«كم ذا بمصر من مضحكات.. ولكنه ضحك كالبكاء».. هذه الجملة التى قالها الشاعر أبو الطيب المتنبى قبل قرون تكاد تنطبق على الكثير من الأحوال التى تمر بها مصر فى الوقت الحاضر.. ومن هذه المضحكات التى تدفع للبكاء أن يتم تجاهل عميد الأدب العربى طه حسين، وعدم الاكتراث بما تركه لمصر والعالم العربى من كنوز معرفية وفكرية لا تجد من يزيح عنها تراب الزمن لتستفيد منها الأجيال الحالية والقادمة. وبمناسبة الذكرى الأربعين لرحيله فى نهاية شهر أكتوبر وذكرى ميلاده فى شهر نوفمبر.. التقت «أكتوبر» مع د. مها عون حفيدة عميد الأدب العربى وهى والمتحدث الرسمى حول كل ما يخص ذكرى جدها طه حسين ماديًا وأدبيًا.. حيث عبّرت عن حزنها الشديد على إهمال تراث جدها حتى إنها لا تجد ناشرًا يوافق على طباعة كتابه الأخير «دنيا القرآن» ولو بالمجان. هى د. مها أبو المعاطى عون حفيدة محمد حسن الزيات وزير الخارجية الأسبق وحفيدة السيدة أمينة طه حسين وهى إحدى خمس شخصيات مازالت باقية من عائلة عميد الأدب العربى الأحياء بعد أمينة مؤنس طه حسين التى تعيش فى باريس وحسن وسوسن محمد الزيات وجمال أبو المعاطى أخاها وهى الموكلة رسميا من الأسرة للتعامل فى كل ما يخص ذكرى جدها طه حسين ماديًا وأدبيًا، حيث إن البقية لا يفضلون الظهور للعلن. تقول د. مها إنها تأثرت كثيرًا بكتابات جدها التى تظهر مدى صدقه وبحثه الدؤوب وفكره المستقل الحر المعتمد على الشك والبحث عن الحقيقة والعودة للمصادر والأصول لكل شىء.. وقالت إن أكثر ما يزعجها هو الفكرة الشائعة عن طه حسين إنه فقير وأعمى واستطاع أن ينجح ولا أحد يعرف حقيقة كتاباته وأفكاره وإنجازاته الا القليل، فهو الذى أنشأ كلية الآداب ولم يكن أديبًا وكاتبًا فقط. وإنما كان مؤرخًا ومعلمًا ومترجمًا للعديد من الكتب القيمة من اليونانية والفرنسية كما استطاع أن يناقش الدين بحرية وعقلانية ويقدم فلسفته فى سياسات التعليم والثقافة فى مصر فى كتابه «مستقبل الثقافه فى مصر» حيث كان سابقا لزمنه فلو قرأت كتاباته الآن لاعتقدت أنها كتبت اليوم، كما أنه أول مصرى يحصل على درجة الدكتوراه العلمية. وتضيف د. مها التى تعمل استشارية للصحة العامة بمكتب الأممالمتحدة لمكافحة الإيدز أنها رزقت بالطفل «طه» 4 شهور أول حفيد يحمل اسم جد العائلة والذى تتمنى أن يمنحه الله شيئا من علمه ومواهبه. وعن الحياة الخاصة لعميد الأدب العربى تقول د. مها إنه كان بالغ الرومانسية مع زوجته «سوزان» وعاشقا لأبنائه مؤنس وأمينة كما كان متدينا متعمقا فى الشأن الدينى على الرغم من الاتهامات الظالمة التى وجهت إليه والتى أتمنى أن يناقشنى فيها كل من يختلف معه أكثر من مجرد الحديث عن حياته مع معجبيه ومن أهم تلك الاتهامات اتهامه بالإلحاد والخروج عن الدين الإسلامى وانتقاد القرآن ولا تجد تلك الاتهامات تصدر إلا من أشخاص هم فى الحقيقة جاهلون بكتاباته وفلسفته وحقيقة عشقه للقرآن الكريم الذى اعتاد أن يستمع له يوميا كما كان يترجمه لزوجته «سوزان» حتى ظلت هى على إثره تستمع للقرآن كما كان يفعل يوميا، إنما جاء هذا الاتهام من اعتباره أن الشعر الجاهلى كتب بعد نزول رسالة الإسلام فى كتابه «فى الشعر الجاهلى» كما أن التحليل التاريخى لا يمكن ان يعتمد فقط على القرآن الكريم. إنما على موارد أخرى ومصادر متعدده حيث لا يمكن اعتبار القرآن المصدر الوحيد وما يؤكد تدينه كتبه «مرآة الإسلام» و«الشيخان» وكتابه الشهير «على هامش السيرة» بالإضافة لكتابه «دنيا القرآن» الذى لم ينشر بعد حيث نبحث له عن ناشر ولو بدون مقابل ونقابل بالرفض بدون إبداء أسباب! ولأننا نهدف فى الأصل لنشر علمه وأعماله لذلك قدمنا أعماله الكاملة لموقع إحدى دور النشر بهدف تسهيل الوصول لها مجانا كما قدمنا نسخًا رقمية كاملة لجامعة الإسكندرية من جميع أعماله ووثائقه ورسالة لترفع على مواقع «ذاكرة مصر المعاصرة». وتؤكد مها أن أكثر ما يحزنها عدم توافر أعمال جدها طه حسين فى المكتبات فى متناول القارئ أو الباحث وكذلك عدم الاستفادة منه كباحث ومفكر وعدم اهتمام الحقل الثقافى ومؤسسات النشر الرسمية بأعماله بخلاف الكثير من كتاب وأدباء مصر لذلك أنوى التوجه للهيئة العامة للكتاب لمحاولة التعاون معهم.