القصاص

رغم إعلان د. محمد مرسى رئيس الجمهورية موافقته على ضم شهداء مجزرة بورسعيد التى وقعت أوائل فبراير من العام الماضى إلى شهداء ثورة 25 يناير وإصداره قراراً رسميًا بذلك، فإن ذلك لم يشف غليل وجراح أهالى الشهداء والمصابين فى هذه المذبحة التى راح ضحيتها 72 شهيدًا من جماهير الأهلى فى المدرج الشرقى لاستاد بورسعيد عقب المباراة التى جمعت الأهلى مع المصرى البورسعيدى فى مسابقة الدورى العام.
جلسة المحاكمة وحالة الترقب ورفع حالة التأهب القصوى تحسبًا لحدوث أى أعمال شغب من جانب أى من الطرفين أهالى الشهداء أو المتهمين الذين توعدوا بإراقة الدماء وسفكها وإثارة الفوضى فى البلاد فى حال خروج الحكم غير مرضٍ لأى طرف.
من جانبها توعدت روابط مشجى الأهلى والألتراس بالاحتشاد فى الطرق وحول قاعة المحكمة والتهديد بأنه ما لم يستجب الحكم لإرادتهم فأيديهم هى التى ستنفذ القصاص.. فى نفس الوقت فاوض وزير الداخلية القضاء لإصدار الحكم فى غيبة المتهمين استجابة لمطالب ألتراس بورسعيد التى تحاصر السجن فى بورسعيد لمنع خروج المتهمين وحضورهم الجلسة، حيث باءت كل محاولات رأب الصدع بالفشل وعدم احترامهم أحكام القضاء إذا خرج عن القصاص للشهداء.
حيث شهدت مصر على مدار الأيام الماضية شدا وجذبا وصلت إلى حافة الهاوية وسط أحداث ملتهبة وجهود ضعيفة من جانب المسئولين يقابلها نشاط ملحوظ لروابط الألتراس الأهلى والجرين إيجلز البورسعيدى جعل الجميع فى حالة تحفز، حيث نظمت ألتراس الأهلى مسيرات حاشدة واعتصامات ومظاهرات كان آخرها الجمعة الماضية للمطالبة بالقصاص للشهداء وخوفهم من أن تكون الأحكام غير كافية للقصاص، وكذلك إعلانها فى جمعة القصاص بميدان التحرير تهديدات دامية وردود فعل غير متوقعة لأنهم لم يقبلوا أن تباح دماء زملائهم بدون أن يدفع الجناة ثمن ما فعلوه بدون عقاب رادع.
من جانبهم قام أعضاء رابطة جرين إيجلز البورسعيدى بالتجمهر أمام محبس المتهمين لإعاقة عملية ترحيلهم لحضور الجلسة فى إطار الاعتراض على محاكمتهم ودعوا أعضاءها لحضور جلسة النطق بالحكم وهو ما كان يثير قلق المسئولين.
وقبل النطق بالحكم نظم حسن حمدى رئيس النادى الأهلى حفل عشاء لأسر الشهداء تكلف ربع مليون جنيه ويهدف حمدى من خلاله إلى التأكيد أن النادى لم يتخل عن حقوق الشهداء وتمسكه بمواصلة السير على الطريق حتى يحاسب من أخطأ فى حق مشجعى الأهلى.
ويرى البعض أن هذا العشاء لترطيب العلاقة المشتعلة بين مجلس إدارة النادى بأسر الشهداء والتى حدث بينهما توترات قوية من الألتراس ضد مجلس الإدارة والتى وصلت إلى حد اقتحام النادى الأهلى والتطاول على رموزه حمدى والخطيب.
وجاء بيان الألتراس عبر صفحته الرسمية على «الفيس بوك» مهددًا بإثارة الفوضى بعد كثرة المهاترات، إذا تم تأجيل الحكم على من يثبت تورطهم من المحبوسين وقامت أعداد كبيرة من ألتراس أهلاوى بالتجمع والدخول فى اعتصام أمام مدخل البورصة المصرية، ومنعت الموظفين من القيام بعملهم بعد علمهم بتواطؤ الداخلية لموافقتها على عدم نقل المتهمين أثناء المحاكمة وهو ما أثار سخط الألتراس، فضلًا عن إطلاعهم أن رئيس الوزراء د.هشام قنديل سيقوم بإصدار قرار يقضى من خلاله بأن يكون يوم السبت 26 يناير إجازة رسمية احتفالا بذكرة ثورة 25 يناير بدلا من الجمعة، حيث يهدف القرار للخروج من المأزق بعد صدور الحكم فى قضية مذبحة بورسعيد.
فى حين واصلت مجموعات الألتراس الحشد فى مختلف محافظات الجمهورية تحت شعار «هنوريكم الغضب والدم بالدم والقصاص بالدم).
فى نفس الوقت انطلقت مسيرة ضمت مئات من مشجعى النادى المصرى والجرين إيجلز ومصراوى وسوبر جرين مؤكدين أن الغضب هو الحل الأخير إذا لم تستجب الحكومة لمطالبهم.
ما فعلته السياسة فى الأحكام الصادرة لمذبحة بورسعيد ترتب بشكل واضح على مسيرة وعودة الحياة الرياضية إلى البساط الأخضر.. بدون تدخل جاءت ردود أقوال الخبراء فى مجال كرة القدم لتوضيح الصورة كاملة.. فماذا قالوا:
أشار على ابو جريشة الخبير الكروى إلى أن الأزمة تكمن فى عدم احترام أحكام القضاء بعد النطق بالحكم سواء من ألتراس الأهلى أو ألتراس المصرى البورسعيدى، حيث إن الحكم لم يرض أحد الطرفين ولن يرتضينا الحكم النهائى وهو ما سوف يهدد مسابقة الدورى، حيث هدد البعض بإشعال الفوضى وسفك الدماء فى حال عدم صدور الحكم الذى يتوقعونه.
مطالبًا الجميع بالاقتناع بأحكام القضاء حتى تعود المياه لطبيعتها وتكون هناك دولة قانون.
وطالب محمود بكر الخبير الكروى الجميع بالالتزام بأحكام القضاء المصرى العادل، خاصة أن مصر دولة قوانين، مشيرًا إلى أن القاضى يسعى بكل جهد لدراسة القضية بشكل جيد حتى لا يحكم على مظلوم أو يترك مجرما لذلك يجب على الجميع احترام أحكام القضاء وألا تكون هناك فوضى كبيرة فى البلاد.
متمنيا عودة الدورى فى وقته المحدد وعدم تأثر عودة النشاط الرياضى من عدمه بالحكم فى قضية مذبحة بورسعيد.
وأشار بكر إلى أن هناك دول بها حروب وتتمكن من إقامة مسابقة الدورى فلماذا لا تستأنف المسابقة، خاصة أن مصر بها استقرار نسبى.
ويرى أسامة عرابى المدير الفنى للإنتاج الحربى أن القرار الذى اتخذته المحكمة سيؤثر بشكل كبير فى تحديد عودة الدورى من عدمه مطالبا مسئولى اتحاد الكرة بالبدء من الآن فى حل تلك الأزمة التى تمر بها الكرة المصرية.
وأنهى عرابى كلامه بضرورة تحلى الجميع بالصبر وتقبل احترام القضاء وألا يتدخل فى صراع مع القضاء وهو ما يهدد البلاد فى الدخول فى نفق مظلم مصر ليست فى غنى عنه.
أكد المدير الفنى لفريق الداخلية علاء عبد العال أنه لم يربط بقاءه فى منصبه بعودة الدورى واستمراره فى منصبه تحت أى خلاف رغم تلقيه العديد من العروض المغرية من دول الخليج العربى.
موضحًا أن إلغاء الدورى لا يهدد فقط بقاء المدربين إنما يعنى الرحيل الجماعى للعديد من اللاعبين المصريين بالخارج وهو ما يزيد الأمر سوءًا بالنسبة للأندية، خاصة أن الأندية عشرة بأزمات مالية طاحنة لتوقف النشاط الرياضى بها منذ عام تقريبا.
وطالب عبد العال الحكومة بالالتزام بقرار عودة الدورى وتنفيذ وعدها بعودة النشاط الرياضى فى الوقت المحدد.