خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمسرح الجلاء ، وفى الوقت الذى ارتفعت فيه درجة حرارة التصريحات بين الفصائل السياسية المختلفة على الساحة ، جاء بيان القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسى الذى لم تتجاوز نقاطه الإحدى عشرة نقطة، ليحدد المسار خلال الأيام القادمة خاصة بعد أن منح كافة الفصائل ما بين المؤيدين والمعارضين اسبوعا للوصول إلى اتفاق، من أجل الحفاظ على هذا الوطن من الانهيار أو الانقسام أو التأثير سلبا على أمنه القومى، بيان وزير الدفاع، اعتبرته المعارضة مساندا لها فى مظاهرات 30 يونيو. وعلى الجانب الأخر اعتبره مؤيدو الرئيس أنه مساند لهم، ولم يدرك الجميع أن البيان جاء مساندا للوطن، ومن أجل الحفاظ على الأمن القومى المصرى الذى يعد من أولويات العمل بالقوات المسلحة، «أكتوبر» التقت عددًا من الخبراء للتعرف على رؤيتهم للبيان الصادر عن القائد العام بداية الأسبوع الماضى. فى البداية اللواء سامح سيف اليزل، مدير مركز الجمهورية للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إنها ''جاءت فى وقت حرج للغاية'' وهى تنم عن قدر كبير من المسئولية وتضع النقاط فوق الحروف فى قضايا مهمة للغاية، منها أن القوات المسلحة تعمل لصالح الشعب المصرى كله وليس ممثلا لفئات ضد أخرى. وأكد أن المطلب الخاص بضرورة اجتماع الأطراف المختلفة يأتى من أجل العمل على إيقاف حالة الشحن الكبير الموجود حاليا فى الشارع المصرى. أقوى الرسائل مؤكدا أن هذا المطلب أيضا يضع جميع من فى السلطة وخارجها أمام مسئوليته التى يتحملها أمام الشعب المصرى، إضافة إلى التأكيد على أن القوات المسلحة لا تقبل بتعريض أرواح المواطنين للخطر والتهديد به. وأضاف سيف اليزل أن تصريحات وزير الدفاع تعد من أقوى التصريحات والرسائل التى يوجهها لجميع الأطراف، السلطة والمعارضة، وهو يدعو للتوافق بين الجميع ويوجه تحذيره من خطر الإنزلاق. وقال اليزل: إن الجيش فى 30 يونيو لن يتدخل إلا فى ثلاث حالات، أولها تعرض الممتلكات العامة والخاصة للنهب أو الاعتداءات، وثانيا إذا سقطت أرواح المصريين فى المظاهرات وسالت دماؤهم، وثالثا إذا لاحظ خروج السلاح بين المتظاهرين، سواء المؤيد للرئيس أو المعارض''. ثوابت القوات المسلحة واعتبر الخبير الاستراتيجى اللواء حمدى بخيت التصريحات التى خرجت من الفريق السيسى بأنها تأتى فى إطار ثوابت القوات المسلحة المصرية فى الحفاظ على الأمن القومى المصرى الذى يعد المواطن هو أساسه. وأضاف بخيت، أن المواطن المصرى فى الفترة الأخيرة تعرض لكم كبير من التهديدات والعنف والإرهاب اللفظى وبالتالى كان على القوات المسلحة أن تتحرك لتثبت مجدداً أنها تعمل لصالحه وموجودة لحمايته فجاءت كل بنود هذه التصريحات لتصب فى ذلك الاتجاه. فرصة جديدة و قال اللواء دكتور نبيل فؤاد أستاذ العلوم الاستراتيجية، أن ''الهدف من هذه المبادرة إعطاء فرصة جديدة لمنع أى تداعيات سيئة اليوم وبالتالى؛ فهى محاولة طيبة لعل وعسى أن يكون هناك عقلاء فى هذه الأمة يستمعون لصوت العقل''. وعن التأكيد على أن الجيش يتابع الشأن الداخلى بشكل دقيق، أشار إلى أن هذا الأمر ليس بالجديد لأن القوات المسلحة وفق القانون لها دوران: الأول يتعلق بحماية الحدود البحرية والبرية والجوية للبلاد، والثانى حماية الشعب وممتلكاته ومقدراته؛ لذا فهو يتابع ذلك حتى اذا ما طلب منه التدخل يكون ملماً بما يحدث على أرض الواقع. عدم التوافق وشدد اللواء أحمد عبدالحليم الخبير العسكري، أن بيان وزارة الدفاع يؤكد أن الجيش يقف على الحياد بين جميع القوى السياسية، وأنه لن يقف مع جهة ضد أخرى، لافتًا إلى أن البيان يعد محاولة من وزارة الدفاع لحشد القوى السياسية للتفاهم والتوافق على مصلحة مصر حتى لا تنهار الدولة. وقال عبدالحليم « المدة التى حددها الجيش (أسبوع) كافية للتوافق بين القوى السياسية، حتى لا يحدث تصادم، كما أننى أتوقع ألا يحدث توافق فى ظل الخلاف السياسى القائم، الذى سيؤدى لانهيار الدولة» . وأضاف «عدم التوافق بين القوى السياسية سيؤدى إلى التصادم المجتمعي، وسينزل معه حملات التأييد والمعارضة للشارع، ومعهم ستنهار الدولة، وهو ما يحذر منه الجيش وإلاَّ سيتدخل لإنقاذ مصر». الإنذار الأخير اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجى أكد أن تصريحات السيسى يمكن أن تتلخص فى عدة نقاط، أولها: هو أن التصريحات تفيد أن القوات المسلحة قد تتدخل إذا سارت الأمور عكس اتجاه مصلحة البلاد، لذا فالرسالة، كانت بمثابة ''الإنذار الأخير'' لكافة القوى المتناحرة. وأكد مسلم أن البيان أكد على أن القوات المسلحة مؤسسة مستقلة، وهنا يمكن أن نعتبرها خطوة جديدة ترتب لطبيعة العلاقة بين الجيش ومؤسسة الرئاسة مشيراً إلى أن النقطة الثالثة هو إعطاء مهلة أسبوع دون ظهور تفاصيل للمبادرة. وتابع ''الفريق السيسى ربما يستهدف من ذلك إعطاء الحرية لكل القوى السياسية للتوافق والتفكير فى حلول دون ضغوط للخروج من الأزمة''. السيناريوهات القادمة وحول سيناريوهات تدخل الجيش فى المشهد السياسى لمنع دخول مصر فى نفق مظلم يرى اللواء محمد على بلال نائب رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق أن حديث وزير الدفاع كان واضحا ومحددا بان تدخل الجيش لن يحدث إلا إذا وقع صراع أو اقتتال داخلى بين المصريين او ان تتعرض مؤسسات الدولة للانهيار وهو ما لانتمنى حدوثه . وأضاف من المفترض بعد تصريحات السيسى أن نشاهد ثمار استجابة لمبادرة الجيش للتوافق وهو أمر أرى أنه مرهون بجدية النوايا ويجب على الطرف الأقوى المتمثل فى الحكومة ومؤسسة الرئاسة فى توجيه الدعوة واتخاذ خطوة المبادرة وعلى المعارضة أن تستجيب، واذا لم يحدث التوافق بالتاكيد لن يتدخل الجيش مباشرة لفرض هذا التوافق ولكن سينتظر ما سيحدث خلال مظاهرات? ?30? ?يونيو الجارى وسيراقب بكل جدية ما قام بالتحذير منه ومن المحتمل ألا يقع أى عنف بشكل مؤثر وبالتالى سيظل الوضع كما هو عليه?.? أما الفريق زاهر عبد الرحمن قائد قوات الدفاع الجوى الأسبق فاعتبر أن تصريحات الفريق السيسى جاءت فى وقت حاسم ولم يكن هناك مفر من الحديث حوله فبعد المرحلة الانتقالية الماضية وتسليم الجيش السلطة ابتعد الجيش تماما عن الأمور السياسية وجهد على رفع الكفاءة القتالية للجنود والضباط وتطوير ما نمتلكه من معدات وأسلحة لكن ما يحدث من تهديد للأمن القومى يدفع الجيش للعودة مرة أخرى مضطرا وهى عودة بالتأكيد لا يبحث عنها السيسى ورجاله وأضاف زاهر أن القوات المسلحة دائما صمام الامان لنا خاصة بعد انتشار حالة الرعب والتخويف والتخوين خلال الأسابيع الماضية وهو ما أثار الذعر فى النفوس لذلك اعتبر تصريحات الفريق اول السيسى جاءت لتضع حدا لهذا المشهد السياسى العبثى الذى ندور حوله موضحا أن القوات المسلحة تراقب ولن تقف صامتة أمام هؤلاء العابثين الذين يجرون مصر إلى صراع يصعب السيطرة عليه?. ?أما اللواء محمد سعد إبراهيم الخبير الاستراتيجى فيرى أن بعض الفصائل السياسية سواء من المعارضة أو التيارات الدينية أخذت تفسر تصريحات السيسى? ?من خلال الجانب الذى يتوافق مع مصالحها الضيقة وأهوائها الشخصية وكل جانب اعتبر البيان أنه يعنى وقوف القوات المسلحة فى معسكره ضد المعسكر الأخر وأخذت تتفنن فى اقتباس الكلمات التى تتماشى مع أهدافها وهو أمر خطير لأن ذلك لن يؤدى إلى حدوث أى مصالحة أو توافق. وأشار إبراهيم إلى أن القوات المسلحة إذا عادت إلى المشهد السياسى مرة أخرى فلن تعود هذه المرة من أجل أن تستولى على السلطة ولكن من أجل أن تنقل مصر إلى بر الأمان كما عودتنا دائما . وقال اللواء منير حامد الخبير الاستراتيجى وجهت تحذيرا مباشرا لبعض قادة التيار الدينى الذين قام بعضهم بمهاجمة الجيش خلال مليونية لا للعنف كما أنه أشار إلى احتمالات عودته للمشهد السياسى إذا ما استمر التناحر وهو أمر لا يتفق بأى شكل من الأشكال مع توجهات السلطة أو المعارضة كما أن اللقاء الذى تم بين الرئيس مرسى والسيسى عقب صدور بيان الجيش حدث بعد صدور البيان وليس قبله وهو ما يدلل على أن حديث القوات المسلحة لم يخرج لمناصرة فريق على آخر .