بكل المقاييس كان المصريون فى ميلانو أبطال المشهد الانتخابى لاختيار رئيس مصر الجديد. وبكل المقاييس ضرب المصريون فى ميلانو الرقم القياسى التاريخى لإقبال المصريين ما وراء البحار والمحيطات، فى أوروبا والولايات المتحدة وكندا واستراليا، أى فى العالم أجمع، خارج الحدود المصرية والعربية. موقف وطنى منقطع النظير، وإقبال شعبى خارجى على استحقاق وطنى مصرى تاريخى غير مسبوق، ليس بالأرقام وحدها، بل بالجوارح، وعاطفة الحب الجياشة، والعناء وتكبد المشقات والنفقات. موقف عكس بجلاء معانى وطنية كبيرة وعظيمة لمسها الإيطاليون أنفسهم وهم يتابعون إقبال المصريين فى ميلانو على اختيار رئيس مصر الجديد بالفرحة والزغاريد والطبول واللافتات المعلقة على الصدور، والأعلام التى رفرفت فوق الرءوس، وكأنها تعلن فرحتها على الملأ بالعرس الانتخابى الرئاسى، الذى صنعه المصريون فى ميلانو على مرأى ومسمع من الجميع. واعترف الإعلام الإيطالى بالمشهد، وأبدى إعجابه بالحدث، الذى أقنع الجميع فى إيطاليا بأن المصريين هم بالفعل الذين يصنعون مستقبل بلدهم، أينما كانوا، سواء كانوا داخل مصر أو خارجها. اعتراف واقتناع حول الرأى العام، والرأى الإعلامي، أو على الأصح فى الرأيين العام والإعلامى تغييرا جذريا فى القناعة. فما يحدث فى مصر هو ثورة وليس انقلابا، وأن المصريين فى مصر وخارجها ماضون فى السير بثورتهم إلى الأمام، حتى تتحقق كل مراحلها وكل استحقاقاتها. كان يشاع عن ميلانو أنها معقل إخوان الإرهاب فى إيطاليا، لكن المصريين فى ميلانو أكدوا أن المظاهرات التى خرجت تباعا منذ فترة، وكانت متدنية فى عدد المشاركين المأجورين، استغلال للبطالة التى يعانون منها، كانت مظاهرات «فالصو»، أى مزيفة ولا تنطق بأى مصداقية. فقد إختفت تلك القلة تماما. ويقول محمود عثمان رئيس الجالية المصرية الوطنى النشط إن تلك القلة لم يظهر لها أى أثر وسط الإقبال الطاغى للمصريين فى ميلانو وشمال إيطاليا على القنصلية المصرية للتصويت على الرئيس الجديد. شباب وكبار فى السن وسيدات ورجال وعائلات بأفرادها وصغارها، كأنهم ذاهبون إلى عرفات لأداء فريضة الحج. كلهم فى إيمان وحماس وتطلع ورجاء لأن يكون اختيارهم صحيحا، وأن يكون الرئيس المختار هو الأمثل لمصر ومستقبلها. ويقول السفير المتدفق نشاطا وتعاونا مع الجالية المصرية فى ميلانو على الحلوانى، قنصل مصر، إن حزب الكنبة هو حزب الأغلبية شمال إيطاليا، ذات الكتلة المصرية الكبيرة بين المقيمين فى إيطاليا. وقد تفجرت تلك الكتلة وطنية وحماسا أخيرا، وظهرت بقوة فى الانتخابات الرئاسية لتصنع المستقبل والتاريخ. ويذكر السفير على الحلوانى أن المصريين كانوا يتوجهون للإدلاء بأصواتهم فى مقر القنصلية من أماكن بعيدة. من تورينو وإيميليا رومانيا وليجوريا وبارما وغيرها على نفقتهم الخاصة. كانوا يحضرون فى سيارات كبيرة، شاركوا فى دفع نفقاتها. ويعرب السفير على الحلوانى عن سعادته بالرقم القياسى الذى حققه المصريون فى ميلانو على كل مدن أوروبا والأمريكتين، فى نسبة التصويت، ويقول إن ذلك أثبت تحولا كبيرا فى طبيعة المصريين، فى الخارج كما فى الداخل. فلا كسل أو تقاعس أو سلبية من الآن فصاعدا فى الإقبال الشعبى على تلبية الاستحقاقات التى يمر بها الوطن الأم، وإبداء الرأى فيها. لقد صوت فى ميلانو على اختيار الرئيس الجديد لمصر تسعة آلاف ومائة مصرى مقيم، مقابل نحو المئتين فى روما. ويزيد عدد المصوتين فى ميلانو على عدد المصوتين فى المدن الغربية الكبيرة الأخرى، كلندن التى يقيم فيها نحو 140 ألف مصرى، وأيضا باريس وبرلين وحتى نيويورك التى صوت فيها أقل من تسعة آلاف بقليل. ولاحظ عدد من أبناء الجالية المصرية فى روما والصحفيون المصريون فى إيطاليا أن السفير المصرى فى روما عزل عملية التصويت فى السفارة عن الإعلام، وكان غريبا أن يرفض بشدة وبإصرار طلب التليفزيون المصرى، بتصوير تفريغ صناديق الاقتراع.