الخشت يكشف أسباب تقدم جامعة القاهرة في التصنيفات الدولية    اليوم، اجتماع ل "أمناء الحوار الوطني" لمتابعة تنفيذ توصيات المرحلة الأولى    مجلس أمناء الحوار الوطني يناقش خطة تنفيذ توصيات المرحلة الأولى من الحوار    وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية يتابع الخطة التدريبية للمسعفين    مفتي الجمهورية يهنئ المستشار عبد الراضي صديق برئاسة النيابة الإدارية    الدولة وتطوير مصادر الطاقة المتجددة في مناقشات ثقافة سوهاج    كلنا واحد.. الداخلية توفر أغذية باسعار مخفضة    «المشاط»: تطوير سياسات الاقتصاد الكلي بهدف دفع جهود التنمية وزيادة الاستثمارات في قطاعي الصحة والتعليم وتوطين الصناعة    «إيمان» و«آيات» شقيقتان متطوعتان في «حياة كريمة»: «غيرت حياتنا وبنفيد غيرنا»    وزير الزراعة يؤكد ضرورة التيسير على منتفعي الإصلاح الزراعي وتقنين أوضاعهم    رئيس الوزراء يتفقد مشروع إعادة إحياء حديقة الأزبكية التراثية ومكوناتها    روسيا تحرر بلدة «سوكول» بجمهورية دونيتسك الشعبية    ستارمر: الدفاع والأمن على رأس أولويات الحكومة البريطانية الجديدة    بعد حادثة وفاة مستشارة الرئيس السوري.. معلومات لا تعرفها عن «لونا الشبل»| صور    وزير الشباب ومحافظ الجيزة يفتتحان العديد من المنشآت الرياضية بنادي الطالبية    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    المصارعون الروس يرفضون المشاركة في الأولمبياد    المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لحداد تاجر في الهيروين بالقناطر الخيرية    بعد فيديو "الغش الجماعي".. التعليم تتوعد بإلغاء امتحان طلاب لجنة كاملة في الثانوية العامة    تأجيل محاكمة المتهمين باختلاس تمثال أثري من المتحف المصري الكبير ل7 أكتوبر    مصرع شخص أسفل حفرة أثناء التنقيب عن الآثار    «غير متزن وسكران».. مصدر خاص يوضح ل«بوابة أخبار اليوم» تفاصيل تعدي حسام حبيب على «شيرين»    إصابة شابين بالرصاص الحي خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في شرق نابلس    «الحزن والضغط النفسي» أسباب وفاة أحمد رفعت .. وخالد تاج الدين يوجه رسالة مؤثرة بعد رحيله    أحدث ظهور ل ياسمين عبد العزيز داخل الجيم..والجمهور: "خسيتي وبقيتي قمرين"    دعاء للأم في ليلة رأس السنة الهجرية    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    وفاة أحمد رفعت لاعب مودرن سبورت ومنتخب مصر.. احذر أعراض تكشف جلطة القلب    الكشف على 706 مواطنين في قافلة طبية مجانية بقرية الحلفاية بحري بقنا    بعد الانتهاء من المراحل ال3.. «الري»: الرفع المساحي للأحوزة العمرانية ل4200 قرية (تفاصيل)    وفاة عاملان صعقا بالكهرباء داخل مزرعة مواشى بالغربية    السعودية هوليوود الشرق!    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    رابط نتيجة تنسيق رياض الأطفال بالإسكندرية 2024    جهود التحالف الوطني في الدعم الاجتماعي والصحي خلال أول 6 أشهر من 2024    يورو 2024 - ناجلسمان: تعويض كروس سيكون صعبا.. وأقاوم الدموع    تجميل غرف الكهرباء بحرم جامعة حلوان    بالأسماء، وزير الداخلية يأذن ل 21 مواطنا بالحصول على الجنسيات الأجنبية    عاجل | ننشر أسماء المحكوم عليهم بالإعدام شنقًا في "حرس الثورة"    للاستشارات الهندسية.. بروتوكول تعاون بين جامعتي الإسكندرية والسادات- صور    "مات أحمد رفعت وسيموت آخرون".. مالك دجلة يطالب بإلغاء الدوري وتكريم اللاعب    الاتحاد الأوروبي يرفض قصف وإجلاء المدنيين صباحا ويدعم الاحتلال بالأموال ليلا    حكم صيام أول محرم.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس الوزراء يوجه بالإسراع في تنفيذ مبادرة «100 مليون شجرة»    استمرار غياب بيرسى تاو عن الأهلي في الدوري    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    الصحة تطمئن على جودة الخدمات المقدمة بمستشفى عين شمس العام    قائد القوات الجوية الأوكرانية: إسقاط 24 مسيرة روسية من طراز شاهد    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    الداخلية الإيرانية: تقدم بزشيكان على جليلي بعد فرز أكثر من نصف الأصوات    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طهران والقاهرة.. والطرف الثالث
نشر في أكتوبر يوم 12 - 01 - 2014

ذهبنا إلى إيران - وفد صحفى من 30 عضوا?- نحمل الكثير من الأسئلة والاستفسارات، فضلًا عن رغبة مهنية شديدة لرؤية إيران من الداخل.
وعدنا بعد ثمانية أيام تخللتها لقاءات وزيارات عديدة بأسئلة واستفسارات أكثر.. على رأسها: من هو الطرف الثالث الذى يمنع استئناف العلاقات بين البلدين؟!
فقد استقبلنا الإخوة الإيرانيون فى مطار طهران بالأحضان والورود وكأننا عائدون من ساحات النصر أو من شفاء بعد مرض!
كما لم نكن أول وفد إعلامى يزور إيران.. فقد سبقتنا إليها وفود عديدة بلغ عددها حتى الآن أكثر من 150 عضوًا ما بين إعلاميين وفنانين ورجال أعمال.
وأعتقد أن ما حدث معنا.. حدث مع غيرنا من حُسن استقبال وكرم ضيافة ولقاءات عديدة وزيارات متنوعة.. وهو ما يعكس رغبة الإخوة الإيرانيين فى سرعة استئناف العلاقات مع مصر البلد الإسلامى الشقيق كما وصفوه فى كل لقاءاتنا معهم.. وقد أشار كل من لقيناه من المسئولين هناك إلى أن هناك طرفًا ثالثًا يعرقل استئناف العلاقات بين البلدين.. مع عدم وجود أسباب قوية لحدوث ذلك.. بل هناك تفاهم مشترك على الكثير من القضايا الثنائية.. أو قضايا المنطقة!
فما هى الحكاية؟.. وماذا رأينا؟.. وماذا سمعنا؟ وقد كانت بداية الرحلة - بالنسبة لى - اتصال من الزميل طارق السنوطى الصحفى بالأهرام المسائى ومنسق تلك الزيارات، حيث طلب منى رئاسة وفد إعلامى لزيارة إيران.. وأخبرنى بموعد اللقاء مع السفير مجتبى أمانى القائم بالأعمال بالسفارة الإيرانية بالقاهرة للاتفاق على تفاصيل برنامج الزيارة.
وكصحفى.. لم أتردد فى قبول الدعوة.. فلم أزر إيران من قبل.. وتلك فرصة لا تفوّت، والتقيت السفير الذى أخبرنى بالخطوط العريضة للبرنامج والهدف من الزيارة.. مع بعض الطرائف التى حدثت من بعض أعضاء الوفود السابقة.. مثل الزميل الذى حمل مصحفًا معه ليقارنه بالمصاحف الموجودة بمساجد إيران، وكذلك الذى اعتقد أن كل الإيرانيات يرتدين «الشادر» ولا يتحدثن مع الغرباء! واستنكار آخر أن يوصف المرحوم الخومينى «بروح الله» فى بعض إعلانات الشوارع.. مع أن هذا اسمه! مثل من يطلق على نفسه عبد الله أو
عبد الرحمن.. وهكذا.. وأخبرنا أنه لا توجد تأشيرة لدخول البلاد.. سوى ختم الجوازات بالدخول والخروج.
ثم تجمعنا مساء يوم السفر فى المطار لركوب الطائرة التركية لمدة ساعتين، ثم النزول باسطنبول «ترانزيت» لمدة ساعة ونصف الساعة، ثم استئناف الطيران إلى طهران لمدة ثلاث ساعات على الطيران التركى أيضًا.. ووصلنا طهران فى السادسة من صباح اليوم التالى.. حيث استقبلنا الإخوة الإيرانيون بالأحضان والورود.. ونقلونا إلى الفندق للراحة لحين بدء البرنامج.
وفى المساء زارنا السفير خالد عمارة القائم بالأعمال فى السفارة المصرية فى طهران للترحيب بالوفد والتعرف على أعضائه.. ودعانا للقاء بمكتبة فى السفارة وعشاء بمنزله طبقًا لظروف البرنامج، ثم عقدنا لقاء مع الأخ حسن السودانى النائب العربى فى مجلس الشورى والذى شرح لنا النظام السياسى وطريقة تشكيل مجلس الشورى واختصاصاته.. والذى لا يختلف كثيرا عن مجلس الشعب المصرى.. سوى فى تمثيل الطوائف المختلفة فى المجتمع هناك، حيث هناك ما لا يقل عن 25% من الإيرانيين من طوائف التركمان والبلوش والزراديين والعرب الذين يستقرون فى منطقة الأهواز، وكل طائفة من هؤلاء يمثلهم نواب فى مجلس الشورى.. بواقع نائب عن كل عشرة آلاف، فى حين أن الإيرانيين من غير هذه الطوائف - الأغلبية - يمثلهم نائب عن كل مائة ألف مواطن.
أصفهان
وفى صباح اليوم التالى اصطحبنا «المرافقون» وهم د. داؤدو كاظمى وعبد الله المصور وعادل المندوب السياسى والمرشد السياحى أبو جواد فى جولة بالمدينة لزيارة بعض المناطق السياحية والأثرية، حيث لاحظنا نظافة الشوارع بشكل لافت للنظر، مع تخصيص حارات خاصة لأتوبيسات النقل العام.. مع وجود مخرات على جانبى الشوارع لاستيعاب المياه التى تسقط من الجبال المحيطة بالعاصمة.. بعدما تسببت حرارة الشمس فى إذابة الجليد المتراكم عليها.. مع زراعة هذه المخرات بأشجار الكافور، واستخدامها أيضًا فى رى مساحات شاسعة من الأراضى فى جنوب البلاد. كما لاحظنا نجاحهم فى زراعة كل ما يحيط بالطرق الداخلية أو السريعة بالأشجار والورود اعتمادا على مياه الأمطار، ثم واصلنا السير إلى مدينة أصفهان، وهى العاصمة القديمة إبان حكم الصفويين، وهى تبعد عن طهران بحوالى 400 كيلومتر، وهى مدينة هادئة، وجوها معتدل نسبيا، وبها سوق ضخم وحديث لجميع المأكولات والأقمشة والصناعات اليدوية، ومحلات تعرض ما تشتهر به إيران من سجاد ومكسرات، كما يقيم بها نسبة كبيرة من عرب الأهواز وبعض الجنسيات الأخرى، كما لاحظنا أنها أكثر تحررا من العاصمة، حيث تسير النساء والفتيات سافرات أو بطرحة خفيفة على الرأس، وقضينا ليلة فى أصفهان ثم عدنا بالأتوبيس إلى طهران، حيث بدأنا يومنا بزيارة المقر الذى كان يعيش فيه آية الله الخومينى مفجّر الثورة الإيرانية على حكم الشاه، ووجدناه منزلا بسيطا من حجرتين وحمام، ويتصل بسلم من المعدن إلى قاعة «الحسينية» حيث كان يلتقى فيها الخومينى بزواره وإعطاء الدروس الدينية.. وحكى لنا المرشد كيف أصر قائد الطائرة التى أقلت الخومينى من باريس إلى طهران على الإقامة فى إيران وإعلان إسلامه وتزوج من إيرانية.
وصليّنا الظهر فى الحسينية الخومينية مع بعض الإخوة العراقيين تصادف وجودهم وقت زيارتنا، ثم انتقلنا لزيارة «البرج» وهو أحد المعالم الإيرانية الشهيرة.. حيث يرتفع لأكثر من 450م ومقام على مساحة 500 ألف متر وهو سادس برج فى العالم للاتصالات.. ويعتبر مزارًا سياحيًا للإيرانيين والأجانب، ثم انتقلنا لزيارة أحد قصور الشاه - المقر الصيفى - حيث احتفظت به الثورة كمزار..بحالته التى كان عليها وقت أن تركها الشاه منفيًا، وقد حولوا القصور المجاورة له سواء كانت لإخوته أو أبنائه أو للحرس وغيرهم إلى متاحف مختلفة لكافة أنواع الفنون الإيرانية.
ولكن الطريف أنهم مازالوا يحتفظون بتمثال من المعدن لقدم رضا بهلوى أبو الشاه فى جزمة ميرى بارتفاع متر ونصف المتر دليلاً على جبروته وطغيانه!! وهو موضوع أمام قصر الشاه الابن وزوجته فرح!.
جامعة الصادق
وفى صباح اليوم التالى بدأنا اللقاءات الرسمية بزيارة جامعة الإمام جعفر الصادق.. وهو أشهر الأئمة الأثنى عشر فى العقيدة الشيعية، ويمكن القول بأنها أنشئت على غرار جامعة الأزهر عندنا يجمع خريجوها بين العلوم المدنية والعلوم الدينية.. مع بعض الاختلافات فى طريقة الالتحاق والتدريس والإقامة.
وقد استقبلنا نائب رئيس الجامعة بحفاوة بالغة متحدثا بالعربية، موضحا أن هناك مائة جامعة حكومية فى طهران وغيرها من المدن الإيرانية ولكن جامعة الإمام الصادق.. «أهلية» فهى تابعة لمؤسسة خيرية هى «مجمع الإمام الصادق»، وهدفها أن تكون امتدادا طبيعيًا للفقه الشيعى، وأن يجمع خريجوها بين العلم والحوذة الدينية ولذلك يشترط لمن يرغب الالتحاق بها إجادة اللغة العربية مع إحدى اللغات الأجنبية، وأضاف أن الدولة تجرى سنويًا «امتحان» قبول لحوالى مليون طالب، تختار الجامعة منهم ألفين ثم يجرى لهم امتحان خاص لاختيار 200 طالب فقط من البنين والبنات يقيمون مع أساتذتهم إقامة كاملة داخل مقار الجامعة.، وحاليا يدرس بها أكثر من 30 طالبًا من غير الإيرانيين.
الإعلام والصحافة
ثم زرنا استديوهات قناة «العالم» والتى تبث أخبارها وتحليلاتها بالعربية.. حيث إنها صوت إيران للخارج، وانتقلنا إلى وكالة الأنباء الإيرانية والتى تأسست عام 1933 ولديها 70 مكتبًا داخل إيران و 50 مكتبًا فى الخارج، وشرح لنا مديرها العام محمد خداوى أن هناك خمس كليات للإعلام بها 4 آلاف طالب تابعة للوكالة، والوكالة تبث حوالى ألفين و 500 خبر يوميًا، وتصدر نشرة خاصة بالعربية، وأخرى للمكفوفين، وبعد أن تجولنا بمبنى الوكالة عقدنا لقاء صحفيًا مع مديرها الذى أوضح أننا نتواصل مع الآخرين الذين ليسوا منا، فلماذا لا نتواصل مع بعضنا البعض؟ لماذا نعتمد على طرف ثالث لمتابعة أخبارنا.. مع علمنا جميعا بأن الصورة تكذب كثيرا وليس أحيانا؟ فالبعض ينقل ما يرغب فى نقله من أحداث البلدين وبشكل يخدم أغراضه، ونحن لا توجد بيننا خلافات ولا تنافس، إنما مصالح مشتركة، فلماذا لا «نتحدث» مع بعض؟! لماذا نتيح الفرصة للطرف الثالث ليحدد توجهاتنا؟.
ثم انتقلنا لزيارة مؤسسة إيران للصحافة.. وهى المؤسسة الحكومية الوحيدة للصحافة.. وتصدر عدة صحف بلغات مختلفة.. منها «الوفاق» باللغة العربية، وتجولنا فى مبناها بصحبة مصيب النعيمى رئيس التحرير وقد لاحظنا أن 50% من العاملين بالمؤسسة من النساء وهو ما لاحظناه أيضًا فى وكالة الأنباء الرسمية، وشرح لنا مصيب أنه لا رقابة سابقة على الصحف فى إيران، كما أنهم يأخذون بمبدأ التعدد النقابى، وأن هناك هيئة لمساءلة الصحفيين تسمى «الهيئة المنصفة» تضم شخصيات ترشحهم الجهات المختلفة فى المجتمع، ويسأل الصحفى عن جريمتى التملق والإهانة وهما الجريمتان الأساسيتان فى الصحف الإيرانية.
كما أشار أيضًا إلى أن هناك أزمة سيولة فى إيران بسبب الحظر الذى فرض مع بداية2010، وأن الأموال الإيرانية المجمدة فى البنوك الغربية تبلغ حوالى 60 مليار دولار، وتوقع - بعد الاتفاق الأخير - أن يفك الحظر عن 7مليارات منها قريبًا.
ثم أحاطنا ببعض الأخبار التى كانت مفاجأة لبعضنا، منها أن هناك ألف رحلة طيران مباشر شهرية بين إيران والإمارات كما أن الأخيرة هى الشريك التجارى الأول لإيران، وهناك 500 ألف شركة تمثل 65% من الاستثمارات فى الإمارات يمتلكها إيرانيون.
ملحوظة:هناك نزاع إيرانى - إماراتى قديم ومتواصل على ثلاث جزر مجاورة للبلدين.
ثم انتقلنا فى المساء للقاء مساعد وزير الثقافة والإعلام حسين انتظامى وهو صحفى.. وإدارته مسئولة عن الصحافة والانترنت، ومركز لدراسات وسائل الإعلام، وإدارة عامة للإعلان والدعاية.
وأوضح أن هناك 6 آلاف صحيفة بإيران، 200 منها يومية، منها 4 باللغة الإنجليزية و 3 باللغة العربية، وأن هناك دعمًا حكوميا للصحافة، وهناك 100 مكتب للصحافة الأجنبية يعمل بها 250 صحفيًا إيرانيا، وأشار إلى فرض بعض القيود على المواقع الالكترونية لأسباب أخلاقية بحتة.
فى منزل السفير
وبعد انتهاء اللقاء السابق ذهبنا إلى منزل السفير المصرى خالد عمارة الذى أحسن استقبالنا وأكرم ضيافتنا وزوجته ونجلته ذات العامين فقط، وبعد العشاء والضيافة عقدنا لقاء صحفيا تحدث فيه بكل صراحة وحماسة.. موضحا أن هناك ثلاث قضايا عالقة بين البلدين أولها أسماء بعض الشوارع حيث أطلقوا على أحدها اسم خالد الأسلامبولى قاتل الرئيس السادات والآخر سليمان خاطر قاتل بعض السياح الإسرائيليين وهذه أخف القضايا وأبسطها ويمكن إلغاء- كما وعد الجانب الإيرانى - هذه المسميات بجرة قلم من رؤساء الأحياء أو المدن بمجرد استئناف العلاقات، والقضية الثانية هو ما يسمى «بالتشيّع».. وهذه يمكن التفاهم حولها والاتفاق على عدم التدخل فى الشئون الداخلية من كلا البلدين.. مع ملاحظة أن المصريين متدينون بطبيعتهم ويحبون أهل البيت.. ولكن لا يمكن لأحد تغيير عقيدتهم بسهولة.. فمصر سنية وسوف تظل كذلك.
أما القضية الثالثة: فهى أمن الخليج العربى ومعه الأمن القومى العربى.. وهذه قضية تحتاج لحوارات يشارك فيها أطراف مختلفة وليس الجانب المصرى وحده. ومن السهل الوصول بها لنقاط اتفاق لا يسمح لأحد بتجاوزها مستقبلًا.
والخلاصة أن القرار يحتاج لآراء سياسية من الطرفين القاهرة وطهران.. لاستئناف العلاقات مرة أخرى؟.
مع على أكبر
فى صبيحة اليوم التالى كان اللقاء المنتظر مع السيد على أكبر ولا ياتى المستشار السياسى للإمام الخامنئى ووزير الخارجية الأسبق.
والذى بدأ حديثه معنا بالترحيب بالأخوة «مصر الشقيقة»، موضحا أن العلاقات التى تربط البلدين كثيرة ومتنوعة، فمن الناحية السياسية لدينا قواسم مشتركة كبيرة، وما حدث فى السنوات الأخيرة وبعد الثورة الإيرانية على الخصوص.. أزيل الكثير منها، ولا يوجد أى عائق حاليا من الجانب الإيرانى يعوق استئناف تلك العلاقة، مطالبا المسئولين السياسيين فى البلدين أن يلتقيا ويناقشا بعض الأمور العالقة. وأضاف أن هناك فهمًا مشتركا حول بعض القضايا فى المنطقة ومنها مشكلة سوريا، موضحا أن ما حدث فى مصر مؤخرا.. تم بإرادة الشعب المصرى، فهو الذى أراد وقرر.. ونحن متأكدون أن الحكومة تنفذ ما يريده الشعب.
وأضاف أننا فى إيران لا نتدخل فى الأمور الداخلية لأى بلد ومنها مصر بالطبع ولن نتأخر عن القيام بأى دور لإنهاء الخلاف بين مصر ومنظمة حماس الفلسطينية، وأضاف أن هناك شكوكا يروج لها طرف ثالث له مصلحة فى ذلك، وذلك لأننا بعيدون عن بعض، ومن ثم فالتقارب فيما بيننا سوف يزيل هذه الشكوك وأوضح أنه يعلم أن هناك إرادة وعزما من كلا البلدين لاتخاذ القرار المناسب..ولكن الأمر يتطلب بعض الوقت. وختم حديثه بموضوع الاتفاق الإيرانى مع الدول الغربية، والذى أسفر عن استمرار استخدام إيران برنامجها النووى للاستخدامات السلمية من خلال 19 ألف جهاز طرد مركزى لتخصيب اليوارنيوم الموجودة بكثرة فى الجبال الإيرانية.
ثم كان اللقاء الثانى فى مجلس الشورى.. حيث التقينا الشيخ أبو تراب نائب رئيس المجلس الذى رحب بالأخوة من بلدنا الأول مصر، والتى تعتبر أكبر دولة عربية فىغرب آسيا وتمتلك حضارة كبيرة ولديها عقول ذكية.
وأوضح أننا ندين العنف بكافة أشكاله، خاصة ما يحدث من عمليات إرهابية فى سيناء أو داخل مصر، مع ملاحظة أن خيوط تلك العمليات تنتهى إلى الموساد الإسرائيلى.
فى مدينة قُم
وقد كان ختام زيارة الوفد إلى مدينة قُم مسقط رأس الإمام الخومينى.. والتى تبعد عن العاصمة طهران بحوالى 150 كيلو مترًا حيث التقينا الشيخ آية الله حسن العراقى رئيس المجلس العالمى للتقريب بين المذاهب.. والذى أكد على ضرورة وحدة الأمة الإسلامية كواجب دينى وشرعى ومصلحة إسلامية عامة، فالقرآن أكد على وحدة الأديان، فضلًا عن وحدة الدين الإسلامى فى (سورتى الأنبياء والمؤمنون)، وقبل 50 عاما كان هناك مشروع بين الأزهر والمجمع الشيعى للتقريب بين المذهبين السنى والشيعى، ونحن حاليا نحاول إحياء هذا المشروع من خلال ثلاث مراحل: أولها تعريف المصطلحات والاتفاق على تفسيرها، ثم نشر الخطاب التقريبى وتعميمه، وثانيا ننفذ مشاريع ميدانية مثل جامعة المذاهب الإسلامية والتى يدرس بها حاليا ألف طالب من مختلف البلاد الإسلامية.
ثم هناك لجنة المساعى الحميدة، وتضم 40 شخصية إسلامية (من مصر د. جعفر عبد السلام) وقد عقدوا اجتماعهم الأول ببيروت والثانى فى تركيا، ثم هناك أيضا الاتحاد العالمى للنساء المسلمات.
وأضاف الشيخ محسن أن التقريب الذى نستهدفه هو «التعايش» فى سلام ومحبة بين السنة والشيعة.. وكذلك بين المذاهب الإسلامية المختلفة.
وبعد اللقاء وصلاة الظهر زرنا مسجد السيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام محمد الكاظم وأخت الإمام على الرضا وهما من الأئمة الأثنى عشر، طبقا للمذهب الشيعى، وحضرنا مواكب الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف حيث حلقات الذكر والدعاء وضرب الأكتاف والرأس والوجه بمجموعة من السلاسل الحديدية تكفيرا عن أخطاء المتخلفين عن عدم مؤازرة قمر بنى هاشم (كما يسمونه) الإمام الحسين رضى الله عنه فى حربه الشهيرة مع معاوية بن أبى سفيان وابنه يزيد من بعده واستشهاده فى مدينة كربلاء العراقية.
ومن المعروف أن الشيعة يعتبرون، سيدنا عليًا رابع الخلفاء هو أول الأئمة الاثنى عشر ، يليه الإمام الحسين، ثم ابنه على زين العابدين (السجاد)، ثم جعفر الصادق، ثم الإمام الكاظم، ثم الإمام الرضا.. وهكذا إلى أن يظهر الإمام الغائب.. ولذلك نجد شعارات على السيارات هناك مكتوبًا عليها «اللهم عجل الفرج لوليك» ويقصد بها الإمام الغائب الذى سيعود فى آخر الزمان الذى سيفرض العدل ويقضى على الجور والظلم.
ثم عدنا لطهران فى المساء للاستعداد للسفر ففوجئنا ونحن بالفندق بزيارة السفيرين خالد عمارة ومجتبى أمانى لتوديعنا.. واصطحبنا المرافقون داؤدو عادل وعبدالله حتى سلم الطائرة.. وعدنا ونحن نحمل الذكريات باللقاءات والأماكن.. والعديد من التساؤلات: لماذا لانستأنف العلاقات الطبيعية بين البلدين؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.