قالوا قديماً: من يعرف كيف يختار مساعديه يملك العالم .. وقالوا أيضاً: إن اختيار العناصر الصالحة لخدمة بلادها هى بطاريات الدفع التى تجعلها فى مصاف الدول العظمى وأن أكسير الحب تجاه الوطن هو كلمة السر فى نجاحها.. ولهذا كله جاءت مبررات اختيار وزير الخارجية الأمريكى الجديد جون كيرى واضحة فى عبارة صاغها الرئيس الأمريكى أوباما فى إيجاز «بأنه الخيار الأمثل لهذه المرحلة». بدأ كيرى (70 عاماً) حياته السياسية مبكراً فى لجنة الخارجية فى مجلس الشيوخ واستمر بها لمدة عشرين عاماً، وقد دربه عمل والده الدبلوماسى وتنقله للحياة فى بلدان وعوالم مختلفة على التعامل مع بيئات عدة بالإضافة لإيجادته لخمس لغات. وشارك كيرى فى حرب فيتنام مما جعله يكره الحلول العسكرية ويجنح للحلول الدبلوماسية أو الناعمة لحل المشاكل المعقدة فهو جندى تدرب على الطاعة والمواجهة وعدم الفرار من أرض المعركة. تقول عنه الصحفية الأمريكية بوسى بيلين: «إن الصراع فى الشرق الأوسط يأتى فى قمة اهتمامات كيرى نظراً لأنه ينتمى لأسرة يهودية فأبويه يهوديى الديانة، وقد تخلى أخوه كاميرون كيرى عن ديانته المسيحية واعتنق اليهودية وأصبح من النشطاء اليهود فى أمريكا وهذا يفسر اهتمامه بأمن إسرائيل رغم إعلان رفضه لسياستها العدوانية والإستطانية تجاة الشعب الفلسطينى». وتضيف بوسى: «أن كيرى جاء ليحل مشكلة الشرق الأوسط». ويرى آخرون أن اختيار كيرى جاء بعد صفقة مع صقور الحزب الجمهورى المنافس الذين وافقوا على اختيار كيرى لمنصب الخارجية مقابل تخلى أوباما عن سوزان رايس التى كانت المرشحة الأولى لشغل هذا المنصب، وذلك بسبب تصريحاتها الأخيرة بعد حادثة الاعتداء على السفارة الأمريكية فى بنغازى وكذلك التعهد بعدم استغلال هذه الحادثة إعلامياً ودعائياً أثناء حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة وإعتبار الفاعل مجهولا وهذا يعكس نجاح كيرى فى خلق وفاق بين الحزبين المتنافسين داخل الكونجرس فى مجال السياسة الخارجية للولايات المتحدة وسوف يساعد هذا التقارب فى تسهيل العمل الخارجى وبمباركة الحزبين الجمهورى و الديمقراطى وسيكون المستفيد الأول والأخير وكالعادة الربيب الإسرائيلى الذى يصف كيرى كما جاء على صفحات الجرائد ب «الحليف الفولاذى» فى مواجهة العالم. والواجب علينا ألا نبتلع تصريحات العدو الإسرائيلى بآلية وتبسط بل من المفترض بذل الجهود الحثيثة لتفويت الفرص عليهم فى فرض الشخوص والسياسات التى تصب دائماً من الحليف الأمريكى تجاه مصالحهم والتى تشحذ الشوكة الإسرائيلية وتعمق وجودها فى خاصرة المنطقة العربية كلها.