عقب ثورة 25 يناير.. واجه الآلاف من أطفال مصر مصيرًا مفزعًا حين وجدوا من يتلاعبون بأحلامهم الصغيرة.. ويتاجرون ببراءتهم.. فقدموهم قرابين فى محراب السياسة المدمج بالعنف والمخضب بالدماء.. ليسقط هؤلاء الأطفال ضحايا لفساد الذمم وغياب الضمائر.. بينما رقص المجرمون رقصتهم الأخيرة على جثثهم الصغيرة فى محاولة لتزيف الوعى وخداع العالم بمسرحية جعلوا الأطفال يتقمصون فيها دور البطولة الكاذبة.. وفى هذا التحقيق.. طرحت «أكتوبر» قضية الاستغلال السيئ للأطفال بعد ثورة 25 يناير وما تلاها من أحداث ومظاهرات واعتصامات.. حتى لا تتكرر هذه المأساة مرة أخرى. عن هذه الظاهرة تقول عايدة نور الدين، خبير حقوق المرأة والطفل ورئيس جمعية المرأة والتنمية بالإسكندرية، نزول الأطفال المظاهرات يعرض حياتهم للخطر فطبقا للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل يجب ألا يشترك الأطفال فى مظاهرة أو مسيرة، خاصة إن كان بها عنف ويوجد الآن قانون ينظم التظاهر وهناك خطوات يجب اتباعها لفض هذه المظاهرة فمن يشرك الأطفال فى هذه المظاهرات فهو متهم ولابد أن يعاقب ويحاكم بموجب قانون اتفاقية الطفل الموقعين عليها الذى ينص على 14حالة بموجبها يكون الطفل فى خطر سواء كان نفسيًا أو جسديًا وأشارت إلى أنه اذا كان الخطر جسديًا يعالج بالمستشفى أما إذا كان نفسيًا فلابد من تخصيص دور رعاية لإعادة تأهيلهم نفسيا للخروج إلى المجتمع مرة أخرى، وأكدت أنها ضد خروج الأطفال بالمظاهرات أو استخدامهم كدروع بشرية فى الاعتصامات وما يتعرضون له من قتل وإصابات ففى مظاهرات الإسكندرية مثلا يستخدمون الأطفال ويعلنون أنهم مضربون عن الطعام اعتراضا على الحكم الصادر ضد عدد من الفتيات.. فبذلك يتعلم الطفل عدم احترام القضاء، وأوضحت عايدة: حتى تظل مصردولة قوية يجب احترام سيادة القانون على الجميع، وتشير إلى أن التأثير النفسى على هؤلاء الأطفال وما يتعرضون له فى المظاهرات والاعتصامات سوف ينشئ طفلًا لا يوجد لديه انتماء لوطنه وسوف يكون مؤهلًا لنشر الفوضى فيما بعد فكيف أعرض طفلى للخطر وأشركه فى مظاهرة مخالفة للقانون وعلى الجمعيات الحقوقية أن تقوم برصد الأطفال المتضررين من ثورات الربيع العربى وحمايتهم ورفع قضايا على كل من عرض حياة هؤلاء الأطفال إلى الخطر سواء كان نفسيًا أو جسديًا ومحاولة تأهيلهم نفسيا وتوفير بيئة ومناخ ملائم لهم. ضحايا العنف من جانبها، أكدت د. سوسن الفايد أستاذ علم الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية: أن الأطفال فى دول الربيع العربى تم استغلالهم من جميع النواحى سواء استغلال براءتهم أو السن الصغيرة للتأثير فى الرأى العام وأصبحوا ضحايا دون قصد، وأكدت أن من المفترض أن البلاد التى بها ثورات وعنف أن تضع استراتيجية لحماية حقوق الطفل على المستوى الدولى ووضع آليات وتقنيات لكيفية حمايتهم ومنع استغلال الأطفال أو أن يصبحوا ضحايا، وأشارت إلى أنه من الصعب منع استغلال الأطفال بصورة قاطعة ولكن المنظمات الحقوقية تقوم بمحاولة تخفيف تعرض الأطفال للعنف واستغلالهم، وما يمثله هذا من تأثير نفسى شديد القسوة على الطفل. وهو بمثابة روح ملائكية بريئة، مما يجعله وسيلة مضمونة ومدهشة فى تأثيرها لكل أنواع الدعاية، بدءاً من إعلانات المنتجات وانتهاء بالصراعات السياسية والعسكرية، وأشارت د. سوسن إلى ضرورة أن تكون هناك قوافل نفسية بعد اجتياز كل مرحلة نفسية للمناطق التى تم تعرض الأطفال فيها للاستغلال وتقوم بعمل دراسة على الحالات وتبدأ معالجتهم بفكر جماعى أو فردى حتى يجتازوا الأزمة، وأضافت أن الأطفال بدأوا اكتشاف العالم ووجدوا أن هناك فجوة بين القول والفعل وأن الأيديولوجية السياسية أهم من الأيديولوجية الدينية فحدث تذبذب فى شخصية الطفل وفكرة. وأوضح د. محمود عبد الحليم أستاذ علم النفس التربوى بجامعة الإسكندرية أن الإخوان قاموا باستغلال الأطفال استغلالًا سيئًا للغاية مما عرض الطفل إلى صدمة يحتاج بسببها إلى علاج نفسى وتوفير كافة الجهود لمحاولة تخطى هذه الأزمة التى تعرض ولها فهم بحاجة إلى برامج توعية، لأن ما تم بثه دخل عقولهم خطير جدا وجعل لديهم كراهية لوطنهم، وأكد د. محمود أن الإعلام له دور مهم من خلال بث برامج توعية وإرشاد للأسرة بمطالب النمو النفسى للطفل وتأثره بسبب تعرضه لمثل هذه الأحدث كما أنه على المدرسة أيضًا دورا مهمًا من خلال قيام الأخصائى النفسى والاجتماعى بدراسة الحالة النفسية والاجتماعية للطفل ومحاولة الوصول إلى نتائج لمعالجته وكيفية تنمية عقله وتغيير الأفكار الخاطئة التى اكتسبها مما تعرض إليه. من جهة أخرى أكد صلاح عبد الحميد مستشار التنمية السياسية بالمجلس الأوروبى للمرأة والطفل ضد التحرش والاغتصاب والمتاجرة بالاتحاد الأوروبى على أهمية رعاية حقوق الأطفال باعتبارهم الحلقة الأضعف ومن السهل التحكم فى حقوقهم من على بعد وهم الفئة الأكثر تأثرا بمدى نجاح واستقرار المجتمع أو تعرضه للصراع السياسى والفساد الأخلاقى إلى الدرجة التى تم فيها استغلالهم واستخدامهم كأدوات وأوراق ضغط وإظهارهم فى المشهد السياسى، كما حدث فى اعتصام رابعة العدوية حين اسخدموا كدروع بشرية، وكتبوا على ظهورهم مشروع شهيد، ولابد من تعليم الطفل بمفهوم كلمة الشهيد وأن الشهيد يقدم نفسه طواعية دون إجبار من أحد لا يقوم والداه بإجباره على شىء هو لا يعى معناه ولا يعلم ما معنى كلمة شهيد التى خطوها على ظهره وبهذا يتضح لنا تجرد القائمين بها من أبسط معانى الإنسانية والضمير من هذا الاستغلال الشائن لفلذات الأكباد بهذه الصورة الوحشية ووضعهم كدروع بشرية، واستخدامهم فى الحرب الدعائية المشبوهة وهو انتهاك صارخ لحقوق الطفل الذى أقرته المواثيق الدولية وأبعد ما يكون عن الضمير والنزعة الإنسانية. وأكد عبد الحميد أن ثورة 25 يناير أفرزت الوعى والمعرفة للطفل بما يدور على الساحة المصرية وزرعت فيه حب الانتماء والوفاء للوطن بحمل العلم المصرى ورسم علم مصر على الوجه و الأيدى والخروج فى مظاهرات تأييد للجيش والشرطة وهى شهادة ميلاد جديدة لحب الطفل للتعبير عن رأيه بالرفض حتى فى البيت. المنحنى يتراجع ولكن بعد فترة أخذ منحنى الطفل فى مصر بعد ثورة 25 يناير يتراجع إلى الأسوأ فى كسب المادة واتجهت بوصلة الأطفال إلى كل من يدفع لهم أكثر لمهاجمة رجال الجيش والشرطة دون وعى منهم بخطورة ذلك عليهم. ويطالب المستشار صلاح عبد الحميد بعدم استغلال الأطفال فى المسيرات الانتخابية القادمة والرفض بشدة، لأى سلاسل بشرية من الأطفال على الطريق حاملين صور أى مرشح قادم، كما حدث فى سيناريو الجماعة فى انتخابات الرئاسة، وذلك بهدف استغلال براءة الأطفال للتأثير على عواطف البسطاء، وأن تتحرك كل أجهزة ومؤسسات الدولة نحو اتخاذ الإجراءات القانونية التى يكفلها القانون حيال استخدام أطفال لم يتجاوزوا ال 18 عاماً فى أعمال تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها لهم وفقاً للمادة 96 من قانون الطفل 126/2008 الذى ينص على أن يعاقب بغرامة لا تقل عن 200 جنيه، ولا تتجاوز 1000 كل من حرض أو استخدم أطفالاً استغلالاً تجارياً أو سياسياً، وذلك وفقاً للمادة 114 من قانون الطفل التى تنص على معاقبة كل من سلم إليه طفل وأهمل فى أداء واجباته إذا ترتب على ذلك تعريض الطفل للخطر فى إحدى الحالات المبينة فى القانون. كما يعاقب وفقاً للمادة 291 من قانون العقوبات بالسجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه كل من مس بحق الطفل واستغله فى أعمال تندرج تحت الاتجار بالبشر، بتسليمه أو تسلمه أو تجنيده فى تلك الأعمال غير المشروعة، وتضاعف العقوبة إذا ارتكبت من قِبل جماعة إجرامية منظمة.