الرغبة فى الأخذ بثأر الرجل رقم واحد على المستوى الفنى والعسكرى فى القوات المسلحة، والذى قام بخطوة كانت هى الأولى من نوعها فى تاريخ العسكرية فى مواجهة العدو المغتصب، هى التى جعلت الفرقة 39 تنفذ عملية لسان التمساح المبهرة التى قضت على كل من كان داخل الموقع الذى خرجت منه الدانة التى أصابت قائدهم ورئيس أركانهم العظيم.«عقد صندوق التنمية الثقافية بمركز طلعت حرب الثقافى «صالون ذاكرة الوطن» والذى تناول «عملية لسان التمساح» التى قامت بها فرقة 39 قتال ردا على استشهاد الفريق عبد المنعم رياض 1969 ادار الصالون الكاتب محمد الشافعى مستضيفا البطل محمد عبده موسى والبطل سمير نوح من منفذى العملية. وقد بدأ الشافعى حديثه قائلا إن هذا الشهر ملىء بالمناسبات الوطنية ولعل أهمها تحرير سيناء فى الخامس والعشرين من إبريل ولكن فى هذه الندوة سيتم الاحتفال بذكرى عملية لسان التمساح الاولى وهى فى الحقيقة معركة تبدو صغيرة لكنها مهمة فى تاريخنا النضالى فهى إحدى العمليات المهمة فى وصولنا لمرحلة تحرير سيناء والحقيقة أن كثيرين ربما لم يسمع بها أو لا يعرف تفصيلاتها وهى بطولات تستحق أن تظهر فى الأفلام السينمائية تمجيدا وتخليدا لتلك البطولات. وأضاف أن حرب الاستنزاف مرت بثلاث مراحل هى مرحلة الصمود ثم المواجهة والتصدى ثم الردع وقد بدأت مرحلة الردع من أول 1969 وحتى قبول عبد الناصر لمبادرة روجرز فى أغسطس 1970 وبدأت فى 7 أغسطس 1969 عملية ضخمة هى قيام المدفعية المصرية بدك العدو على طول القنال وهى عملية مرعبة بالنسبة للعدو. وأشار إلى أن السبب فى تلك العملية هو استشهاد عبد المنعم رياض فى 9 مارس على يد العدو الصهيونى والذى قام بزيارة لخط المواجهة مع العدو على بعد 250 مترًا فقط وهى سابقة هى الاولى من نوعها أن يتقرب قائد عسكرى من خطوط عدوه لهذه المسافة وهو رئيس أركان أى أنه رقم واحد على المستوى الفنى والعسكرى فاستشعر العدو أن هناك قيادة مهمة على خط المواجهة وعندما بدأ قذف العدو توجه الجنود والقادة الى الخنادق للحماية ولكن قامت إحدى الدانات بقذف الخندق الذى كان به الشهيد عبدالمنعم رياض فأصيب بنزيف حاد واستشهد قبل نقلة بالطائرة إلى القاهرة ومن هنا جاء قرار جمال عبد الناصر بضرورة الأخذ بثار الشهيد عبد المنعم رياض والإغارة على المنطقة التى جاءت منها الدانة وتسببت فى وفاة هذا القائد العظيم فتم اختيار لسان التمساح وهى نقطة حصينة فى مدينة الإسماعيلية والمعروف أن العدو أقام 250 نقطة حصينة وبين كل نقطة ونقطة من 2 إلى 3 كيلو وكل نقطة حصينة بها ثلاث دوشم بالإضافة الى مدافع ومدرعات العدو وقد قاد تلك العملية القائد إبراهيم الرفاعى ومعه أكثر من 40 بطلا منهم محمد عبده موسى وسمير نوح اللذان شاركا مشاركة فعالة فى العملية وقتلا كل من كان داخل هذا الموقع من ضباط وجنود. وأضاف الشافعى للاسف النظام السابق عمل على تجريف الوعى الوطنى فلم نكن نسمع إلا عن الضربة الجوية الاولى ولكنها لم تكن الاهم ولم تكن الوحيدة فقد شهدت حرب الاستنزاف مجموعة من العمليات التى تدرس حتى الآن فى الأكاديميات العسكرية مثل عملية تدمير إيلات فى أكتوبر 1967 وعملية دخول ميناء ايلات لخمس مرات وعملية الهجوم على ميناء الثور. وأضاف للأسف قام د. عبد العظيم رمضان بحملة شعواء ضد حرب الاستنزاف ولم يتعرض له أحد إلا أن الفريق أحمد صادق رد عليه فى مجلة أكتوبر وعدل الأخطاء التى وقع فيها رمضان، فحرب الاستنزاف هى الحرب الوحيدة فى تاريخ الحروب العسكرية بين العرب والصهاينة التى طلب فيها الصهاينة الهدنة أكثر من مرة حتى قبل بذلك عبد الناصر فى أغسطس 1970 بعد ان استمرت لأكثر من ألف يوم من 1 يونيو 1967 بعملية رأس العش الى 7 أغسطس 1970 بعملية تحريك 24 كتيبة دفاع جوى لضرب الشاطئ الغربى لقناة السويس، فهى عملية ملحمية بلا شك، ثم تحدث البطل محمد عبده موسى عن عملية لسان التمساح التى تمت فى 19 إبريل 1969، ففى يوم الجمعة الموافق 18 إبريل صدرت الاوامر بالحركة صباح السبت وكانت العمليه محاطة بالسرية التامة وكان يعلم بالأمر أربعة من القادة. وقد تم توزيع المهام فمجموعة الشاطئ «القوارب» التى ستنقلنا إلى الضفة الشرقية وقسمت باقى المجموعة الى ستة مجموعات مجموعة القيادة ثم مجموعة التقدم إلى الأمام لقطع الطريق بين الضفة الشرقية والغربية وكان واجبها صد أى هجوم مضاد عن طريق الألغام. ويستكمل موسى قائلًا: وبدأت العملية تحت قذف المدفعية المصرية لكل المواقع على الساحل من السويس إلى بورسعيد وتقدمت أول مجموعة بقيادة محسن طه وهى مجموعة قطع الطريق إلى الأمام ثم أربع مجموعات وكانت على كل مجموعة مهاجمة دشمة. فالمجموعة الاولى تضرب المنطقة الشمالية من العريش الى الاسماعيلية والثانية تضرب قلب الاسماعيلية والثالثة تضرب جنوبالاسماعيلية والرابعة تضرب منطقة خلف الاسماعيلية وكانت هذه الدوشم مسيطرة على الإسماعيلية بالكامل وكان كل قائد معه من تسعة الى عشرة جنود وهاجمت المجموعات الأربع فى وقت واحد وبدأت معركة شرسة بين اليهود. وأنهى موسى كلامه بأنه فى عام 1967 لم يهزم الجيش المصرى وإنما حدث خلل وكذلك حدثت بطولات وأعرب فى نبرة يشوبها الأسى والحزن عما تعرض له هو وجيله من ظلم الرئيس السابق الذى اعطى لنفسه ثلاث نجوم عسكرية حتى وصل معاشه إلى 95 ألف جنيه فى حين حرمت أنا وأمثالى ممن حاربوا من حقوقهم بحجة اننا لم نكن من القيادات والرتب. وتحدث البطل سمير نوح عن التقنيات التى تمت لاختيار من سينفذ العملية قائلا لقد قمنا بما يقرب من 35 عملية ضد العدو الإسرائيلى وليس خلف خطوط العدو لأن من يقوم بعمليات خلف الخطوط هم فرق لجمع المعلومات عن تحركات العدو اما نحن فقد قمنا بعمليات ضد العدو وفى مواجهته. وأثناء التجهيز للعملية التقى الشهيد إبراهيم الرفاعى بمستشاريه الذين توجهوا إلى موقع مواجه للسان التمساح للاستطلاع وتم هذا لأكثر من أربع مرات لكى يتم التأكد بعدم حدوث مستجدات ثم قاموا بعمل حلقة لشرح المطلوب فى العملية وتم شرح ذلك على تخت الرمل مما يعطى واقعية للأماكن والأحداث بشكل عملى وكنت فى مجموعة البطل رجائى عطية ومعى أحد عشر جندى وأتذكر من الزملاء الشهيد محمود على الجيزى و محمد شاكر وأحمد مرعى. ويستكمل نوح قائلًا: تم تقسيمنا إلى أربع مجموعات مجموعة البطل محمد مهاب سالم ومجموعة البطل أحمد الرجائى عطية ومجموعة بقيادة النقيب محيى نوح والاخيرة بقيادة حنفى معوض وكل مجموعة كانت خلية تتحرك على الدشمة الخاصة بها وكان التحرك الساعة التاسعة مساء وبدأت المدفعية تضرب قبل عبورنا بنصف ساعة وكان متابعا لتحركات العملية المرحوم العميد مصطفى كمال وهو الاب الروحى للمجموعة 39 قتال وكان ينتظر على الشاطئ الآخر متابعا لكل ما يحدث لحظة بلحظة وكان على اتصال دائم بالشهيد إبراهيم الرفاعى وكذلك كانت القيادة المصرية فى القاهرة وعلى رأسها عبدالناصر وعند وصولنا إلى المنطقة استخدمنا القنابل الهجومية مما أثار رعب الجنود الصهاينة وبداوا فى الهروب من الخنادق وكنا فى انتظارهم فى الخارج وقد استطعنا قتل عدد كبير منهم و قد اختلفت الروايات بين 26 جنديا فى الدشمة الواحدة ولكن ما أثير حول أننا رفعنا العلم المصرى فى لسان التمساح إلا أننا مكثنا ساعتين كاملتين فى الموقع وأسقطنا العلم الإسرائيلى. وفى رد على تساؤل من الجمهور حول إذا كان الجيش المصرى مازال لديه الروح القتالية قال الشافعى أرى أن الجيش المصرى مؤسسة وطنية شديدة الوطنية منذ 1952مرورا بحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر وقد واتت الظروف الجيش أن يتولى الحكم بشكل فيه قبول كبير من الشعب المصرى إلا أن الجيش رفض الانقلاب على الشرعية فى كل الأحوال أولها عندما عرض على عبد الحكيم عامر الانقلاب على عبد الناصر إلا أنه رفض وبعد وفاة عبد الناصر رفض الفريق فوزى الانقلاب على السادات وبعد اغتيال السادات رفض أبوغزالة أن يسطو على الحكم كذلك سنة 1986 رفض أبو غزالة تولى السلطة رغم ما كانت تعانى منه البلاد من فوضى وفى ثورة يناير رغم كل ما حدث والمآخذ التى تؤخذ على المجلس العسكرى إلا أنه مؤسسة وطنية غير طامعة فى الحكم واعتقد أن الجيش المصرى سيحافظ على كونه مؤسسة وطنية وسيكون عاصيا على اختراقه وهذه مسألة شديدة الصعوبة وتكاد تكون مستحيلة. ورد الشافعى بالنفى على سؤال احد الحاضرين للندوة عن امكانية قيام الجيش بانقلاب عسكرى بان فكرة الشرعية ستظل هى القائمة لان لدينا رئيس جاء بالصندوق ولن يرحل إلا بالصندوق أو بثورة شعبية فسيضطرالجيش فى هذه الحالة للانحياز للشعب أو فى حالة حدوث عصيان مدنى كما حدث فى بورسعيد ولكن على أن يكون فى عشرين مدينة مثلا بحيث يكون للجيش دور فى حماية البلاد من الانهيار. وفى نهاية الندوة قالت نادية حسن عضو المؤتمر الشعبى الناصرى إن الجيش المصرى يشعر بجرح عظيم نتيجة للإهانات التى اعقبت ثورة يناير مؤكدة ان الإخوان المسلمين هم أصحاب تلك الشعارات انتقاما من عبدالناصر والحقيقة أنه يجب عدم ادماج فترة حكم عبد الناصر ضمن العسكر لأنه حقق العدالة الاجتماعية فى التعليم والرعاية الصحية وفى توفير فرص العمل فى الفترة من 1952 إلى 1970. وأضافت تعد حرب الاستنزاف هى الحرب الرابعة فى تاريخ الاستراتيجية العسكرية على مستوى العالم و التى تم خلالها اعادة بناء القوات المسلحة المصرية خلال ثلاث سنوات. وعن صالون ذاكرة الوطن قال محمود الشافعى أن الصالون بدأ منذ 2010 عقد ندوة السبت الثانى من كل شهر وهدف الصالون إحياء الذكرى الوطنية ومن أهم الندوات التى تم عقدها ندوة عن جمال عبد الناصر التى حضرها عدد كبير من الضيوف على رأسهم عبد الحكيم عبد الناصر وطارق عامر.وأضاف: أقوم بعقد تلك الندوات بمجهود شخصى مدعوم بتوفير المكان من وزارة الثقافة كما أن لى العديد من الكتب والتى تصل الى خمسة وعشرين كتابا أغلبها عن المقاومة المصرية والبطولات، كما أعد لكتاب جديد بعنوان «مجموعة 39 قتال.. مدد يا رفاعى مدد» والذى يتضمن سردا للعمليات العسكرية والعديد من البطولات التى تصلح كل منها لان تكون فيلما سينمائيا عظيما يخلد ذكرى هؤلاء الأبطال.