، وبينما يعتمد بناء الحكاية كلها على تقديم نصائح وقواعد وطرق إيقاع المرأة بالرجل الذى تحبه، من أول أسلوب لفت النظر إليها، وانتهاء بدخول الكوشة وقفص الزوجية، يعود الفيلم ليؤكد أن كل ذلك لايغنى عن إعجاب الرجل أولاً بالمرأة، طيب إذا كان الرجل معجباً أصلاً بامرأة، فما لزوم كل هذه الاستشارات، وكثير منها ظريف فعلاً؟ هذا التناقض يجعل الجزء الأخير من الفيلم وهو أفضل ما فى الفيلم، مجرد كلام فارغ، ولاشك أنها مفارقة عجيبة أن ينفى الفيلم،ماسبق إثباته وهو التدليل على صحته بعدة أشكال وطرق، ولاشك أن الفتاة التى ستشاهد الفيلم المرتبك ستشعر بالحيرة هل تعتمد على الإعجاب الضرورى وعلى الحب الذى يتجاوز العقل، كما يقول الفليم!، والذى يجعل حبيبك يبلغ لك الزلط دون نصائح أم تعود إلى «نظرية عمتى» التى يحمل الفيلم اسمها والتى تتخصص فى نصائح لاتخيب ثبت نجاحها مع عشرات، العرائس والعرسان؟! «عمر طاهر» لديه حس ساخر واضح، كما أن فيلمه يعتمد على الحكاية وكوميديا الموقف دون الاعتماد على نجوم يقول كل واحد منهم الشوتين بتوعه والسلام، وأكرم فريد كمخرج فى حالة أفضل هنا فى استخدام أدواته، وفى تقديم إيقاع متدفق ومواقف كوميدية ناجحة، ولكن كل ذلك لم يستطع إخفاء الارتباك والتناقض بين فكرة الحب كضربة قدرية لاتحتمل أى تفسير، وتحتاج إلى طرفين لاإلى طرف واحد، والحب كتجربة معملية يمكن تحضيرها وتجهيزها بالدراسة وجمع المعلومات والاستفادة من الخبرات السابقة والإصرار على المطاردة واتباع خطوات محددة لإيقاع الفريسة داخل الشبكة! سارة (حورية فرغلى) مجرد فتاة عادية تعمل فى محطة فضائية، تعيش مع والدها المحلل الرياضى «حسن» (حسن حسنى) لا تهتم بشكلها أومظهرها، وتعيش قصة حب من طرف واحد مع نور مقدم البرامج الشهير، (حسن الرداد)،ولكنه لايشعر بها على الإطلاق، بل إنه متعدد العلاقات و النزوات، عندما يقرر «نور» السفر إلى الخليج لتقديم برنامج جديد مقابل مبلغ ضخم، تنهار «سارة»، وتلجأ إلى صديقتها التى تنصحها باللجوء إلى عمتها خبيرة العلاقات العاطفية، التى يعتبرها الفيلم خبيرة فى أمراض الرجولة، الخبيرة ماجدة شوقى(لبلبة) ستحاول مساعدة سارة، وتقديم تجاربها للإيقاع بالمذيع الوسيم، وستبدأ الخطوات بجمع أدق المعلومات عن «نور»، وعمل ملفات بكل أنشطته، وفى كل مرة ستقدم «ماجدة» حكاية عن أشخاص تعرفهم، أو عن حياتها شخصياً، لكى تستفيد سارة بها فى السيطرة على رجلها الذى لايشعر بها، أى أننا تقريباً أمام تلك الحكايات التى كان يسردها «سمير صبرى» على صديقه « عادل إمام» فى فيلمهما الظريف «البحث عن فضيحة»، ولكن بدلاً من ضيوف الشرف الكثيرين فى الفيلم القديم، فإننا سنشاهد الحكايات التى ترويها لبلبة ببطولة «سارة ونور، وفى شخصيات متنوعة، لا أعرف بالضبط منطقة أن تقوم سارة ونور بيطولة حكايات لم يعيشاها أصلا، ومن وجهة نظر خبيرة لا تعرف نور على الأقل، المهم أن الحكايات الأربع ظريفة وخيالها ومواقفها مضحكة حقا، كما أنها شديدة التنوع زمانيا ومكانيا من السبعينيات إلى الثمانينيات والتسعينيات، وصولا إلى السنوات الأولى من القرن الحادى والعشرين، وقد برع الثنائى «حورية فرغلى» و «حسن الرداد» بصورة مدهشة فى أداء نماذج عجيبة: من لاعب الكرة البورسعيدى وزوجته التى أوقعته فى حبها بالاهتمام بالكرة إلى أمين الشرطة الذى استغلته زوجته بنت البلد الشعبية فى طوفان من الخدمات لها ولأسرتها ولأهل حارتها، ومن تاجر المجوهرات الثرى الذى تكتشف زوجته الأرستقراطية أنه غير قادر على ممارسة واجباته الزوجية، إلى الرجل العراقى الشره الهارب من جحيم الحرب إلى جحيم راقصة مصرية شهوانية. أما نصائح السيدة الخبيرة فهى أيضا ظريفة، وتبدأ من محاولة لفت النظر أو توجيه الكشافات، وتمتد إلى أدق تفاصيل العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة، تقريبا استنفد «عمر طاهر» تراث تلك النصائح من التقل صنعة إلى شوقية ولا تذوقية، وقد ساهمت الجدية الشديدة التى أدت بها «لبلبة» هذه النصائح مستعينة باللوحات الإرشادية فى تقديم مواقف كوميدية ظريفة، والمدهش فعلا، وفقا لمنطق الفيلم، أن تلك الوصايا القادمة مباشرة من نظريات العمة الخبيرة، ستعمل مفعولها، فيبدأ المذيع اللامع فى الاهتمام بزميلته التى غيرت من شكلها لتصبح أكثر أنوثة، بل إنها بدأت فى مخاطبة الحيوان الذى يعيش بداخل الرجل كما قالت لها الخبيرة، إلى هذه النقطة يمكن أن يغلق الفيلم حكايته بزواج سارة ونور، ولكن فجأة يثور والد «سارة» لأنها خدعت «نور» كما يلقى خطبة عصماء على الخبيرة مع أنه ألح على ابنته فى موقف سابق أن تجد لها عريسا، بل ويرفض الأب عرض نور بالزواج من ابنته (!!) الموقف نفسه شديد الافتعال، وقد أوقع الفيلم فى مطب التناقض إذ إن رفض منطق الخبيرة العاطفية يتناقض على ما شاهدناه من فعالية ما حققته مع نور، ويزيد الطين بلة أن يفاجئنا نور بأنه كان أصلا معجبا بزميلته «سارة»، ولكنه كان يراها أكثر احتراما من أن تقبله، مع أننا لم نشاهد شيئا من هذا الإعجاب، ومع أن نظرات «سارة» الولهانة كان من السهل أن تشجعه، وهكذا سيؤدى هذا التعقيد والتأزيم إلى مزيد من الافتعال الذى يجعل السيناريو نموذجا فى التشويش والتناقض، فإذا كان هناك إعجاب مسبق فإن الأمر لا يحتاج إلى خبيرة عاطفية، وبالتالى لا حاجة إلى فيلم أصلا، ورغم هذا العيب الكارثى الواضح، إلا أن «نظرية عمتى» كشف عن موهبة الثنائى حورية وحسن، كما أنه حاول تقديم كوميديا اجتماعية طريفة فى شخصياتها ومواقفها فى زمن تسلق فيه الأفلام الضاحكة فى جلسة واحدة!