عقب الحادث الإرهابى الأليم الذى نفذ فى شمال سيناء مؤخرا ترددت على نطاق واسع فكرة نقل سكان سيناء حتى الانتهاء من الحرب على الإرهاب، وحدث خلط فى بعض وسائل الإعلام بين التوصيف القانونى لتهجير السكان المدنيين وبين التدابير التى تقوم بها الدول لحماية أمنها القومى وبالتبعية حماية أمن وسلامة مواطنيها، دون أن تدرك وسائل الإعلام التبعات القانونية والسياسية المترتبة على الخلط بين المفهومين. عن هذا الموضوع يقول المستشار د.مساعد عبد العاطى – أستاذ القانون الدولى- إن جريمة التهجير القسرى للسكان المدنيين هى إحدى الجرائم ضد الإنسانية والمتمثلة فى الأبعاد أو النقل غير المشروع الذى تقترفه الدولة فى ظل سياسة عامة بهجوم واسع ضد السكان المدنيين، وترتكب هذه الجريمة تحت إكراه مادى ومعنوى من شأنه أن يخلق حالة من الفزع والرعب فى قلوب هؤلاء السكان مما يجبرهم على الهجرة القسرية، أويتسم غالبا التهجير بالطابع المؤبد غير المؤقت، وقد يصدر أحد أطراف النزاع بيانا للسكان يطالبهم بالهجرة من أماكنهم عنوة وخير مثال ما حدث لمسيحيى العراق والايزيديين على يد داعش الإرهابية. وأوضح أن ما ستقوم به مصر من تدابير حيال سكان الشريط الحدودى مع قطاع غزة، فيعد إجراءات وتدابير رخصتها قواعد القانون الدولى العام للدول بقصد حماية أمنها القومى وأيضاً المحافظة على حياة وسلامة المدنيين، من تبعات الهجمات الإرهابية التى تقوم بها هذه الجماعات الإرهابية، فضلا عن تمكين السلطات الأمنية والعسكرية المصرية لمحاربة هذه الجماعات والتصدى لها بشتى الوسائل بعيدا عن الخشية من التعرض لحياة وسلامة المدنيين الأبرياء على سبيل الخطأ، أثناء محاربة العناصر الإرهابية، كما ان الواقع العملى كشف عن اندساس أخطر تلك العناصر الإرهابية وسط السكان المدنيين . وقال إنه لا يمكن قبول الآراء التى تعتبر مثل تلك الإجراءات تهجيرا قسريا حيث إن النقل سيكون مؤقتًا وبالتشاور بين هؤلاء السكان والدولة، كما تكفل الأخيرة الرعاية الاجتماعية والصحية وأيضا السكن الملائم لهم، وكل ذلك يجافى التوصيف الواقعى والقانونى لجريمة التهجير والإبعاد القسرى. مضيفا انه يرجع الأساس القانونى وراء قيام الدول باتخاذ مثل هذه التدابير إلى المواثيق والعهود الدولية، حيث نجد أن العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية الصادر فى عام 1966، والذى دخل حيز النفاذ القانونى فى عام 1976، وهو يمثل درة الوثائق الدولية فى مجال حماية حقوق وحريات الإنسان الأساسية، يرخص للدول الأطراف تعطيل بعض الالتزامات الواردة به فى مجال حقوق وحريات الإنسان، وذلك فى حالات التهديد المباشر للأمن القومى للدول، بل الأكثر من ذلك أن ميثاق الأممالمتحدة جعل على رأس أهدافه حماية السلم والأمن الدوليين، لذا نجد أن الدول ملزمة قانونا بمباشرة كافة الإجراءات والتدابير الخاصة بحماية أمنها القومى. وطالب أستاذ القانون الدولى بضرورة تعديل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل لإتاحة الفرصة لمصر لاتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على الجماعات الإرهابية فى سيناء و لحماية الأمن القومى المصرى. وقال إن معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية المبرمة عام 1979 تحت رعاية أمريكية تعد من المعاهدات التى تنهى حالة الحرب وهى تتميز عن سائر المعاهدات الدولية الأخرى بأن القانون الدولى أعطى لها مكانة متميزة تمثل فى ضمان استمرارية ونفاذ هذه المعاهدات تدعيما لحالة الاستقرار والسلام بين الدول. وأضاف د.عبد العاطى أن القانون الدولى لا يحظر تعديل هذه المعاهدات حيث إن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدة الدولية لعام 1969 والتى تمثل المرجعية القانونية لكافة المعاهدات قد أجازت تعديل مثل هذه المعاهدات الحاكمة تحت ما يعرف بقاعدة التغير الجوهرى للظروف والتى تقضى بأنه إذا نشأت ظروف جوهرية لم تكن موجودة أثناء إبرام المعاهدات ومن شأن هذه الظروف أن تحدث تعديلا جذريا فى الالتزامات فإنه يجب على الدول المتعاقدة أن تشرع فى التفاوض المباشر المقترن بحسن النية حيث يعد مبدأ حسن النية الضابط الرئيس الحاكم فى تنفيذ الالتزامات الدولية من بينها المعاهدات والاتفاقيات وبتطبيق القواعد القانونية المشار إليها نجد أن هناك ظروفا جوهرية موجودة على أرض الواقع فى شبه جزيرة سيناء لم تكن موجودة أثناء إبرام معاهدة 79 وهى وجود جماعات إرهابية منظمة تملك أحدث الأسلحة وتحصل على الدعم اللوجيستى والمادى من بعض الدول التى تستهدف صميم الأمن القومى المصرى فضلا عن وجود جماعات إجرامية تقوم بارتكاب الجريمة المنظمة مثل الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر للأفارقة فضلا عن عمليات التهريب بين الحدود، وبالتالى على مصر أن تقوم بإحاطة إسرائيل رسميا بكافة هذه الظروف التى تتعرض لها مصر للتفاوض مباشرا مع إسرائيل عملا بقواعد القانون الدولى للتفاوض حول النقاط المطلوب تعديلها وخاصة فيما يتعلق بالملاحق الأمنية المرفقة بالمعاهدة التى تكفل ضمان الأمن القومى لمصر. وأوضح أن قواعد القانون الدولى تكفل الحق القانونى فى اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية أمنها القومى بل لها بموجب العهد الدولى لحقوق الدول لعام 66 أن تعطل تنفيذ بعض الالتزامات الواردة بهذا العهد شريطة عدم النيل من بعض الحقوق الأساسية للإنسان متى كان هناك تهديد مباشر لأمنها القومى ولذلك فإن هناك العديد من الحجج القانونية التى تسمح لمصر أن تطلب من إسرائيل التفاوض لتعديل بعض مواد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وعلى مصر أيضا أن تطلع الجانب الأمريكى باعتباره الضامن الأصيل للمعاهدة على التداعيات والآثار الخطيرة المترتبة على تنامى الإرهاب ليس فى مصر فحسب بل فى المنطقة كلها. مشيرًا إلى القرارات الصادرة من مجلس الأمن فى عام 2001 التى تفرض على دول الأطراف فى منظمة الأممالمتحدة التعاون واتخاذ التدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب والتنسيق الأمنى. حالة واحدة من جهة أخرى استبعد اللواء د.محمود خلف - المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، قيام الجيش المصرى بإنشاء منطقة عازلة أو تهجير سكان سيناء .مؤكدا أنه لا يحدث إلا فى حالة الحرب فقط، وذلك لتأمين السكان من إطلاق النار الذى كان موجها لهم. وقال إن الرئيس عبد الفتاح السيسى أمر باتخاذ الإجراءات الأمنية المشددة للحفاظ على الأمن القومى المصرى ومن أهمها زيادة حجم القوات على الحدود.مؤكدا أن إسرائيل لن تمانع فى ذلك خاصة أن حشد القوات المصرية على الحدود من أجل تأمين الحدود وحماية الأمن القومى المصرى ومكافحة الإرهاب والتصدى له . وأضاف أن التحقيقات مازالت جارية بشأن العملية الإرهابية فى شمال سيناء والتى أسفرت عن 31 شهيدًا و26 مصابًا وانه لم يثبت تورط فصائل فلسطينية فى تسهيل هذه العملية الإرهابية . مشيرا إلى نفى قيادات حماس أى تورط للحركة فى المجزرة. واستطرد قائلا إنه فى حالة تورط أحد الفصائل الفلسطينية فى هذا الحادث لن يؤثر فى مسار المفاوضات الفلسطينية التى تجرى تحت رعاية مصرية .معتبرا ان الدور المصرى فى دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى من الثوابت المصرية التى لن تتغير أبدا. الأمن القومى ويقول اللواء حمدى بخيت إن وجود منطقة عازلة سيحمى الأمن القومى المصرى وستصبح الأنفاق فى خبر كان.. ومن المتوقع، كما يقول اللواء بخيت أن يتم حفر قناة بعرض من 30 إلى 50 مترًا حتى نريح ونستريح، مؤكدًا انه يوجد تعاون تام بين سكان المنطقة العازلة فى رفح والقوات المسلحة لدرجة ان أكثر من 200 شخص تقدموا بطلبات للمحافظة الإخلاء منازلهم تقديرًا لدور القوات المسلحة، مشيرًا إلى أن غلق الأنفاق، وإقامة منطقة عازلة سيشكل ضربة قاضية للتنظيم الدولى وحماس وقطر وتركيا وهى الدول التى تريد كسر إرادة المصريين، وخلق بؤر توتر لإجبار الجيش على تطبيق نظرية شد الأطراف لإنهاكه على الحدود الأربعة. أما الخبير الاستراتيجى اللواء حسام سويلم بخيت.. يؤكد أنه سيتم تطهير سيناء من العناصر الإجرامية الخطرة، وسيتم الإرشاد عن مخازن الأسلحة والذخيرة والمتفجرات، ودانات الصواريخ التى كان يخزنها خيرت الشاطر ومحمد الظواهرى فى سيناء لتسليح الحرس الثورى الإخوانى، أو جيش مصر الحر للصدام مع الجيش فى الشوارع وحماية رئيسهم المعزول محمد مرسى والذى كان يناديهم بأهلى وعشيرتى، مؤكدًا أن التنظيم الدولى له أذرع كثيرة ويقوم بالتمويل والتدريب من خلال حماس وقطر وتركيا.. وأن الهدف الأساسى من عملية كفر القواديس الأخيرة، هو هز الثقة بين الجيش والشعب والقيادة السياسية فيما أشار اللواء أحمد عبد الحليم إلى أن الجيش المصرى يمتلك قدرات قتالية كبيرة.