أكد أحمد قورة الخبير الاقتصادى والمصرفى أن الوضع السياسى غير المستقر الذى تمر به البلاد حاليا، من شأنه أن يؤدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة على الاقتراض المحلى والأجنبى، كما أن هناك توقعات أيضا بحدوث ارتفاع فى أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنية المصرى، مدفوعة بخروج الأجانب، وعدم ضخ استثمارات جديدة، وتأثر تحويلات العاملين بالخارج بعد أن أعلنت «مؤسسة موديز العالمية» منذ شهرين عن انخفاض التصنيف الائتمانى لمصر إلى بداية ال «تريبل سى بلاس» مؤكدة فى إشارة لها عن مصر أنها بداية التعثر الاقتصادى، إلى جانب أن مؤسسة «ستاندرد آند بورز» أكدت هذا التصنيف منذ حوالى أسبوع بوصول مصر إلى هذا التقييم المنخفض، مشيراً فى حواره الخاص ل «أكتوبر» إلى إن سيناريوهات الخروج من مأزق التصنيف الائتمانى ممكنة بشروط ، وأنه من الممكن أن يعود الاقتصاد لوضعه الطبيعى خلال 6 أشهر إذا تحسنت الأوضاع السياسية والأمنية، مشيراً إلى أن هناك توقعات بارتفاع التضخم بسبب الضغوط السياسية، كما أن نقص احتياطى النقد الأجنبى يهدد الجنيه بالانخفاض.. وفى السطور التالية تفاصيل الحوار. * كيف ترى الوضع الاقتصادى فى مصر الآن؟ وما هى الحلول لمعالجته؟ ** الموقف الحالى للاقتصاد المصرى مؤسف وقد يدخل فى مرحلة أخطر إذا استمر الوضع بهذا السوء، وبالرغم من الاضطراب العام فى أداء القطاعات الاقتصادية وانخفاض دخل الموارد فإنه لا داعى أن تعلن الجهات المسئولة خطورة الموقف لعدم اثارة الذعر فى الشارع المصرى حتى لو كان الوضع لا يبشر بخير. مؤشرات الخطورة * وكيف ترى مؤشرات الخطورة؟ **إذا نظرنا إلى واردات مصر فى الشهر نجد أنها تبلغ نحو 5 مليارات جنيه وهذا يعنى أن انخفاض احتياطى النقد الأجنبى سيكون طريقا لاعتماد المستوردين على أنفسهم فى الحصول على العملة الصعبة وبالتالى ستنتعش السوق السوداء وسينخفض سعر الجنيه المصرى، وبالتالى ما يحدث من نقص فى الموارد والعملة الأجنبية قد يتسبب فى رفع سعر الدولار ل 12جنيها إلا إذا تدخل صندوق النقد الدولى ووقع اتفاقية وانتعشت الموارد الداخلية لمصر، إلى جانب عجز الموازنة العامة الذى تخطى حاجز ال 10 % ، وقد يصل إلى ال12 %خلال العام المالى الحالى ، مقارنة بحوالى 7 أو 7.5% خلال العام السابق، والذى قد يتخطى 220 مليار جنيه أما من حيث حجم الدين الداخلى فقد سجل نحو 1.5 تريليون جنيه، بينما كان قبل الثورة 960 مليار جنيه، أما عن الدين الخارجى فإنه يقدر بنحو 36 مليار دولار قابلة للزيادة، بينما كان فى السابق 33مليار دولار. التضخم * على الرغم من تراجع معدل التضخم الشهرى بنسبة 0.02% ، فإن الخبراء اعتبروا هذه النسبة طفيفة وغير مؤثرة كيف ترى ذلك؟ ** السبب وراء استمرار ارتفاع معدل التضخم يرجع إلى الضغوط المتلاحقة على الموازنة العامة للدولة إضافة إلى أزمة السولار والتى ساهمت بشكل كبير فى ارتفاع معدلات التضخم فى الربع الأول من 2013، بعد ارتفاع أسعار السلع والخدمات بسبب نقص الطاقة. كما أن الضغوط التضخمية ليست بسبب السياسة النقدية للبنك المركزى ولكن السبب فى الارتفاع المفاجىء لأسعار السلع خاصة الغذائية ، التوقعات تشير إلى استمرار معدلات التضخم فى الارتفاع تزامنا مع زيادة الضغوط المادية وارتفاع معدلات الصرف على السلع الأساسية، خاصة فى شهر رمضان وقدوم الأعياد. المشروعات الصغيرة * مؤشرات البنك المركزى تؤكد باستمرار ارتفاع ودائع العملاء بشكل مستمر ؟ فهل يعتبر ذلك حلاً لمشاكل الاقتصاد؟ ** بالعكس هذه الودائع ترهق الاقتصاد المصرى وليس حلا لمشاكله القائمة، وعلى الحكومة تشجيع ضخ استثمارات جديدة واستيراد السلع بمزايا تفضيلية من الخارج على أن يتم ذلك مرحليا، بالإضافة إلى القضاء على ما يسمى بالاحتكار الداخلى ومحاربته بكل قوة ، وعلى الدولة وضع شروط ميسرة للبنوك بهدف جذب العملاء وتقديم فائدة ميسرة على التمويلات، مع ضرورة إيجاد مؤسسة رقابية تعمل على منح رخص لإنشاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مصر، بهدف توعية القائمين على تلك المشروعات بالعائد والمخاطر التى قد يتعرضون لها، كما طالب بضرورة أن تضمن الدولة هذه المشروعات لتنميتها. الفائدة * فى رأيك هل الوضع السياسى الحالى سيؤدى إلى رفع سعر الفائدة على الاقتراض المحلى والأجنبى؟ ** الوضع السياسى حاليا، من شأنه أن يؤدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة على الاقتراض المحلى والأجنبى، كما أن هناك توقعات أيضا بحدوث ارتفاع فى أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصرى، مدفوعة بخروج الأجانب، وعدم ضخ استثمارات جديدة، وتأثر تحويلات العاملين بالخارج. * هل فى رأيك درجة المخاطر الخاصة بالاقتصاد المصرى معرضة للزيادة فى ظل تراجع التصنيفات الائتمانية ؟ ** بالفعل هذا وارد وعلى كافة الفصائل بالتحلى بالروية وعدم جر البلاد لمزيد من الاضطرابات ، حفاظا على الوضع الاقتصادى المتأزم حاليا. * وهل من الأفضل للاقتصاد خلال هذه الفترة تثبيت سعر الفائدة على الإيداعات والائتمان ؟ ** قرار بتثبيت أسعار الفائدة على الودائع والائتمان، لا قيمة له فى الوقت الراهن، حيث إنه لن يساهم فى تطوير الاقتصاد المصرى بعد قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى برئاسة هشام رامز، محافظ البنك المركزى ، بتثبيت معدل الفائدة على عائد الإيداع والإقراض، عند مستويات 9.75 و10.75% على التوالى وسعر الائتمان الخصم عند مستوى 10.25%. الاستيراد * هل سترتفع تكلفة الاستيراد بسبب الأوضاع الحالية التى تمر بها البلاد؟ ** تكلفة الاستيراد مرشحة للارتفاع فى ظل الوضع السياسى الحالى، بسبب رفع شركات الشحن والنقل الأجنبية تكلفة التأمين عند إصدار خطابات الضمان من 3% إلى 5%، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة استخراج خطاب الضمان بالبنوك المحلية ووجود سقف لكل قطاع، الأمرالذى ينذر بارتفاع فاتورة الواردات، خاصة أن مصر تستورد أكثر من 80% من احتياجاتها، أغلبها من الغذاء والبترول، وبالتالى فلا يمكن تقييد استيرادهم بخلاف السلع غير الأساسية. المنح * ما حصلت عليه مصر من منح وقروض هل يغير من موقفها فى التصنيف الائتمانى؟ ** المنح التى تلقتها مصر ستعمل على تغيير الوضع للتصنيف الائتمانى المتدنى الذى وقعت فيه مصر، بشرط استخدام ما حصلت عليه من منح فى تنشيط الوضع الاقتصادى من زيادة الصادرات والقضاء على الفوضى السياسية والأمنية التى تجتاح البلاد فى هذه الفترة الحرجة، ومن الممكن أن تتخطى مصر هذه العثرة فى الوضع الإقتصادى خلال فترة لا تزيد على 6 أشهر، بل من الممكن أن تصل إلى معدلات أفضل مما كانت عليه من تصنيف إئتمانى قبل هبوط التصنيف،وأن ذلك مرتبط بالوضع العام للاقتصاد. ولكن من الضرورى اتباع القواعد المعروفة والمتفق عليها والمعمول بها فى آليات الاقتصاد حتى نمر من عنق الزجاجة. قرض الصندوق * وهل قرض الصندوق 4،8 مليار دولار سيساعد فى حل الأزمة، وكيف يتم ذلك؟ ** يجب أن نعبر تلك الأزمة فى ظل الحكومة الانتقالية الجديدة المختارة والتى لاقت استحسان معظم الدول العربية الشقيقة، ومن بعدها سيعمل الدكتور حازم الببلاوى على تفعيل قرض صندوق النقد الدولى، ثم تمهيد المناخ العام لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتنشيط الوضع السياحى للبلاد، وإقامة المشروعات، وإن كان كل ذلك مرتبطًا بفك حالة الارتباك التى تعانى منها الدولة سواء على المستوى السياسى أو الأمنى التى خلفها حكم الإخوان والعسكر أو حتى النظام الحالى والذى لم تظهر ملامح تحسن منه حتى الآن. ومن هذا المنبر أطالب بضرورة أن تنتهى معارك الدم المنتشرة فى البلاد، وننظر إلى مصالحنا، بدلاً من إهدار الوقت وضياع الفرص التى تتاح لنا.