وزارة التربية والتعليم «مزاجها عالى جدا هذه الأيام وآخر روقان» فلم يكد يمر 40 يوما على قرار وزيرها د. إبراهيم غنيم بإلغاء امتحان الشهادة الابتدائية حتى فاجأتنا بقرار آخر أشد وأقوى منه ويفطس من الضحك على لسان مستشار الوزير للتطوير المهندس عدلى القزاز بإلغاء شهادة الثانوية العامة هى الأخرى (أى والله) نهائيا واعتبارها سنة نقل عادية وجعل الالتحاق بالكليات الجامعية ب50% فقط من خلال امتحان للقدرات ... (يانهار أسود)، فى البداية اعتقدت أنها نكتة على سبيل المزاح والهزار أو أنها مجرد شائعة تأتى فى إطار شغل الناس على طريقة «شوف العصفورة» حتى تأكد لى الخبر ..وتأكدت أن الوزارة «بتستحمرنا» -عينى عينك- حيث توهمنا أن هذا هو التطوير بعينه للتخفيف عن كاهل الأسرة المصرية من الدروس الخصوصية وليس المهم تحقيق الجودة فى التعليم التى يسعى إليها العالم ويضعها نصب أعينه لتخريج طالب يتعامل مع معطيات العصر.. بينما هو التدمير بعينه، وربنا يستر فلا «ننام ونصحى» ونجد أن الوزارة قد قررت إلغاء الامتحانات نهائيا وتسريح المعلمين وتأجير المدارس شققا مفروشة لترتاح من هذا الهم وتريحنا مادام «بتستحمرنا» وليس مستبعدا أن تقول لنا أن هذا هو التطوير! والحقيقة الغائبة عن الوزارة أن امتحان الشهادة الثانوية العامة له أهميته على وجه الخصوص باعتباره امتحانا لنهاية مرحلة التعليم قبل الجامعى وتأتى أهميته فى أنه يفرز الطلاب حسب مستواهم العلمى والعقلى كمدخل للتعليم الجامعى..فكيف يتم إلغاؤه بجرة قلم! ويبدو أن الوزارة تريد تكرار أخطاء الماضى بهذه القرارات المتسرعة ولعلكم تتذكرون عندما تم إلغاء الصف السادس الابتدائى عام 1988 وما تسبب فيه من حدوث مشاكل مازالت تعانى الجامعات منها حتى الآن مثل الدفعة المزدوجة والسنة الفراغ وكانت هى نفسها الحجج التى استندت عليها الوزارة فى قراراتها وهى ترشيد الإنفاق ومحاربة الدروس الخصوصية وكأن التاريخ يعيد نفسه... (لنا الله)، ياسادة.. إننى لست ضد هذا القرار الذى تنوى الوزارة تنفيذه ولكنى كنت أريد أن يكون مرتبطا بدراسة متأنية مستفيضة من جانب المتخصصين وخبراء التربية حتى لا نفاجأ بالعواقب.. وللعلم فإن هذا الموضوع. قد أثير عام2008 فى مؤتمر قومى عقد وقتها لتطوير الثانوية شاركت فيه لجنتا التعليم بمجلسى الشعب والشورى ونقابة المعلمين وأساتذة كليات التربية وانتهى الرأى أن هذه الفكرة يمكن تطبيقها فى الدول الأخرى ولكن لا يمكن تطبيقها فى مصر على وجه الخصوص لأن هناك شبه «اقتتال» بين الطلاب على الالتحاق بما يسمى بكليات القمة ( الطب والصيدلة والهندسة وطب الأسنان) نتيجة لمحدودية الأماكن بالجامعات، وبصراحة .. إن إلغاء الشهادة الثانوية العامة سيؤدى إلى تخريج أجيال أنصاف متعلمين لا تعرف حتى القراءة والكتابة ولا تعرف كيف تميز بين حرف الألف وكوز الذرة... والأيام بيننا.. كما أن ترك الأمر لاختبار قدرات للالتحاق بالكليات الجامعية سيفتح الباب على مصراعيه للمحسوبية والواسطة والمجاملات والرشاوى وهى أمراض أخطر من وباء الدروس الخصوصية نفسه.. وليس من المستبعد أن نجد الطلاب المتفوقين فى كليات القاع والطلاب الذين حصلوا على مجموع 50% فى كليات القمة.. (يانهار أسود)، هكذا.. مازلنا نتخذ قرارات مصيرية دون دراسة أو نقاش مجتمعى أو بحث فى تجارب الدول الأخرى ودون النظر للعواقب والذى سيدفع الثمن هم الأجيال القادمة.. فهذا ليس تطويرا وإنما تدمير ... وإذا كان هذا هو حال من يخططون للتعليم فى بلادنا وتتغير المواقف بتغير الأشخاص الذين يحملون الحقائب الوزارية لهذه الوزارة.. فمرة نلغى الصف السادس الابتدائى، ثم نعيده مرة أخرى، ثم نجعل الثانوية العامة من سنتين ومرة أخرى من سنتين بنظام التحسين، ثم العودة لنظام السنة الواحدة والباقية تأتى.. فإننا لا ننتظر خيرا.. وعليه العوض.