باربرا سترايسند تدعم أوباما لم يكن اليهود في الولاياتالمتحدة يوماً جماعة ذات وزن سكاني معتبر، فهم يحتلون الترتيب الثالث في الأقليات السكانية الأمريكية. وليس ثمة حصر دقيق لتعداد اليهود الأمريكيين، إلا ان التقديرات تدور حول كونهم يشكلون 2٪ من اجمالي السكان الأمريكيين، 80٪ منهم لهم حق الاقتراع وهي أكبر نسبة للتصويت بين الجماعات السكانية الأمريكية. الأرقام المجردة علي هذا النحو لاتدفع نحو الاهتمام كثيراً بتأثير التصويت اليهودي علي نتائج الانتخابات الرئاسية، خاصة إذا عرفنا ان اليهود يميلون للانتقال الي الولايات ذات القدرة التصويتية العالية وأن هناك اربع ولايات تضم بين سكانها يهوداً يفوق عددهم نصف يهود أمريكا كلها وهي نيويورك وكاليفورنيا، وفوريدا ونيوچيرسي، الأمر الذي لا يُعوِز أي مرشح للهرولة خلف الصوت اليهودي تحديدا، ففي مثل تلك الولايات يسعي المرشح لحصد أصوات اليهود وغير اليهود علي حد سواء. ولا تعتبر معظم الولايات ذات الكثافة اليهودية ساحة منافسة حقيقية بين أوباما ورومني، فهي تميل في غالبيتها نحو أوباما الذي لن يجد عناء كبيراً فيها. من هنا قد يبدو أن الصوت اليهودي غير ذي أثر، لاسيما في ضوء الضوضاء السياسية التي يطلقها المسيحيون الأصوليون الذين يظهرون تشدداً وموالاة لإسرائيل قد تفوق موالاة اليهود. مع ذلك فتلك الجماعة ضئيلة الحجم لها من النفوذ والتأثير علي مصير مرشحي الرئاسة الأمريكية، بل ومسار السياسة الأمريكية ما يفوق الخيال. دعك من النفوذ الظاهر للوبي الصهيوني الرسمي المعروف باسم "ايپاك"، فهناك نفوذ المال الذي يلعب دوراً جوهرياً في رسم سياسة البيت الأبيض، بما يجعل من التبرعات لدعم حملات المرشحين وترشيحات الأحزاب سلاحاً ماضياً، ومألوفاً. المال .. وأسلحة أخري المال اليهودي "غالباً" ما يمتزج بالسياسة، ودائما تبدو اسرائيل في خلفية الصورة. وعلي مدي الشهور الأخيرة السابقة للانتخابات شهدنا تحذيرات شديدة اللهجة من كبار المانحين اليهود وجامعي التبرعات لأوباما وهو يسعي للفوز بدورة رئاسة ثانية من عدم إغضاب المدللة اسرائيل، وكان أكثر مايقلق هؤلاء المانحين اليهود سياسات أوباما تجاه إسرائيل وفظاظته في معاملة نتانياهو أثناء لقاءاتهما المشتركة. وقد عبر هذا الفريق عن استيائه مثلا من إجبار أوباما لإسرائيل علي اتخاذ موقف يتعارض مع رغبتها بشأن المستوطنات، ورأوا أن الرئيس الأمريكي يمارس ضغوطاً علي اسرائيل أكثر من تلك التي يمارسها علي الفلسطينيين. وعلي الرغم من الدَفعة المالية التي حصل عليها اوباما من اثنين من كبار المانحين اليهود له (إيروين مارك چاكوبز، و حاييم صابان) وقدرت ب3 مليون دولار، إلا ان هذه الأرقام السبعة تضاءلت أمام طوفان الملايين الذي تدفق علي منافسه ميت رومني، بل إن أوباما فقَدَ بسبب سياسته الشرق الأوسطية دعم بعض الأفراد من كبار مانحيه اليهود في انتخابات 2008 والأدهي ان هؤلاء الأفراد تحولوا بتبرعاتهم الي منافسه ميت رومني ودوائر الجمهوريين، ومن أشهر هؤلاء »ستيڤن روس« رجل العقارات العملاق، والمدير السابق لشركة "ريبوك للأحذية »پول فايرمان«. بخلاف سلاح المال ، ربما يحاول أوباما الاستفادة من سلاح الجمال والشهرة، والإتكاء علي دعم نجوم السينما والتليفزيون. فكما ساهم دعم نجمة التليڤزيون أوپرا وينفري في فوزه بالانتخابات الماضية، قد يستفيد من دعم نجمة السينما اليهودية باربرا سترايسند التي جاهرت بدعمها له ودعت الأمريكيين لإعادة انتخابه. سقطة رومني مع هذا الاستياء من سياسة أوباما الشرق أوسطية - الذي احسن رومني استغلاله- والتحول في مواقف كبار المانحين اليهود لصالحه بما يبعث لديه الأمل في حصد نسبة لا بأس بها من أصوات يهود الولاياتالمتحدة قد تجنبه خسارة الانتخابات، إلا أن الحياة اليومية للمواطن الأمريكي اليهودي تطل بتأثيرها أيضا علي اتجاهات التصويت. وكان اختياره لنائبه بول ريان هو السقطة في نظر عدد من المعلقين التي قد تفقده تصويت اليهود. لأن الناخب اليهودي - شأنه شأن أي مواطن أمريكي آخر- يأبه لقضايا الرعاية الصحية والاقتصاد والإجهاض. وحسب دراسة أخيرة فإن اليهود الأمريكيين من أكثر الجماعات العرقية ارتياحاً واستفادة من السياسة الحكومية في تلك المجالات، وهم سعداء بمستوي الإنفاق الحكومي في مجال الرعاية الصحية، ويهابون من موقف اليمين المسيحي بشأن معارضة الحق في الإجهاض. ومعروف أن ريان معارض شرس لحق المرأة في الإجهاض حتي في حالات الاغتصاب، وهو ضد كل المشروعات الحكومية لتنظيم الأسرة، كما إنه يسعي لتحويل برنامج الرعاية الصحية الي نظام الكوبونات. الأمر الذي يُفقد فريق رومني/ ريان جاذبيته بالنسبة للناخب اليهودي الذي يعتبر من أكثر ناخبي الأقليات ليبرالية في الشأن الاجتماعي والثقافي. يهود نعم.. اسرائيليون لا مما يعزز هذه النظرة ما ذكره البروفيسور يهودا كيرتزر الناشط بالحزب الديموقراطي وهو إبن سفير امريكا السابق لدي اسرائيل دانييل كيرتزر، من أن الناخب اليهودي لا يختار الرئيس الأمريكي بناءً علي سياسته الخارجية نحو اسرائيل، فهو لا يضعها في حسبانه، وإنما بناءً علي سياسته الداخلية بحسب القدر الذي يخدم مصالحه. ويؤكد كيرتزر أن يهود أمريكا يشعرون بالعار من اسرائيل، لكنهم فخورون بيهوديتهم، وأن الجالية اليهودية صاحبة أكبر نسبة تصويت بين الجماعات العرقية والدينية المختلفة، لأنهم مهتمون بالسياسة، ومثقفون علي نحو ما، وان بعض اليهود قد ينزعجون من عدم تعاطف اوباما مع اسرائيل، لكن الغالبية لا تعير المسألة الإسرائيلية اهتماماً كبيراً. وترجح غالبية التقارير عدم تأثر الصوت اليهودي كثيراً بالسياسة الخارجية للمرشح، بما يطمئن أوباما علي عدم فقدان كتلته التصويتية اليهودية رغم كل المحاولات الإسرائيلية لترهيبه وتجريده من شعبيته التي اكتسبها علي مدي دورته الأولي. إلي حائط المبكي هرول المرشحان وارتديا الطاقية اليهودية