للمرة الرابعة عشر على التوالى يفشل مجلس النواب اللبنانى فى اختيار رئيس جمهورية للبلاد خلفا لميشيل سليمان الذى انتهت ولايته منذ مايو الماضى وأرجأ رئيس البرلمان نبيه برى جلسة انتخاب الرئيس إلى الأربعاء 19 نوفمبر الحالى وقبل يوم من نهاية ولاية مجلس النواب الحالى. والسيناريوهات المطروحة فى لبنان لتحريك هذا الجمود السياسى متعددة منها الترويج لمرشح رئاسى جديد من خارج الاستقطابات السياسية الحالية حيث أبدى وليد جنبلاط استعداده سحب ترشيح هنرى الحلو إذا أقدم الآخرون على سحب ترشيحاتهم لتسهيل التوصل إلى تسوية تنهى حالة الفراغ الرئاسى. وسيناريو آخر قدمه ميشال عون يدعو إلى انتخاب رئيس جمهورية جديد على مرحلتين الأولى طائفية محصورة بالمسيحيين تتم فيها التصفية على مرشحين اثنين للرئاسة يدخلان سباق المرحلة الثانية على المستوى الوطنى لكن هذا بدوره يستوجب تعديلات دستورية وتشريعية قد تغير جذرياً من طبيعة النظام السياسى فى البلاد وإعادته إلى مرحلة ما قبل الطائفية وتغيير طرح فكرة المناصفة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين من خلال انتخاب كل طائفة لنوابها فى البرلمان وهو ما قد يطرح اختلافات لبنانية واسعة. وتشير المعلومات المتواترة من كواليس المشهد اللبنانى إلى حدوث صفقة ما للخروج من هذا المأزق بتنازل عون عن الرئاسة لمصلحة صهره جبران باسيل وزير الخارجية الحالى الذى يمتلك قنوات اتصال مستمرة مع الحريرى لكن رأى السعودية والولايات المتحدة هنا سيكون مهما للغاية وقد يكون هو الفيصل. وفى هذا السياق يتحدث البعض عن صفقة تحمل باسيل إلى رئاسة الجمهورية والحريرى إلى رئاسة مجلس الوزراء مع تفاهم مرحلى حول القضايا الخلافية وأبرزها الموقف من الأوضاع فى سوريا خاصة بعد فشل المعارضة السورية فى حسم معركتها مع النظام وفوزالأسد بولاية ثالثة مما يقوى من موقف حلفائه اللبنانيين. وهناك أسماء مارونية أخرى من خارج القوى السياسية تطرحها بعض الأطراف الدولية كحل وسط للخروج من الأزمة مثل قائد الجيش جان قهوجى وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلا أن انتخاب أحد هذين الاسمين يتطلب تعديلاً للدستور وهناك شبه إجماع بين الأطراف السياسية على رفض تعديل الدستور لهذا الغرض. ولاتزال مواقف القوى السياسية متباينة فى هذه الأزمة فتيار المستقبل أعلن عن أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية ومن ثم إجراء الانتخابات النيابية احتراماً للمسارات الدستورية ولتجنيب لبنان مرحلة الفراغ الكلى، رغم أنه قد يُجبر على القبول بالتمديد للبرلمان ما لم تحصل تسويات مرحلية كبرى للملفات الشائكة على أن يتم التمديد المرتقب لفترة عام واحد فقط أى حتى مايو 2015.والموافقة على بديل التمديد للمجلس من خلال دعم الحريرى لمجلس الوزراء وخصوصاً وزارة الداخلية والبلديات وبالتعاون مع كل الوزارات المختصة للعمل على اتخاذ الإجراءات الضرورية واللوجستية لضمان إجراء الانتخابات النيابية بموعدها فى 20 نوفمبر الجارى. بينما يرفض كل من حزب الله وتكتل التغيير والإصلاح (ميشال عون) التمديد للمجلس النيابى الحالى مهما كانت الأسباب الموجبة وبغض النظر عن الوضع الأمنى إلا أنه يرى فى حال عدم التوصل إلى إقرار قانون انتخابى جديد (يسعى أن يكون القانون الأرثوذكسى) حينها يمكن القبول بإجراء الانتخابات النيابية وفق القانون المعمول به وهو قانون الستين، علماً بأن حزب الله غير مستعد الآن للتحضير للانتخابات النيابية لأن نتائجها لن تحقق انقلاباً فى ميزان القوى فى البرلمان ولن تغير الثقل المسيحى فى البرلمان.