إن «الدليل العمدة» للصهيونية اليهودية على حقها التاريخى فى فلسطين - وما حولها - هو ما جاء فى سفر التكوين - [بالعهد القديم] - من وعد الله لإبراهيم - عليه السلام بملك ما بين النيل والفرات.. ومع الصهيونية فى هذه الدعوى جمهور الذين يقدسون هذا (العهد القديم).. وفى الحوار مع هذه الدعوى يجب أن يكون علم نقد النصوص فى مقدمة الآليات التى تكشف - بالمنطق والعقل - زيف هذا الادعاء.. فلو كان العهد القديم وحى الله الصادق، وكلمته المقدسة، لخلا من التناقضات (? ? ? ? ? ? ? ? ? ڈ) النساء: 82 - لكن الناظر فى سفر التكوين - الذى ورد فيه هذا الوعد - يجد ما ينقضه من الأساس.. يجد أن إبراهيم - عليه السلام - قد عاش فى أرض كنعان - فلسطين - «غريبا ومتغربا» وأنه حتى أواخر حياته، وعندما ماتت زوجه سارة عن عمر بلغ 127 عاماً لم يكن يملك بهذه الأرض موضعا لقبر يدفن فيه زوجه!.. فكيف يكون مالكا لما بين النيل والفرات؟! ففى الإصحاح الثالث والعشرين: 1-20.. نقرأ : «وكانت حياة سارة مائة وسبعا وعشرين سنة».. وماتت فى أرض كنعان.. فأتى إبراهيم ليندب سارة ويبكى عليها.. وكلم بنى حث قائلا: أنا غريب ونزيل عندكم، أعطونى ملك قبر معكم لأدفن ميتى من أمامى، فأجاب بنوحث إبراهيم، قائلين له: سمعنا ياسيدى، أنت رئيس من الله بيننا، فى أفضل قبورنا ادفن ميتك، لا يمنع أحد منا قبره عنك حتى تدفن ميتك، فقام إبراهيم وسجد لشعب الأرض، لبنى حث، وكلمهم قائلا: إن كان فى نفوسكم أن أدفن ميتى من أمامى فالتمسوا لى من عفرون بن صوحر أن يعطينى مغارة المكفيلة التى له فى طرف حقله، بثمن كامل يعطينى إياها فى وسطكم ملك قبر. وكان عفرون جالسا بين بنى حث، فأجاب عفرون الحثى إبراهيم قائلا: الحقل وهبتك إياه، والمغارة التى فيه لك وهبتها، ادفن بيتك، فسجد إبراهيم أمام شعب الأرض، وكلم عفرون قائلا: أعطيك ثمن الحقل، خذه منى فأدفن ميتى هناك، فأجاب عفرون إبراهيم قائلا له: ياسيدى اسمعنى، أرض باربع مائة شاقل فضة ما هى بينى وبينك، فادفن ميتك. فسمع إبراهيم لعفرون، ووزن إبراهيم لعفرون الفضة التى ذكرها فى مسامع بنى حث، أربع مائة شاقل فضة جائزة عند التجار، فوجب حقل عفرون الذى فى المكفيلة التى أمام ممراء الحقل والمغارة التى فيه وجميع الشجر الذى فى الحقل الذى فى جميع حدوده حواليه. وبعد ذلك دفن إبراهيم سارة امرأته فى مغارة حقل المكفيلة.. فى أرض كنعان، فوجب الحقل والمغارة التى فيه لإبراهيم ملك قبر عند بنى حث». هكذا يشهد سفر التكوين - الذى ورد فيه وعد الله لإبراهيم - عليه السلام - بملك ما بين النيل والفرات، على أنه عاش غريبا متغربا فى أرض كنعان، ولا يملك فيها حتى موضح قبر يدفن فيه زوجه، وأنه قد اشترى من شعب الأرض.. الحيثيين - المغارة التى دفن فيها زوجه بأربعمائة شيكل فضة عند التجار!!.. وهذا نص ينسف من الأساس قصة الوعد الإلهى المزعوم! إننا مطالبون بأن نقرأ الآخر قراءة واعية، وأن نولى اهتماما كبيرا بعلم النقد الداخلى للنصوص، حتى ندحض الدعاوى الوهمية التى يستر بها الأعداء مطامع الاستعمار؟!