علاقات تاريخية وطيدة تربط بين الأشقاء الليبيين والجزائريين ربما تكون كلمة السر فى قدرة الجزائر على إنجاح المصالحة بين الفرقاء الليبيين، بالإضافة إلى تبنيها رفض أى تدخل أجنبى فى الشأن الليبى.. ولكن غير مبشرة ويبدو أنها تسير فى اتجاه أزمة اليمن خاصة فى ظل التصعيد بين الأطراف المتناحرة. كان الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة قد تلقى العديد من الطلبات من مختلف الشخصيات والقوى السياسية فى ليبيا بالتدخل والمساعدة بإطلاق مبادرة حوار وطنى شامل سعيا إلى المصالحة الوطنية بين الفرقاء فى ليبيا. وعلى هذا الأساس لم تنقطع المشاورات بين الجزائر وليبيا، وجهت الجزائر بناء على ذلك دعوة لمجلس النواب فى ليبيا من أجل إرسال وفد عنها لاتخاذ خطوات فعلية للمصالحة الوطنية. كما خصصت الجزائر لجنة باسم الدفاع والأمن لمجموعة دول جوار ليبيا، ستشرف على عدد من المشاورات من شأنها فتح صفحة جديدة فى تاريخ ليبيا. خاصة أن مجموعة دول الجوار، ترفض أى تدخل عسكرى أجنبى فى ليبيا، وتسعى لأن يكون الحل نابع من الشعب الليبى. ونجحت الجزائر فى بسط مساعيها بمنع تدخل القوات الأجنبية فى الأزمة الليبية، وتمكنت من إقناع الدول العظمى بضرورة تقديم الحوار السياسى السلمى على الحل العسكري، حيث وقعت الجزائر رفقة 12 دولة أخرى، من بينها الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبى على اتفاقية تلزمهم برفض التدخل العسكرى دعما لأطراف معينة فى الصراع داخل ليبيا. كما أصدرت الدول الموقعة بيانا صحفيا مشتركا، يدعو لرفض التدخل الخارجى فى ليبيا وضرورة الحل السياسى للعنف الدائر هناك. ويواجه الحوار الليبى، تحدى الجماعات الإرهابية، التى ترفض أى عمل سلمى، وتنتهج الترهيب والعمل المسلح للإضرار بليبيا، وهى المجموعات ذاتها التى تصنفها الجزائر فى قائمة الإرهاب الدولى، وتدعو إلى محاربتها وتضم قائمة الحاضرين فى الحوار شخصيات على رأسها محمود جبريل،عبد الرحمن شلقم،حافظ قدور،عبد المجيد مليقتة،محمد صوان،بشير الكبتى،على الصلابى،على أبو زعكوك،عبد الحكيم بلحاج، أحمد قذاف الدم،عمران أبو كراع، محمد سعيد القشاط، العجيلى برينى، عبد الله عثمان، الطيب الصافى المنفى، على كنة، قرين صالح قرين، على الأحول، موسى إبراهيم? وبدأ الحوار الوطنى بداية غير موفقة على غرار الحوار الوطنى فى اليمن فقد انطلق انطلاقة متعثرة فى مدينة غدامس بعد رفع قيادات فجر ليبيا التى تسيطر وحلفاؤها الإسلاميون على العاصمة طرابلس، سقف مطالبها، كما رفضوا الاعتراف بشرعية مجلس النواب المنتخب حديثاً والذى يعقد جلساته فى مدينة طبرق وقد اجتمع الوفد الممثل للبرلمان والذى ضمّ محمد شعيب النائب الأول لرئيسه و15 نائباً، مع عدد من نواب مصراتة ومدن أخرى مقاطعين لجلساته وقد صرح عبد الرحمن السويلحى أن أى وثيقة توقّع فى غدامس لن تكون ملزمة لأحد، لأن الوفد الذى ذهب إلى هناك لا يمثل فجر ليبيا كما دعا إلى إجراء انتخابان مبكرة وتشكيل حكومة انتقالية. وعلى الحدود الليبية الجزائرية كشف الجيش الجزائرى عن قيامه بعمليات عسكرية جنوبا على الحدود مع ليبيا والنيجر ومالى لمنع تسلل المجموعات المسلحة وعصابات التهريب والهجرة غى الشرعية، بالإضافة إلى أن الجزائر أقامت سياج كهربائى يمتد لمسافة 110كم على حدودها مع ليبيا، وذلك بعد وجود تحذيرات أمنية بتسلل 200 مسلح و500 مجرم للحدود الجزائرية، فضلًا عن تدعيم السياج بعدد من الدوريات العسكرية المتنقلة، كما أعلنت قيادة أركان الجيش الجزائرى نشر بطاريات صواريخ أرض جو على الحدود الليبية فى إطار رفع درجة التأهب، لمواجهة أى احتمال لاعتداء إرهابى. ويأتى التحرك الجزائرى، فى ظل تزايد التقارير التى تتحدث عن استحواذ المليشيات المسلحة المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية على طائرات وصواريخ متوسطة وبعيدة المدى. كما قررت السلطات العسكرية الجزائرية استحداث أربعة قطاعات عسكرية بالحدود الجنوبية مع ليبيا ومالى، لتعزيز تواجدها عبر الحدود فى ظل تدهور الأوضاع الأمنية فى ليبيا وشمال مالى.. وعلى الصعيد الداخلى يرى المراقبون أن الجزائر فى خطر وأنه على الجيش الوطنى الشعبى إقناع الرئيس بوتفليقة البحث عن وسيلة لقيادة البلاد إلى بر الأمان فى الوقت الذى يرى البعض أنه لم يكن له أى دور فى إصلاح البلاد وأنه يسير البلاد بطريقة عادية، كما يرى السياسيون أن المعارضة تفتقر إلى رؤية واضحة وإلى مصداقية لطرح مشروع متكامل للمساهمة الجدية فى إحداث التغيير بالوسائل السلمية.