كانت هناك حالة من الاستخفاف المتعمد.. والتجاهل الإعلامى سواء محليًا أو خارجيًا بقمة «البريكس» التى حضرها الرئيس مرسى فى جنوب أفريقيا حتى إن الصور الجماعية التى تم التقاطها للرؤساء الذين حضروا اختفى منها مرسى باستثناء تلك الصورة التى جمعته فى تلك المباحثات الجانبية مع الرئيس الروسى بوتين وأظهرته لقطات الفيديو وهو يجلس معه جلسات ودية. وإلى هنا يجب أن نبدأ موضوع «البريكس» من أوله..فقد يظن البعض أنه مرهم أو لبوس..وحقيقة الأمر أنه تجمع اقتصادى سياسى لخمس دول يتكون من أحرفها الأولى هذا الاسم والدول هى الصين والبرازيل والهند وروسياوجنوب أفريقيا..وهدفها التعاون الاقتصادى والسياسى هروبًا من الهيمنة والسيطرة الأمريكية المستفزة..والقمة تعقد سنويًا فى عاصمة من عواصم الدول الخمس..وكان الرئيس مرسى قد انتهز فرصة زيارة الهند الأخيرة وطلب انضمام مصر إلى مجموعة البريكس ويبدو أن هذا الأمر يستحق بعض الوقت والانتظار لأن دول البريكس تمتلك اقتصادًا قويًا ويكفى أن الناتج المحلى لها يمثل 27% من الناتج العالمى أى ما يزيد على الربع..ومن بينها روسيا والصين وهما من أصحاب بطاقات الفيتو فى مجلس الأمن..ولك أن تتصور أن الاحتياطى النقدى لهذه الدول يصل إلى 4400 مليار دولار وقد وضعت مبلغ 240 مليار دولار لحساب البريكس وقد تم فى القمة الأخيرة الاتفاق على إنشاء بنك برأس مال 50 مليار دولار لكى يحمى الدول من سطوة البنك الدولى وصندوق النقد.. فهل مصر مؤهلة فى الوقت الحالى لكى يضاف حرف ال E الذى يمثل أول كلمة إيجبت بالإنجليزية إلى البريكس؟..وهل تقبل هذه المجموعة أن ننضم إليها فيما يشبه «المكس» أو الاختلاط..نعم هى خطوة هائلة لمصر..لكنها ليست سهلة..وإن كنا قد حضرنا القمة الأخيرة فقد جرى هذا بصفة مراقب..وفى القمم كثيرًا ما تتم دعوة بعض الرؤساء والمؤسسات الدولية والشخصيات العامة. اقتصاديات الصين خارج المنافسة..لكن اقتصاد روسيا تحرك فى السنوات الأخيرة بقوة..ونفس الشىء بالنسبة للبرازيل والهند وجنوب أفريقيا..وتعاملنا مع هذه المجموعة لن يكون له نفس حساسية التعامل مع أمريكا التى تضع سكين مصالحها وما يرضى إسرائيل على رقابنا قبل كل جنيه تدفعه وبعده..لذلك فإن السعى نحو البريكس مهم جدًا..ويوم أن تقبلنا هذه المجموعة فى عضويتها فهذا يعنى الكثير لنا كدولة وشعب واقتصاد..وانظر إلى البيان الختامى الذى أصدرته البريكس سيدهشك بقوته ووضوحه وانحيازه إلى الحق العربى وقد جاء فيه: «إن الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينيةالمحتلة يخالف القانون الدولى ويضر بعملية السلام ونرحب بانضمام فلسطين كدولة مراقب ويثير قلقنا عدم تقدم عملية السلام فى الشرق الأوسط ونحن ندعو المجتمع الدولى إلى مساعدة فلسطين وإسرائيل على حد سواء فى جهودهما المبذولة على الطريق نحو تسوية تقضى بوجود دولتين إحداهما دولة فلسطين القادرة على الاستمرار اقتصاديًا والتى تعيش بسلام جنبًا إلى جنب مع إسرائيل بالحدود المعترف بها دوليًا التى كانت قائمة يوم 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. وهذا كلام خطير ومؤيد تمامًا للحق العربى رغم عدم وجود دولة عربية فى البريكس بصفة أساسية حتى الآن..لكنها رؤية هذه المجموعة التى يمكن أن تلعب دورًا خطيرًا فى توجهات السياسة الدولية التى تحاول الست أمريكا الانفراد بها وتدليل إسرائيل إلى أقصى حد..ولم يغفل البيان الختامى التأكيد على المسئولية الكبرى لمجلس الأمن الدولى ودوره فى تحقيق الأمن والسلام العالمى وأهمية أن تقوم الرباعية الدولية برفع تقاريرها بشكل منتظم إلى مجلس الأمن حول الجهود التى تبذلها والتى يراد منها أن تسهم بقسط ملموس فى عملية السلام. ولم يكن غريبًا أن تتناول مباحثات مرسى وبوتين الأزمة فى سوريا..وأيضًا ما يخص إيران كذلك تنشيط التعاون مع روسيا حيث ارتفع حجم التبادل التجارى بين البلدين خلال العامين الأخيرين بنسبة 70% ليبلغ ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار وأهمية استئناف عمل اللجنة الروسية المصرية المشتركة للتعاون التجارى والاقتصادى والعلمى وكذلك مجلس الأعمال الروسى المصرى..والتركيز بصفة خاصة على السياحة وقد بلغ عدد سياح روسيا فى مصر أكثر من 2 مليون ونصف المليون سائح عام 2012 لقد تحدث الرئيس بوتين عن البريكس..بكل ثقة مؤكدًا أن انفراد أمريكا بالقرارات المصيرية ليس فى صالح شعوب العالم..ولا فى صالح أمريكا نفسها.. لهذا فإن تجمع البريكس يحقق التوازن والنزاهة فى العلاقات الاقتصادية العالمية..ومن استراتيجية هذه المجموعة تقديم يد العون إلى الدول ذات الاقتصاد الناشئ والأزمة المالية العالمية الأخيرة خرجت من أمريكا وتم تصديرها إلى كافة بلدان العالم..لهذا فإن البريكس هى خط دفاع وحماية..للكثير من دول العالم ويكفى أن أكثر من 900 مؤسسة دولية تم تمثيلها وحضورها للقمة الأخيرة..ونأمل أن يضاف حرف «E» إلى البريكس أو على أقل تقدير لا نغفل عن الشراكة مع هذه المجموعة، لأن التجربة أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن المتغطى بالست أمريكا عريان وجعان وعدمان.