بينما تمضى الصين بخطوات أسرع نحو رفع معدلات النمو الاقتصادى، تمكنت منافستها الآسيوية الهند من إحراز تقدم عليها فى السباق الفضائى بينهما بعد أن أعلنت عن نجاح أول بعثة هندية إلى كوكب المريخ فى مغادرة مدار الأرض متفوقة على الصين التى أعلنت فى التوقيت ذاته عن إطلاق مركبة فضائية للهبوط على سطح القمر. وقال المتحدث باسم منظمة أبحاث الفضاء الهندية إن العملية، التى يطلق عليها «الحقن عبر المريخ»، وضعت المركبة الفضائية «مانجاليان» فى طريق رحلة ال 680 مليون كيلومتر إلى الكوكب الأحمر وإنه من المقرر إدخالها فى مدار الكوكب فى سبتمبر 2014. وسوف تقوم بدراسة سطح المريخ وتكوين المعادن فيه، بالإضافة إلى البحث عن غاز الميثان فى الغلاف الجوى للكوكب الأحمر، مما يعزز فى حال إثبات وجوده فرضية أن يكون الكوكب عرف فيما مضى شكلا من أشكال الحياة. وتأتى مهمة الفضاء الهندية إلى المريخ بعد خمس سنوات من إرسال الهند بنجاح أرخص مهمة فضائية إلى القمر وتمكنها من رصد وجود مياه على سطحه، وهى أول بعثة هندية بين الكواكب وبدأ التحضير لها فى عام 2012 وأشرف عليها نحو 500 عالم هندى وبلغت تكلفة المركبة مانجاليان (وتعنى بالهندية مركبة المريخ) حوالى 73 مليون دولار، مما يجعلها الأقل تكلفة فى تاريخ هذه المهمات حتى الآن، حيث إن تكلفة المركبة «مارفن» التى سوف تطلقها وكالة ناسا الأمريكية قريبا نحو المريخ بلغت 671 مليون دولار. ويرجع المراقبون انخفاض تكاليف المشاريع الفضائية الهندية مقارنة بنظيرتها الأمريكية إلى انخفاض أجور العاملين فى الهند حيث إن المهندس الإلكترونى فى الولاياتالمتحدة يتقاضى فى المعدل أكثر بقليل من 120 ألف دولار، وفقا لموقع «سالارى.كوم» فى حين أن نظيره فى الهند يتقاضى، وفقا لموقع «جلاسدور.كوم»، نحو 12 ألف دولار سنويا فى شركة مثل سامسونج الهند. ومن ناحية أخرى، يرى مدير معهد «رايس سبيس» ديفيد الكسندر أن هدف الهند الرئيسى هو فقط الوصول إلى المريخ لإظهار قدرات الهند التقنية ولهذا فإن مركبتها الفضائية تحمل فقط أجهزة بسيطة نسبيا وليست معدات باهظة التكاليف. ورغم ذلك، تعرضت الهند لانتقادات بسبب إنفاقها هذا المبلغ على مشاريع الفضاء فى الوقت الذى يعانى فيه ملايين السكان من الفقر وسوء التغذية، غير أن المدافعين عن المشروع يشيرون إلى انخفاض التكلفة نسبيا ويقولون إن التطور التكنولوجى اللازم لتعزيز المهمة قد يفضى إلى استفادة غير مباشرة لأنشطة أخرى فى البلاد. يذكر أن أكثر من نصف عدد المهام الفضائية السابقة إلى المريخ قد باءت بالفشل، وإذا ما نجحت المركبة الهندية فى مهمتها، ستكون منظمة أبحاث الفضاء الهندية هى الرابعة على مستوى العالم، بعد وكالات الفضاء الأمريكية والأوروبية والروسية التى ترسل مركبة فضائية إلى الكوكب الأحمر، وستصبح الهند أول دولة آسيوية تصل إليه مع العلم أن كلا من الصين واليابان قد حاولا من قبل ولكنهما فشلا حيث تفككت المركبة الصينية أثناء رحلتها إلى المريخ فور خروجها من المدار الأرضى واحترقت فى الغلاف الجوى. ومن جهة أخرى، أطلقت الصين بنجاح مسبار «تشانج اه- 3» إلى القمر، وذلك فى إطار سعيها لأن تصبح أول دولة تنجز هبوطا قمريا منذ هبوط المركبة الروسية «لونا- 24» على القمر فى عام 1976، وتعد هذه هى المرة الأولى التى ترسل فيها الصين مركبة فضائية للهبوط على سطح القمر بمنطقة أطلق عليها «قوس قزح». ومن المقرر أن يهبط المسبار «تشانج اه- 3» على سطح القمر فى منتصف ديسمبر المقبل لتوصيل أول عربة استكشاف صينية ذاتية الحركة وهى مجهزة خصيصا للتنقل على سطح القمر ويتم التحكم فيها عن بعد، وأطلق عليها اسم «يويتو» أو «الأرنب الأبيض اليشمى» وهو من الأساطير الصينية وكان يعيش على سطح القمر وذلك لإجراء استكشافات جديدة لسطح القمر ومسح جيولوجى له والبحث عن الموارد الطبيعية من عناصر مادية وجيولوجية. وتعتبر بعثة «تشانج اه- 3» المرحلة الثانية من البرنامج الصينى الخاص بالقمر، والذى يتكون من ثلاث مراحل. وفى إطار مرحلته الأولى قامت الصين فى عام 2007 بإطلاق ناجح لمسبار «تشانج اه- 1» الذى عمل على مدار القمر خلال 16 شهرا، الأمر الذى سمح للعلماء الصينيين برسم خارطة ثلاثية الأبعاد لسطح القمر، وفى عام 2010 أطلقت الصين مسبارا ثانيا قام بتصوير المناطق التى يمكن أن يهبط فيها مسبار «تشانج اه- 3». وفى عام 2017 ستقوم الصين فى إطار المرحلة الثالثة لبرنامجها بإطلاق مسبار جديد من المقرر أن ينقل عينات تربة القمر إلى الأرض. ويعد برنامج الفضاء الصينى من أولويات الحكومة الصينية بعد أن دعا الرئيس الصينى شى جين بينج لأن ترسخ الصين نفسها كقوة عظمى فى مجال الفضاء.