مازال المشهد السياسى فى السودان حافلاً بكثير من التفاعلات والتناقضات أيضًا.. فمن انشقاق فى الحزب الحاكم إلى استفتاء من جانب واحد فى أبيى إلى قتال فى دارفور، لتأتى كلمات الرئيس عمر البشير أثناء افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان فى محاولة لإيضاح موقف النظام من كثير من القضايا، ومحاولة أخرى للتهدئة مع المعارضة. وأوضح البشير فى كلمة له خلال افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان الاثنين الماضى أنه اتفق مع رئيس جنوب السودان سلفا كير على إنشاء شرطة ومؤسسات مدنية انتقالية فى أبيى، والسعى إلى حل للنزاع حول المنطقة يكون مرضيًا للطرفين، وأكد أنه سيواصل التعاون مع سلفا كير من أجل الوصول إلى حل نهائى لقضية أبيى لكى تتمكن المجتمعات المحلية من العودة إلى حياة طبيعية تزيل الضغائن وتمهد لمستقبل تسوده الطمأنينة وروح التعايش السلمى. ويأتى خطاب البشير بعد أيام قليلة من انشقاق مجموعة من قيادات حزبه الحاكم، من ينهم مستشاره السابق غازى صلاح الدين العتبانى، الذى أعلن أنه سيشكل حزبًا جديدًا، وذلك بعد إدانته لحملة القمع التى شنتها حكومة البشير ضد المتضاهرين. وربط الرئيس السودانى بين الإصلاح والتغيير الذى طالب به منشقون عن الحزب الحاكم، بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عام 2015، وذلك فى رد ضمنى على المنشقين الذين شرعوا فى تأسيس حزب جديد. ودعا كل القوى السياسية إلى الإعداد الجيد والمبكر لها، وتعهد بأن تتم بنزاهة وشفافية، مشيرًا إلى أن الأيام القادمة ستشهد بداية حوار فى شأن إدخال تعديلات على قانون الانتخابات. كما أعلن الرئيس السودانى عن توقيف 58 من المتورطين فى التظاهرات المناهضة لزيادة أسعار الوقود فى سبتمبر الماضى، مؤكدًا أنهم «سيمثلون أمام المحاكم لينالوا جزاءهم». وكانت احتجاجات على قرار حكومى برفع الدعم عن المحروقات قد تحولت إلى مطالبات بإسقاط النظام، وأطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين. وأشارت تقارير إلى سقوط ما لا يقل عن 50 قتيلاً، إضافة إلى اعتقال المئات. استفتاء أبيى وكانت قبيلة «دينكا نقوق» فى جنوب السودان قد أجرت استفتاء من جانب واحد حول تبعية منطقة أبيى الحدودية المتنازع عليها بين دولتى السودان وجنوب السودان. وأكد الناطق باسم اللجنة العليا لاستفتاء أبيى د.لوكا بيونق انطلاق عملية الاقتراع على الاستفتاء الشعبى، وأشار إلى الإقبال الكبير من قبل المواطنين. وأكد وجود مراقبين أجانب لمتابعة الاستفتاء، وأضاف أن هناك تحديات تواجه قبول نتائج الاستفتاء وذلك يستدعى عملاً دبلوماسياً ضخمًا لإقناع الجميع بتلك النتائج بما فيها الخرطوم وجوبا والاتحاد الأفريقى. من جهتها قللت الحكومة السودانية من شأن الاستفتاء، وقالت إنه خارج الأطر القانونية المنصوص عليها فى الاتفاقات مع الجنوب. وحذرت مما أسمته بالإجراء الأحادى. وحّملت المعارضة السودانية البلدين مسئولية الفشل فى تسوية الأزمة، وحذرت من أن يؤدى التسويق فى حل القضية لاندلاع حرب جديدة يدفع ثمنها الشعبان. وكانت قبيلة المسيرية العربية المقيمة فى أبيى قد رفضت الاستفتاء، وهددت القبيلة باجتياح المنطقة إذا أقدمت الدينكا على ضم أبيى إلى جنوب السودان. اتهامات الاتحاد الأفريقى وفى بيان للاتحاد الأفريقى اتهم السودان بسبب رفضه إدخال أعضاء فى مجلس السلم والأمن بالاتحاد إلى منطقة أبيى. وقال المجلس إنه «يعبر عن بالغ أسفه لعدم تمكنه من زيارة «أبيى» التى كانت مقررة الأسبوع الماضى، بسبب إصرار السودان على تأجيل الزيارة لدواع أمنية ليست مستجدة. وطلب الاتحاد من السودان الامتناع عن عرقلة عمل المجلس، وأن يتعاون بشكل كامل دعماً لجهود الاتحاد الأفريقى الهادفة لتسوية الوضع فى أبيى. فى المقابل أكد وزير الخارجية السودانى على كرتى أن تأجيل زيارة وفد الاتحاد الأفريقى لأبيى جاء بسبب إجراء مشاورات لتحديد الوقت المناسب لتلك الزيارة. وجدد كرتى التزام السودان بقرارات الاتحاد الأفريقى على كل مستوياتها. اشتباكات دارفور وفى سياق آخر دارت اشتباكات مسلحة بين الجيش السودانى وحركة تحرير السودان - جناح عبد الواحد نور- الأسبوع الماضى بالقرب من مدينة «مليط» فى شمال دارفور. وتضارب تقييم الخسائر فى المعلومات الواردة من طرفى النزاع، فبينما قللت الخرطوم من الحادث وأن قواتها قتلت خمسة من المهاجمين بدون أية خسائر فى صفوفها، أكدت حركة تحرير السودان أن مسلحيها دخلوا المدينة ثم انسحبوا منها بعد أن قتلوا 15 عنصرًا من القوات الموالية للحكومة وفقدوا عنصرين فقط. وكانت اللجان الأمنية فى 3 ولايات بإقليم دارفور قد قررت تشكيل قوة مشتركة للتصدى للمتمردين الرافضين للسلام فى المنطقة. وأكد الناطق باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمى خالد أن مدينة «مليط» ومواطنيها لم يتأثروا بهذا الحدث المحدود والذى جرى خارج المدينة. من جانبه أكد رئيس السلطة الإقليمية لدارفور التيجانى سيسى تصاعد وتيرة النزعات القبلية بسبب انتشار السلاح بيد القبائل، مشدداً على ضرورة وجود جيش قوى، وضبط عمليات انتشار السلاح بالمنطقة. وكان ممثل الاتحاد الأوروبى بالخرطوم توماس يوليشينى قد رأى أن هذا استمرار لدعم الاتحاد الأوروبى للسلام فى دارفور بتوفير الأمن والاستقرار، وتسهيل إجراءات تأشيرات الدخول للمنظمات الدولية، والتنسيق مع الجهات الحكومية.