إن ما يجرى على الأرض الليبية من أحداث، أولها استمرار الانفلات الأمنى وعمليات الاغتيال والتفجيرات، واقتحام الوزارات وموانئ النفط من جانب الميلشيات المسلحة وتحولها إلى موقع لتهريب الأسلحة وتصدير الإرهاب، يعنى أن النتيجة الأهم للحرب الأطلسية التى أطاحت بالقذافى كانت فوضى عصفت بليبيا. وبدلاً من أن تأتى بالحرية والديمقراطية جاءت بالخراب والفوضى. واستكمالاً لمسلسل الأزمات فقد اشتعلت الأزمة بين د.على زيدان رئيس الحكومة، وحزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بعدما أعلن محمد صوان رئيس الحزب سعى حزبه المشارك فى الحكومة إلى الإطاحة بزيدان وتوفير النصاب القانونى لعزله فى المؤتمر الوطنى العام (البرلمان). تفجر غضب الإخوان من زيارة زيدان إلى القاهرة وبدأوا فى تحريك موالين لهم للدعوة إلى الإطاحة بالحكومة. النصاب القانونى ويتكون المؤتمر الوطنى -البرلمان- من 200عضو، لكنه فقد ما لا يقل عن 20 عضوا منذ تأسيسه عقب الانتخابات البرلمانية العام الماضى، وذلك بسبب الاستقالات أو اعتراض هيئة النزاهة عليهم بموجب قانون العزل السياسى. ويهيمن تحالف القوى الوطنية -الليبرالى- والذى يقوده د.محمد جبريل على غالبية المقاعد ال 80 المخصصة للكتل والأحزاب السياسية داخل البرلمان، بينما يحل حزب «الإخوان» فى المرتبة الثانية. ووفقاً للائحة المؤتمر الوطنى فإن عزل زيدان يتطلب موافقة 120 عضواً، وذلك لن يتوافر بسهولة بسبب رفض عدد من النواب المستقلين إقالة زيدان. ويرفض العديد من أعضاء تحالف القوى الوطنية محاولات «الإخوان» للإطاحة بزيدان، وحذروا من وقوع البلاد فى أزمة فراغ فى السلطة إذا ما تمت إقالة زيدان، الذى يعد رابع رئيس وزراء ليبى خلال عامين. وكان محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء قد أعلن أنه نجح فى الحصول على دعم 100 من أعضاء المؤتمر لسحب الثقة من حكومة زيدان، مهدداً بالانسحاب نهائياً منها احتجاجاً على سياسات زيدان. زيدان يفضح الإخوان وفى مؤتمر صحفى نقل وقائعه التليفزيون الليبى السبت الماضى، قال زيدان «إن أعضاء حزب العدالة والبناء المنتمين إلى جماعة الإخوان كانوا ضد ترشحى لرئاسة الوزراء عندما كنت عضوا بالمؤتمر الوطنى وكانوا أكثر الناس محاربة لى». ويستكمل «ورغم ذلك دعوتهم بما تقتضيه مصلحة الوطن، وقبلوا على مضض المشاركة فى حكومتى وحصلوا فيها على 5 وزارات سيادية هى النفط والإسكان والاقتصاد والشباب والرياضة بالإضافة إلى منصب نائب رئيس الوزراء». وبخصوص زيارته إلى مصر، قال زيدان «لم أذهب لأبارك أو أهنئ، ولكن لأتحدث فى العلاقات الليبية -المصرية والمصالح الليبية التى تربطنا بمصر للحفاظ على المصالح». وأكد «أنا زرت مصر من أجل ليبيا، وأنا لست مرتبطاً بأى أحد فى الخارج لا حزب ولا جماعة أنا أبايع ليبيا والشعب الليبى». وتابع زيدان «لا أحد يستطيع أن يزايد بأن أداء الحكومة ضعيف فلديهم -الإخوان- خمس وزارات مهمة، والوزراء موجودون ولهم مطلق الحرية ومطلق الصلاحية». ورأى زيدان أن المشاكل التى تواجهها ليبيا ليست بسبب إهمال الحكومة، لكنها بسبب الوضع الصعب والمعوق الذى يواجه الحكومة والذى لا يساعد على الانطلاق ويحتاج إلى الصبر. ويعتزم زيدان إجراء تعديل وزارى وشيك فى حكومته المكونة من 29 وزيرًا. تداعيات وأزمات أعقاب زيارة زيدان للقاهرة أصدر الشيخ صادق الغريانى مفتى ليبيا بياناً بعنوان «اللعب فى الوقت الضائع» يطالب فيه حكومة زيدان بالرحيل وتقديم استقالتها، وقال «نصيحتى للحكومة أن التمسك بالبقاء مع العجز لعب فى الوقت الضائع يدفع فيه الوطن الثمن باهظاً». من جهة أخرى أعلنت كتيبة ثوار طرابلس أنها ستشن حملة اعتقالات تطال شخصيات معروفة فى النظام السابق، مشيرة إلى أنها اعتقلت فوزية شلابى وزيرة إعلام القذافى لأنها خالفت الاتفاق المشروط لإطلاق سراحها، إذ قامت باتصالات مع جهات مشبوهة بالخارج، وأنها تمارس أعمالاً ضد ثورة 17 فبراير. وقالت الكتيبة إنه تم التحفظ على شلابى فى مكان آمن وسيتم استكمال التحقيقات معها. وبينما نفت الحكومة أن تكون قد دفعت أموالاً مقابل إخراج مجموعة مسلحة عن ابنة رئيس المخابرات السابق عبدالله السنوسى، نفى وزير العدل صلاح المرغنى علاقته بأى قرارات إخراج أو حبس لبعض المتهمين، وأكد أن ذلك شأن خاص بالسلطة القضائية فقط. كما نفت بعثة الأممالمتحدة للدعم لدى ليبيا صحة تقارير حول اتصال تم بين طارق مترى، ممثل الأممالمتحدة، والجهة التى تضرب حصاراً على المنشآت النفطية فى ليبيا. ** نموذج ليبيا، ومن قبل العراق، وما قد يلحق بهما من دول عربية لا يبشر بالخير أبداً، إنما بمزيد من الخراب والدمار، لأن حرب المصالح التى تخوضها الدول الغربية فى وطننا العربى تشكل فى جزء أساسى منها مصلحة إسرائيل، كى تبقى قوية ومتفوقة دون أى خطر يتهددها. هذا كل ما يريده الغرب منا، يبرر حروبه واعتداءه علينا بقيم إنسانية وأخلاقية ووعود كاذبة بالديمقراطية والحرية، ثم يتركنا حطامًا متناثرًا تتصارع ذراته مع بعضها البعض.