة أشهر، وقبض عليه فى 13 مارس 2007 ضمن مجموعة الدكتور محمود غزلان، وقد أُفرج عنه لتدهور حالته الصحية وقتها. بينما ولد محمد طه وهدان فى 27 يناير عام 1961 بالإسماعيلية،وتخرج فى كلية الزراعة جامعة قناة السويس عام 1982 وعمل أستاذا مساعدا بها،وحصل على الدكتوراة فى تخصص البساتين والفاكهة عام 1998، و تم انتخابه عضوا بمجلس محلى بالإسماعيلية عام 1992م، وكان رئيسا للجنة الأوقاف والأزهر بالمجلس، وتدرج فى المناصب داخل جماعة الإخوان حتى وصل إلى منصب مسئول قسم التربية، وانتخب فى 14 يناير 2012 عضوا بمكتب الارشاد بدلا من سعد الحسينى لانتخابه عضوا بالمكتب التنفيذى لحزب الحرية والعدالة. وحكم عليه بثلاث سنوات فى القضية العسكرية رقم 8 لسنة 1995 بتهمة محاولة إحياء جماعة محظورة مع مجموعة من قيادات الإخوان عقب اجتماع لمجلس شورى الجماعة بمركزها العام بالتوفيقية وخرج من المعتقل عام 1998. الائتلاف العالمى الإخوانى وعلى المستوى الدولى سعت قيادات الإخوان فى الخارج بدعم وتمويل إنشاء كيان جديد باسم الائتلاف العالمى للحقوق والحريات، يضم 10 محامين من بريطانيا وبلجيكا وفرنسا، ومنهم البريطانى روجرساهوتا بهدف شن حملة هجوم دولية على كل من الإمارات ومصر. ويشرف أنس التكريتى والإخوانية مها عزام رئيس المجلس الثورى للإخوان، على تأسيس هذا الكيان الجديد، وتم دفع 10 ملايين دولار دفعة أولى لتأسيسه. إضافة إلى طرح فكرة تدشين حزب يحمل اسم «الإخوان المسلمين» فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، حتى تكون ذراعا جديدة للهجوم على مصر فى الخارج. كما تم عقد لقاءات فى أواخر يناير2015، على مدار عدة أيام فى مركز دراسات «الإسلام والديمقراطية» بأمريكا،ويديره التونسى رضوان الصمودى، بين وفد من أعضاء الإخوان، ضم كلا من الدكتورة مها عزام والمستشار وليد شرابى والدكتور جمال حشمت والدكتور عبد الموجود الدرديرى، وعددا من المسئولين فى الإدارة الأمريكية ومراكز صناعة القرار فى الولاياتالمتحدةالأمريكية ،وممثلين عن البيت الأبيض، والخارجية الأمريكية، والكونجرس الأمريكى، وعددا من مراكز البحث والفكر الأمريكية. طالبوا خلال الإدارة الأمريكية بعدم الاعتراف بالنظام الحالى، واتخاذ موقف واضح من الأوضاع التى تشهدها مصر، ومن وضع حقوق الإنسان والزعم بأن النظام غير مستمر. جناح معارض على حين كشفت المصادر تفاصيل اجتماعات عاصفة تمت بين قيادات المكاتب الإدارية للمحافظات والموالية والمحسوبة على المهندس خيرت الشاطر،وبين جناح من القيادات الشبابية، والرافضة لسياسات رجال الشاطر والطريقة التى تعاملوا بها فى الأزمة الأخيرة. حيث أوضحت المصادر أن القيادات الشبابية طالبت بمراجعة الموقف فى ظل تمسك رجال الشاطر بالتصعيد مع الأجهزة الأمنية، والدفع بالشباب للمواجهة ما يدفع إلى تفكيك التنظيم، وأنه لا يجب الالتفات إلى توجيهات خيرت الشاطر وقادة الجماعة داخل السجون لأنهم بعيدون عن المشهد بشكل حقيقى، ولايقدرون الأزمة الحالية، وأنهم السبب الرئيسى فيما آلت اليه الأمور، ويجب أن يدير الأمر من هم فى المشهد لأنهم الأكثر دراية، ويجب ألا يتم تهميشهم بحجة أنهم ليسوا قيادات فى الصف الأول. وأوضحت المصادر أن هذا الجناح معارض بشدة لسياسات قيادات الجماعة وأنهم مع اقرار عمليات التوبة التى تتم داخل السجون، حيث أكدت المصادر أن عدد أعضاء الإخوان الذين وقعوا على إقرارات التوبة من داخل السجون يزيد على 100 عضو، لديهم حالة من عدم الثقة فى القيادات البارزة بالجماعة، ويرون أنهم أخطأوا بالسماع لتعليمات تلك القيادات،وأن عددا من أبناء قيادات مجلس الشورى الجماعة، ومكتب الإرشاد، داخل السجون وقعوا على إقرارات التوبة، وفشل آباؤهم فى إقناعهم بعدم التوقيع عليها. وأفادت المصادر بأن هذا الجناح المعارض وضع عدة بنود لإصلاح الجماعة أهمها: أولا:السعى فى الكفاح السياسى المتزن، ومحاولة الانخراط المجتمعى فى اطار توجهات وادبيات الجماعة والأسس التى تسير عليها منذ نشأتها على يد الإمام البنا. ثانيا: إيجاد لافتة جديدة، حتى يظل تواجد عناصر الجماعة مطروحا فى الحياة السياسية، ولعل محنة 45 ، و65 خير مذّكر على ما تمر به الجماعة فى مصر حاليا. ثالثا: إنهاء الخصومة السياسية وقبول المصالحة الوطنية مع الشعب المصرى، واحتواء الأزمة بعد تعرض الجماعة لحالة من التشويه منذ ثورة 25 يناير، وانتقاد كل تحركاتها، والمصالحة مع الأجهزة الأمنية، التى بدونها لن تكون للجماعة شوكة. رابعا: أدبيات وأفكار الجماعة، فى حاجة إلى عدة مراجعات على المستوى الفكرى والتنظيمى، لاسيما أن الكثير من كتب التنظيم تحوى العديد من الأمور التى تغيرت خلال تحركات الجماعة، عبر مسيرتها السياسية والفكرية، ومن الضرورى طرح مصطلحات جديدة، تلقى قبولا فى الشارع السياسى والشعبى مرة أخرى، والدخول فى هدنة سياسية مقابل الحفاظ على التنظيم من الملاحقات الأمنية. خامسا: لابد أن تسير الجماعة فى نطاق سلمى فى أهدافها وتحركاتها داخل المجتمعات، والتأكيد أنها لم ولن تدعو العنف فى يوم ما، مهما كانت المحن التى مرت بأبنائها. سادسا: طرح مشاريع توعوية وأخلاقية تحمل روح دعوة الإخوان وأفكارهم، وتخدم الجميع دون تفرقة، فى إطار المشاركة الاجتماعية التربوية، حتى تستطيع الجماعة الاحتفاظ بالمساحة التى حظيت عليها وتقليل حجم الخسائر فى ظل الأزمة الراهنة. سابعا: مراجعة مراحل الفرد المسلم ثم الأسرة والمجتمع ثم الحكومة الإسلامية، انتهاء بالحكم الرشيد، ثم استاذية العالم، أى مجمل خطة التمكين، وينبغى ألا يكون اليأس والاحباط سيدا الموقف من قبل الشباب، ولتفادى تلك الأزمة يجب أن يتم تصعيد الشباب حتى يقودوا وسائل الخروج من المحنة الراهنة، وأن يشعروا أنهم أصحاب القضية الحقيقيين، لا مجرد ديكور تكميلى للأزمة. ثامنا: إعادة نشر كتاب «دعاة لا قضاة» للمستشار الهضيبى للتأكيد أن الجماعة بعيدة كل البعد عن أى منهج تكفيرى أو اللجوء للعنف. تاسعا: الرد القوى والفعلى بدراسة مستفيضة على أفكار سيد قطب، وأنها تم فهمها بشكل خاطئ، والتبرئة من كل فهم يدفع وينادى بالعنف، وأن الجماعة وقيادتها بعيدة عن العنف واستخدام السلاح. عاشرا: السعى لمحاولة حماية الكيان من التصدع أو «فرط العقد» والتفلت، سواء على مستوى أعضاء التنظيم أو المحبين والمؤيدين للفكرة، من خلال التركيز التربوى، والروحانى، ودراسة تجارب الإخوان فى مثل هذه الأزمة فى الأقطار المختلفة، وإيجاد دلائل مقنعة للشباب حول الأزمة خشية الكفر بمبادئ الجماعة. الحادى عشر: توثيق المشهد الحالية، على أنه إحدى المحن الشداد التى تعرضت لها عبر مسيرتها وتاريخها الحافل بالابتلاءات من قبل النظم الحاكمة. الثانى عشر: زيادة الوعى الأمنى لدى الجماعة، وإعادة ترتيب مستويات الأفراد التربوية والتنظيمية بشكل جديد يراعى ظروف الأزمة، والحيطة والحذر من الأعضاء الجدد،الذين لم يعاصروا الجماعة فى كفاحها على مدار السنوات الماضية التى تعرضت فيها للسجون والمعتقلات، وحتى لا يتم اختراق التنظيم فى ظل الوضع الراهن ويتم القضاء عليه نهائيا من قبل الأجهزة المعنية. الثالث عشر: إعادة هيكلة الكيان تنظيميا ابتداء من المناصب الادارية على مستوى مكاتب المحافظات والشُعب، واللجان، ومكتب شورى الجماعة، ومكتب الإرشاد، بحيث تكون الاغلبية بيد الشباب، لأنهم هم الأمل الذى سوف يدفع الجماعة للبقاء والسير فى هدفها دون تعطيل أو تأخير. الرابع عشر: فى اطار التغيير الحادث للمشهد السياسى والدعوى للأخوات ومشاركتهن للإخوة فى الميدان كتفا بكتف، بل تصدرهن للمشهد وللصفوف الأول، كان من الضرورى تمثلهن فى المناصب الادارية، ومكتب شورى الجماعة ومكتب الارشاد، وأن يكون لهن كيان منفصل، يخضع لميزانية منفصلة وللجان تربوية تهتم بوضعهن التربوى، والادارى والتصعيدى. الخامس عشر: محاولة احتواء الشباب المنشق عن الجماعة فى ظل الأزمة، على اعتبار أنهم الأكثر إيمانا بالفكرة من غيرهم، وخشية تفلتهم نحو الفكر اليسارى والإعراض عن الفكرة الإسلامية وأهدافها، والتركيز على مبادئ الفتن والابتلاءات، وأنها لم تكن جديدة على مدار تاريخ الجماعة ومسيرتها. السادس عشر: حسم مفهوم الخلافة الإسلامية و رؤية الجماعة تجاهه وفقا لما استقر عليه علماء الأمة و مثقفوها. السابع عشر: تشكيل لجنة من الخبراء والمتخصصين لصياغة مناهج جديدة للتربية تقوم على احياء الفكر الوسطى و تعزز القيم الروحية والأخلاقية. الثامن عشر: حسم وتوضيح العلاقة مع التنظيم الدولى للإخوان بما يتوافق مع القوانين المحلية و الأهداف المرحلية للحركة داخل وخارج مصر. التاسع عشر: ضرورة الإلمام بالسياسة ومجالاتها وخدعها وخباياها، حتى لا يكون حديثنا وتحليلاتنا مبنية على السماع فقط دون وعى كامل. العشرون: ضرورة دراسة الإعلام بشكل يمكننا من معرفة ماذا نتلقى وماذا نرفض، لأننا لن نستطيع الوصول للناس وتكوين أكبر قاعدة شعبية دون امتلاك اعلام واقعي متطور مواكب لكل مستجدات العصر بمهنية وحرفية فائقة.