الاقتصاد المصرى قادر على سداد الالتزامات الداخلية والخارجية وهو ما يعنى أنه فى الحدود الآمنة ولا مجال مطلقًا للحديث عن الإفلاس، وأن التوصيف الصحيح للمشهد الاقتصادى المصرى الراهن أنه يمر بمرحلة من التعثر نتيجة لنقص السيولة نظرًا لزيادة الاعتمادات الخاصة بالعملات الأجنبية وخاصة الدولار لتغطية العديد من صور الإنفاق غير الضرورية. كما أن الاقتصاد المصرى يملك مقومات الخروج من تلك الأزمة خلال تحجيم الطلب على الاعتمادات الأجنبية وزيادة موارد الدخل القومى خلال وضع خطة للتعاون المدروس بين البنوك لتمويل المشروعات القومية الكبرى التى أثبتت الدراسات أهميتها لدفع عجلة الاقتصاد المصرى، علاوة على البحث عن مصادر غير تقليدية لزيادة الموارد، هذا ما أكده خبراء الاقتصاد فى سياق الموضوع التالى. الاقتصاد المصرى قادر على سداد الالتزامات الداخلية والخارجية فى مواعيدها المحددة دون أدنى خلل، ولا مجال للحديث مطلقًا عن الإفلاس هذا ما أكده أحمد قورة رئيس البنك الوطنى المصرى سابقًا، مشيرًا إلى أن الإفلاس له مراحل طويلة من الناحية القانونية مازال الاقتصاد المصرى بعيدًا عنها كل البعد. وفى المقابل أوضح أن ما يعانيه الاقتصاد المصرى يعد حالة من الإعثار نتيجة لنقص السيولة النقدية الذى أرجعه إلى الزيادة الشديدة فى الطلب على السلع والخدمات فى مقابل نقص الموارد، وهو ما يؤدى إلى الزيادة فى عجز الموازنة. وأضاف أن الاقتصاد المصرى نجح من قبل فى التصدى لمثل هذه الأزمات عندما تسببت شركات توظيف الأموال فى سحب السيولة من السوق المصرى فى بداية تسعينات القرن الماضى، واستطاع البنك المركزى مواجهة الأزمة، مؤكداً أن الأزمة الراهنة يمكن للاقتصاد المصرى تجاوزها خلال ترشيد الانفاق والبحث عن موارد جديدة تنعش الاقتصاد المصرى. ومن ناحية أخرى، أوضح أن ما يثار عن إفلاس مصر يرجع إلى التوجهات الإعلامية الخاطئة والمغرضة التى تهدف لتشويه صورة الإخوان المسلمين إلا أنها فى إطار ذلك السياق تضر بوضع الاقتصاد المصرى. ومن جانبه، أكد فتحى ياسين رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى الأسبق والخبير المصرفى أن الاقتصاد المصرى يمر بمرحلة حرجة إلا أنه مازال آمنًا، مشيرًا إلى أنه يمكن معالجة الوضع الراهن خلال تحجيم الطلب على العملة الأجنبية، وتحجيم الطلب على الدولار وفى هذا السياق ووصولاً إلى هذا الهدف أكد أنه يجب على إدارات البنوك التأكد من مدى جدية الاعتمادات الخاصة بالعملة الأجنبية بحيث يتم تقليص الاعتمادات التى توجه لصالح احتياجات غير ضرورية. وعلاوة على ذلك أكد ضرورة أن تضع البنوك ضمن أولوياتها ضرورة زيادة موارد الاقتصاد المصرى خلال تغطية خطوط الإنتاج الناقصة ووضع ودراسة الخطط اللازمة للتعاون فيما بين البنوك لتمويل المشروعات القومية الكبرى على سبيل المثال المشروعات الخاصة بمنطقة شمال غرب البحر الأحمر ومنطقة قناة السويس، مشيرًا فى ذات السياق إلى أن المنطقة تحظى بجميع مقومات نجاح مشروعات الصناعات التكميلية للسفن بما يحقق لمصر ميزة تنافسية فى هذا المجال، وأضاف أن البنوك لديها العديد من الدراسات القيمة للعديد من المشروعات الجيدة التى يمكن أن تساعد بشكل حقيقى فى تنمية الاقتصاد المصرى وزيادة الموارد وأن ما تحتاجه البنوك هو مزيد من الجرأة والتعاون فيما بينها للحد من معدلات الخطورة، وأشار أن البنوك المصرية نجحت من قبل فى النهوض بالصناعة المصرية خلال تمويل مشروعات إنشاء مصانع الأسمنت وأصبح الأسمنت المصرى مطلوبا فى الأسواق العالمية، وأكد أن مثل هذه السياسات نجحت فى مواجهة أزمات اقتصادية مماثلة من قبل مع بداية حكم الرئيس الراحل أنور السادات. وعلاوة على ذلك أكد ضرورة التنشيط الحقيقى للموارد الاقتصادية شبه المعطلة وفى مقدمتها السياحة. رغم ضبابية المشهد الاقتصادى فإن الاقتصاد المصرى لديه العديد من المقومات التى تعمل كحائط صد ضد الإفلاس من أهمها وجود موارد ثابتة أساسية للدخل القومى مثل موارد قناة السويس، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، والنشاط التصديرى، مشيرًا إلى أن تلك الموارد تساعد الاقتصاد المصرى على الوفاء بالالتزامات الداخلية والخارجية هذا ما بدأ به د. مختار الشريف أستاذ الاقتصاد جامعة بنها موضحًا أن الإفلاس يعنى عدم القدرة على الوفاء بالتزامات الدولة الداخلية والخارجية، وأكد ضرورة مواجهة الأزمة الراهنة المتعلقة بنقص السيولة خلال إعادة النظر فى سياسات الإئتمان موكداً ضرورة توجيه القروض للمسارات التى تنعش السوق المحلية وتحد من نقص السيولة. ومن جانبه أكد د. أيمن محمد إبراهيم الخبير المصرفى أن الاقتصاد المصرى مازال فى الحدود الآمنة حيث يصل معدل الدين الداخلى والخارجى إلى 78% من قيمة الناتج المحلى حيث يبلغ الدين المحلى حوالى تريليون جنيه مصرى ويصل الدين الخارجى إلى 35 مليار دولار، وأوضح أنه هذه المعدلات مقبولة قياسًا بالكثير من الدول منها أكثر الدول تقدمًا. ومن ناحية أخرى يحذر د. أيمن محمد إبراهيم من التقاعس عن معالجة الأزمة الاقتصادية الراهنة بشكل حقيقى وخلال وسائل غير تقليدية، مؤكدأً أن الأساليب التقليدية من الممكن أن تؤدى إلى طبع أوراق بنكنوت على المكشوف وهو ما يقود إلى التضخم الجامح الذى يعد أخطر أنواع التضخم. ويرى أن هناك العديد من الوسائل غير التقليدية لزيادة الدخل القومى منها تنفيذ مشروع بنك الشعب الذى يقضى بتوفير مبلغ 3 مليارات جنيه شهريًا، موضحًا أن تمويل هذا المشروع يقوم على دمج مبالغ كسر العلامة العشرية على مستوى جميع الهيئات والوزارات موضحا أن أجرى دراسة علمية بهذا الصدد، وأن الدراسة أثبتت إمكانية توظيف هذه الموارد خلال مشروع بنك الشعب فى شراء أذون خزانة بفائدة لا تتعدى 10% فقط وهو ما يعنى توفير 4% فارق الفائدة عن البنوك الأخرى لصالح الخزانة العامة للدولة. ويوصى أيضا بضرورة تطبيق الحد الأقصى للأجور وتحصيل المتأخرات الضريبية على رجال الأعمال التى تصل إلى 30 مليار دولار.