تعانى مصر من مشكلة الألغام الأرضية المضادة للأفراد والدبابات والأجسام المتفجرة من مخلفات الحروب التى دارت على أرضها والمنتشرة فى مساحات كبيرة فى منطقة الساحل الشمالى والصحراء الغربية ، فقد خلفت الحرب العالمية الثانية فى منطقة العلمين جنوب الساحل الشمالى وحتى حدود مصر الغربية ما يقرب من 23 مليون لغم وجسم متفجر تحتل مساحة شاسعة من الأرض الصالحة للزراعة وحولتها إلى حقول وكمائن للموت ، وخلال السنوات الأخيرة نجحت القوات المسلحة فى تطهيرها بما يجعلها صالحة للاستثمار الزراعى وخلال الأيام القليلة القادمة تحتفل القوات المسلحة بتسليم ارض المدينة المليونية بالعلمين إلى وزارة الإسكان . اللواء أركان حرب مهندس كامل الوزير مدير إدارة المهندسين العسكريين بالقوات المسلحة أكد ان المخلفات الحربية أخطر من الألغام فالأجسام المتفجرة الأخرى تخترق الأرض لمسافات كبيرة، كما إنها ليست لها خرائط أو كروكيات محددة وهو ما يجعلها أكثر صعوبة فى إزالتها، فى البداية تمثل الصحراء الغربية 22% من جمهورية مصر العربية بمساحة 262 ألف كم2 تتوفر بها المقومات والإمكانيات الجغرافية والاقتصادية اللازمة لإحداث طفرة تنموية فى جميع الاتجاهات، حيث تتوفر بها مصادر المياه الطبيعية والإمكانيات التعدينية من بترول- غاز طبيعى بالإضافة إلى المقومات السياحية وإمكانية إنشاء تجمعات صناعية والقدرة على استيعاب الزيادة السكانية الحالية والمستقبلية. وتعد مشكلة الألغام أحد أهم معوقات التنمية فيها والتى ترجع إلى الحرب العالمية الثانية خلال المدة (1941-1943) حيث دار جزء كبير من معارك الحرب العالمية الثانية فى الصحراء الغربية وتركزت فى منطقة العلمين وتم الحصول على كروكيات بالمناطق المشبوهة التى تخلفت عن هذه المعارك بين قوات الحلفاء وقوات المحور وقد دارت معظم المعارك فى المنطقة بين منخفض القطارة جنوباً والبحر المتوسط شمالاً، ومن الإسكندرية شرقاً حتى الحدود المصرية/ الليبية غرباً وبعد انتهاء الحرب ورحيل قوات الحلفاء/ المحور تُركت ألغام ومخلفات حروب. تضمن التقرير الصادر عن مكتب التخلص من الألغام التابع للأمم المتحدة فى مؤتمر جنيف المنعقد عام 1995 بعنوان «مشكلة الألغام فى مصر» أن مصر يتواجد بها ما يقرب من 21 % من إجمالى الألغام الموجودة فى العالم (حوالى 23 مليون لغم وجسم متفجر) و بلغت حالات حوادث الألغام عدد 8313 شخصا ( 697 قتيلا– 7616 مصابا). كمائن الموت أضاف اللواء كامل: كانت هناك عدة معوقات أمامنا لإزالة حقول الموت تلك التى تختفى تحت رمال الصحراء الغربية منها عدم وجود تسجيلات دقيقة وواضحة لحقول الألغام وقدم وتآكل أجزاء الألغام ومخلفات الحروب، رصد الألغام بصورة عشوائية ، عدم وعى السكان المحليين بخطورة تلك الأجسام المتفجرة، انتقال وتحرك الكثبان الرملية يؤدى إلى تواجد ألغام على أعماق تزيد عن «10» أمتار، تحرك الألغام نتيجة لتغير الظروف الجوية، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة أعمال التطهير. وأوضح أن إجمالى المساحات المكتشف بها مخلفات الحروب المتفجرة بالصحراء الغربية بلغ حوالى1.214مليون فدان (510 آلاف هكتار) منها مساحة 590.476 ألف فدان (248 ألف هكتار) بمناطق العلمين– الحمام– جنوب مطروح بالإضافة إلى مساحة 442.857 ألف فدان (186 ألف هكتار) أخرى بمنطقة العلمين– الحمام– الضبعة و مساحة 180.952 ألف فدان (76 ألف هكتار) تم اكتشافها وتحديدها بمناطق مرسى مطروح – سيدى برانى – السلوم من خلال دراسة المعارك الحربية التى تمت فى هذه المناطق خلال الحرب العالمية الثانية. مراحل التطهير وحول مراحل عملية التطهير قال اللواء كامل الوزير ان المرحلة الأولى من التطهير يتم فيها تحديد مواقع الألغام والأجسام المتفجرة على الأعماق القريبة من سطح الأرض بالاسترشاد بالكروكيات المتيسرة وباستخدام المكتشفات اليدوية، أما المرحلة الثانية فيتم فيها إزالة الألغام والأجسام المتفجرة المكتشفة باستخدام الطرق اليدوية أو بتفجيرها فى أماكنها. وفى المرحلة الثالثة يتم تأكيد وتدقيق أعمال التفتيش والتطهير على الأعماق الأكبر للمناطق السابق العمل بها وذلك باستخدام المعدات الميكانيكية والمكتشفات والأجهزة الأكثر تطورا. تُنفذ هذه المرحلة وفقاً لأسبقيات المساحات المخطط استخدامها فى المشروعات التنموية للدولة وبعد تدبير المعدات والأجهزة اللازمة للعمل بكل مساحة. وحول المجهودات التى قامت بها أضاف اللواء كامل: قامت القوات المسلحة فى مجال تطهير الألغام بالصحراء الغربية حتى عام 1998 بتنفيذ أعمال التطهير بمراحلها الفنية الثلاث لمساحة 92.857 ألف فدان (39 ألف هكتار) من الألغام ومخلفات الحروب لصالح تنفيذ المشروعات العمرانية ومشروعات التنمية المختلفة (إنشاء طريق النصر- تنفيذ ترعة الحمام - مناطق الاستصلاح والاستزراع بخطة الدولة- مناطق البحث واستخراج البترول). حيث قامت بإمكانياتها وعلى نفقتها خلال الفترة من عام 1999 حتى عام 2005 بتنفيذ المرحلتين الأولى والثانية من أعمال التطهير فى جميع المناطق والمساحات السابق تحديدها حيث تم إزالة عدد 23 مليون لغم/ جسم متفجر/ ذخائر مختلفة وبما يحقق الاستخدام السطحى الآمن لهذه المساحات وتم التنسيق مع الأمانة التنفيذية لإزالة الألغام وتنمية الساحل الشمالى الغربى على البدء فى تنفيذ المرحلة الفنية الثالثة (تأكيد وتدقيق أعمال التفتيش والتطهير) على أسبقيات وطبقا للاعتمادات المالية المتيسرة وتوفير المعدات والأجهزة اللازمة للتنفيذ و تم خلال عام 2009 تنفيذ الأسبقية الأولى من المرحلة الثالثة (تأكيد وتدقيق أعمال التفتيش والتطهير) لمساحة 31.250 ألف فدان (13.125 ألف هكتار) بمنطقة العلمين لصالح وزارة الزراعة ووزارة الإسكان بالتعاون مع الأمانة التنفيذية لإزالة الألغام/ وزارة التعاون الدولى من خلال البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة.. خلال عام 2012 تم تنفيذ الأسبقية الثانية من المرحلة الثالثة (تأكيد وتدقيق أعمال التفتيش والتطهير) لمساحة26.190 ألف فدان (11 ألف هكتار) أخرى لصالح وزارة الإسكان بمنطقة العلمين بالتعاون مع الأمانة التنفيذية لإزالة الألغام وخلال تلك المرحلة تم اكتشاف عدد 41195 لغما وجسما متفجرا تم نسفهما باستخدام حوالى 22 طن مفرقعات بما يعادل 2 كم لكل 10000م2 فى هذه المرحلة. كما قامت القوات المسلحة بكل ما يلزم للتعامل مع مشكلة مخلفات الحرب العالمية الثانية بالصحراء الغربية ويمكن استكمال أعمال المرحلة الفنية الثالثة (تأكيد وتدقيق أعمال التفتيش والتطهير) فى باقى المساحات التى سبق تنفيذ المراحل الفنية الأولى والثانية لها بإجمالى مساحة 1.157 مليون فدان (486 ألف هكتار) طبقا لمخطط وأسبقيات استخدامها فى تنفيذ المشروعات التنموية للدولة بناء على خطة تنمية شاملة لهذه الأراضى على أن تتحمل الجهات المانحة أو الهيئات والمؤسسات التى ترغب فى تنفيذ هذه المشروعات أو المستفيدة منها تكلفة التطهير ضمن ميزانيات هذه المشروعات . وأضاف اللواء كامل أن مصر والقوات المسلحة لم تتلق مساعدة فى هذا المجال سوى بعض الخرائط والكروكيات والرسومات رغم المسئولية التى تقع على الدول التى زرعت تلك الألغام فى الأراضى المصرية خلال الحرب.