«فاطمة» عمرها لا يتجاوز السادسة.. ترى ابتسامتها الجميلة يدخل قلبك الشك بأنها تعانى من أى مرض.. تسمع ضحكاتها تؤكد لنفسك أنها ليست مريضة أو حتى تعانى من أى مرض ولو بسيط.. ولكن سرعان ما يختلف الأمر عندما تصاب بنوبة من نوبات الكحة الشديدة ويصفر لون وجهها وتزرق شفتاها وتضع يدها على صدرها وكأنها تسنده وتمنعه من أن يتمزق.. وهنا فقط تتأكد أن هناك مرضًا ما فى صدرها، وهنا تتذكر الأم ما حدث لطفلتها المسكينة العام الماضى عندما أتمت الخامسة من عمرها، إنها حبيبتها، فهى آخر العنقود ولها من الإخوة ولد وبنت، ومع ذلك فهى الحبيبة الغالية، تتذكر كم كانت فرحتها بها لم تشعر بالارتباط والحب كما شعرت مع فاطمة طفلتها الجميلة التى أطلت عليها بوجهها المشرق.. المضىء.. إنها لم تنس الليلة التى باتت فيها الطفلة تبكى من شدة السعال.. وتصرخ من الألم.. حرارة جسدها تشعل آلامها.. والأم والأب أعينهما تزرف الدمع.. وقفا مكتوفى الأيدى عاجزين عن تخفيف آلامها.. خرج أبوها يجرى فى ظلمة الليل يبحث عن طبيب.. ولكنه لم يستطع أن يعثر عليه، فالأسرة تعيش فى قرية من قرى محافظة الشرقية.. حاولت الأم أن تطمئنه بالرغم من الخوف والفزع الذى يكاد أن يحرق قلبها على طفلتها.. وأكدت له أن الأطفال كثيرا ما يتعرضون للمعاناة من المرض، وضربت له أمثلة كثيرة من أولاد الجيران والأهل.. مرت ساعات الليل وكأنها الدهر.. كانت تنتظر بزوغ الفجر على أحر من الجمر وكانت تستعجله وهى تدعو الله من قلبها أن يحمى طفلتها من أى مكروه.. وفى الصباح ذهبت هى وزوجها بالطفلة إلى المستشفى المركزى.. أكد الطبيب لهما أنها مصابة بنزلة برد لا تستدعى كل هذا القلق والخوف.. وصف لها الأدوية.. ولكن الطفلة ظلت طوال الليل تعانى من ارتفاع درجة الحرارة وسعالها لا يهدأ.. وبالرغم من الأدوية واستخدام الأم للمشروبات الساخنة والمهدئة للسعال إلا أنها لم تأت بأية نتيجة.. وكانت الطامة الكبرى عندما ظهر آثار دماء بعد السعال الشديد الذى أصابها.. حملتها الأم فى اليوم الثانى إلى طبيب أطفال بعيادته الخاصة حتى تضع حد لمعاناة «فاطمة».. ولكنه وصف نفس الدواء ظلت الطفلة على هذا الحال ثلاثة أيام لم تر الأم فيها النوم أو الراحة إلى أن جاء اليوم الرابع ولاحظت الأم أن الطفلة تتأوه وتأن ودقات قلبها تتزايد، بل إنها أصيبت بضيق بالتنفس.. بل رأت الموت يقترب من «فاطمة».. حملتها إلى الطبيب وقلبها يكاد ينفطر وبمجرد أن فحصها طلب من الأب والأم الذهاب إلى المستشفى لإجراء تحاليل وأشعة على الصدر وفحوصات لمعرفة ما بها وقد كان.. وظهرت النتائج مخيبة للآمال.. فقد ظهر أن الطفلة تعانى من ورم بالرئة اليمنى وطلب الأطباء منهما حمل الصغيرة والسفر بها إلى القاهرة ليتم عرضها على أطباء مستشفى سرطان الأطفال.. حيث الإمكانيات العالية المتوافرة بها.. حمل الأب الابنة الحبيبة وجاء بها إلى القاهرة من محافظته وتم عرضها على الأطباء بالمستشفى وخضعت لفحوصات كثيرة وطويلة وفى النهاية أكد الأطباء أنها مصابة بالفعل بورم، وقام الأطباء باستئصال الورم وجزء من الرئة، وخرجت من العملية لتدخل العناية المركزة لتظل بها أسبوعين تحت الملاحظة والعلاج، ثم خضعت لجلسات العلاج الكيماوى والإشعاعى لمحاصرة المرض والعمل على عدم انتشاره وافتراسه لأى جزء آخر من الرئتين وأجزاء الجسد الضعيف النحيل، وكان على الأم أن تحملها أسبوعيا لتلقى العلاج.. دخل الأسرة لا يتعدى ال 400 جنيه من عمل الأب، وهو لا يستطيع توفير متطلبات واحتياجات الأسرة بجانب احتياجات الطفلة المريضة.. أرسلت الأم خطابًا تطلب المساعدة.. فهل تجد من يقف بجوارهم ويعينهم على توفير احتياجات فاطمة؟ من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.