صوت الطابور المدرسى يدوى فى أحد الأحياء الموجودة بمدينة السادس من أكتوبر ولكن تختلف الكلمات قليلا، وعندما تقترب أكثر سوف تتأكد أن اللهجة والكلمات تختلف كثيرًا عن نظيرتها المصرية، وإذا أتيح لك أن تلقى نظرة على تلاميذ وطلاب تلك المدارس المنتمية لمراحل التعليم الإلزامى فسوف تلاحظ بالتأكيد أنهم مجموعات من الطلاب تختلف قليلا فى الهيئة وإذا سألت عما ينشدونه فى طابورهم فستأتيك الإجابة أنه النشيد السورى، وأن العلم الذى يحيونه هو علم سوريا (كل هذا على أرض مصرية) وقريب من المكان خارج المدرسة سوف يصادفك إعلانا مضمونه يشير إلى أن المدارس الفلانية.. مخصصة للطلاب السوريين الموجودين فى مصر فقط.. وأن المدرسين سوريين.. والادارة سورية». سكان ورواد مدينة 6 أكتوبر يتحدثون عن هذه المدارس التى انتشرت فى مدينتهم بشىء من الانزعاج خاصة أن الاعلان عنها منتشر على معظم الجدران وأعمدة الإنارة، ومثار الانزعاج والدهشة هو كيف تم السماح لهذا النوع من المدارس؟ وهل اقتصارها على السوريين فقط فيه نوع من التمييز؟ وهل تخضع العملية التعليمية فيها للقوانين المصرية المنظمة لذلك وتحت إشراف الوزارة المختصة وهى فى هذه الحالة وزارة التربية والتعليم؟ أسئلة كثيرة تتعلق بالظاهرة وتحتاج إلى إجابات. مشرفة سورية ديما شكرى إحدى المشرفات السوريات العاملات فى مدرسة أبناء الأندلس السورية قالت إن الفكرة جاءت للسوريين الموجودين فى مصر عندما انتقلت أعداد كبيرة منهم وكونوا جاليات سورية عقب الأحداث الدامية التى مازالت تجرى الان على الاراضى السورية لأكثر من سنتين محاولين أن ننقذ أنفسنا من الدمار الموجود هناك. وأضافت شكرى أن كثيرًا من الأسر السورية تحاول الاستقرار هنا للحصول على عمل ودراسة بالاضافة الى محاولات الاندماج داخل المجتمع لكن الاطفال ممن هم فى سن الروضة والمراهقة كان من الصعب عليهم الاندماج فى المجتمع المصرى، بالإضافة إلى الاندماج داخل المدارس المصرية، وذلك لاختلاف اللغة واللهجة والتى كانت تصعب عملية الفهم بالنسبة لهم، هذا بالإضافة الى الأعداد الكبيرة الموجودة فى الفصول المصرية فكانت تصعب عملية التحصيل العلمى بالنسبة لهم لافتة إلى أننا (تقصد السوريين) نحاول تخفيف الضغط على كاهل الحكومة المصرية. وتابعت كما أن العملية التعليمية هنا تختلف تماما عما يتم داخل المدارس السورية، فوجدنا انتشار ما يسمى بالدروس الخصوصية بصورة كبيرة وهذا ما لم نتعود عليه نهائيا فعندنا من يحصل على تلك الدروس يكون فى المواد الصعبة مثل الرياضيات او اللغة الانجليزية عدا ذلك نادرا ما تجد من يعطى تلك الدروس بعد الدوام، فالطالب يكتفى بالدروس والواجب المدرسى بعد الدوام. قرار وذكرت ديما ان السبب الرئيسى الذى جعلنا نذهب الى إنشاء تلك المدارس هو القرار الذى صدر من وزارة التربية والتعليم العام الماضى بمنع التحاق الطلاب السوريين بالمدارس المصرية بسبب صعوبة استيعاب المدارس لتلك الاعداد الكبيرة من الطلاب السوريين هذا بالاضافة الى بعض ان بعض الطلبة انتقلوا الى مدارس سودانية ليحصلوا على شهاداتهم الثانوية هناك على أن يعودوا لمصر مرة أخرى للالتحاق بالجامعات المصرية، مشيرة إلى أن شهادة الثانوية السودانية لا تقبلها الجامعات المصرية نظرا لاختلاف الدراسة والمناهج الدراسية بين الدولتين فسببت أزمة وارتباكا للطلاب نظرًا إلى ازدواج المناهج. ووصفت اللجوء إلى هذا الحل بأنه الخيار الوحيد المتاح للسوريين لعدم ضياع فرص أبنائنا فى الحصول على حقهم الطبيعى فى التعليم وعدم ضياع سنوات من مراحلهم العمرية للبحث عن طرق للتعليم. وقالت ديما إن الجالية السورية قدمت طلبا الى المنظمة العربية لحقوق الإنسان للسماح بإقامة مدارس سورية متخصصة وقدمت المنظمة طلبا بهذا الصدد الى وزارة الخارجية المصرية بالاضافة الى الحكومة المصرية والتى وافقت على هذا القرار، مشيرة إلى أن القرار استهدف إقامة مدرستين أو أكثر فى كل من منطقة شرق القاهرة ومدينة 6 أكتوبر وجنوب غرب القاهرة بما يتناسب مع مناطق الكثافة السكانية للاجئين السوريين فى مصر. وبسؤالها عن المناهج التى يتم تقديمها قالت المشرفة السورية اننا نقوم بتدريس المناهج المصرية الاساسية التى تقدم من خلال وزارة التربية والتعليم مع تقديم بعض المواد الإضافية الخاصة بالمناهج السورية. الأعداد «رقية . س» إحدى المعلمات العاملات بالمدراس السورية فى مصر، قالت ل «أكتوبر» إنه فى العام الماضى كانت أعداد الطلبة السوريين تقدر ب 500 طالب تقريبا أما العام الحالى وصلت الأعداد حوالى ألفين طالب أو أكثر، مشيرة أن الجالية السورية فى مصر تقدر بالآلاف الآن وعند الإعلان عن المدرسة زاد الاقبال عليها بشكل كبير نظرا للخدمة التى نقدمها والتى توفر الجو المدرسى السورى الذى كان يقدم فى بلادنا لافتة إلى أن المدرسة تقدم الدراسة للمراحل العمرية المختلفة ابتداء من الروضة إلى الابتدائى مرورا بالإعدادى ووصولا الى المرحلة الثانوية. وتابعت رقية أننا نحاول بقدر الإمكان الحفاظ على العادات السورية واللهجة السورية عند أطفالنا من خلال بعض المواد الإضافية التى نقدمها للطلاب والتى كان يتعذر تقديمها فى المدارس المصرية، لافتة أن ذلك لا يصعب اندماجهم ولكن نحاول بقدر الإمكان الحفاظ على الفلكلور السورى، مضيفة كما أن فكرة إقامة مدرسة بإدارة سورية وأساتذة سوريين ساعدت فى فتح باب من العمل أمام العديد من الشباب السوريين اللاجئين فى مصر فهم أكثر العناصر التى تستطيع تقديم تلك الخدمة بشكل أفضل بالإضافة الى فتح مجال للعمل أمام شباب مصريين ولكن فى المجالات الإدارية الأخرى داخل المدرسة فهم الأجدر بها لمعرفتهم بالظروف الموجودة داخل البلاد سواء فى النقل أو الإدارة، مشيرة إلى أن المدرسة بدأت خلال العام الحالى فى افتتاح فروع لها فى الحى الأول والثانى بمدينة أكتوبر. لا خطر ومن جانبها قالت د. فاطمة الشناوى أستاذة علم الاجتماع أن ظهور تلك الظاهرة لا يمثل ضغط كبير على المجتمع المصرى بل على العكس فقد ظهرت بعض المدارس السودانية عندما زادات أعداد اللاجئين السودانيين، موضحة أن تلك المدارس لا خطر منها إذا كانت تخضع للقوانين المصرية التى تنظم العملية التعليمية وكذا تخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم، لافتة إلى أن عدد السوريين الموجودين الآن تجاوز رقم العشرين ألف فرد متركزين فى القاهرة والجيزة. وتابعت د. فاطمة: لابد من إشراف دورى من خلال وزارة التربية والتعليم على تلك المدارس لمعرفة نوعية الدراسة التى يتم تقديمها وما إذا كان هناك اى خلل فى المنظومة التعليمية حتى لا يتخرج طالب ينتمى إلى أفكار متباينة مع مجتمعنا وبالتالى قد تنشر أفكارا لا نعلم مصدرها أو لا نستطيع ان نتصدى لها فالوقاية خير من العلاج، مضيفة أن الخوف يأتى مثلما فعلنا عندما سمحنا بفتح مدارس أجنبية أمريكية وبريطانية والتى صدرت لنا افكار غريبة لم نستطع معالجتها حتى الآن.