فتاة صغيرة.. نحيفة.. ملامحها دقيقة رقيقة.. سمراء جميلة تنام فى حضن أمها طوال رحلة القطار التى تستغرق قرابة العشر ساعات من محافظتها بجنوب الصعيد إلى القاهرة.. ترى الأسى والحزن يشكلان ملامح وجه الأم البائسة التى تنظر إلى ابنتها نظرة بقدر ما تحتمل من حب بقدر ما تحتمل من حزن.. تتذكر الأم مولد طفلتها وكيف كانت فرحة مسرورة بقدومها بالرغم من أن لديها من البنات ستاً وولداً، ولكن هذه الابنة كانت لها معزة خاصة وحب من أول شهور حملها.. هى حبة العين.. جزء من القلب. وقد أصاب قلبى الوجع.. تحملت الكثير.. الكثير الذى لا يقوى عليه الرجال.. وبالرغم من أنك صغيرة عود أخضر لن يحتاج إلى أن يكبر ويشتد.. ولكن هاهى ذى الرياح تأتى فى محاولة لأن تكسرك ولكنها وجدتك صلبة بالرغم من أن عمرك لم يتعد الأعوام الخمسة.. تقول الأم إن طفلتها كانت حبيبة أبيها لم يكن يهمل لها طالبا منذ أن بدأت تنطق وعرفت الكلام.. كان ينهرنى لو رفضت طلباً لها.. فهو يريد أن يراها سعيدة ويرى ابتسامتها على شفتيها.. ومرت الأيام وبلغت الرابعة من عمرها.. كان يوماً شمسه قوية حارقة.. كان يوما من أيام الصيف الخانقة التى تجعلك من شدة حرارتها وقسوة مناخها غير قادر على أن تتنفس.. استيقظت الطفلة باكية تمسك رأسها.. حضتنها الأم وسألت ما بها وضعت الطفلة يدها على رأسها وأخبرت الأم أن هناك ألماً نظرت الأم لوجهها لاحظت أن عينها اليمنى يشوبها الاحمرار وبدأت الطفلة تضع يدها فى عينها وتفركها بيدها حاولت الأم إلهاء الطفلة قليلا ولكنها عادت للبكاء وأخذت تتألم ظلت هكذا طوال النهار حتى عاد الأب من عمله وشاهد عين الطفلة وتساءل عن السبب ولكن الأم أخبرته أنها استيقظت من نومها وهى تتألم من رأسها وعينها.. طلب منها أن تصطحبها فى الصباح إلى المستشفى.. كانت ليلة قاسية لم تنم الطفلة فيها من شدة الألم بات الأب والأم ليلتهما يحاولان تخفيف الآلام عن طفلتهما. فى الصباح حملتها الأم إلى المستشفى فحصها الطبيب وشخّص الحالة بأنها مصابة ببعض الالتهابات فى العين بسبب حرارة الجو الشديد وصف لها بعض المراهم والأدوية وطلب أن يراها بعد أسبوع مر هذا الأسبوع على الطفلة وأسرتها كأنه سنة.. الطفلة لم تكف عن البكاء من الألم.. الأم تؤكد أن الدواء سوف يخفف من آلامها.. ولكن اضطرت إلى حملها إلى المستشفى مرة أخرى وعندما فحصها الطبيب مرة أخرى طلب إجراء أشعة على العين وعندما عادت بها الأم ونظر الطبيب إليها ثم طلب من الأم حمل الطفلة والذهاب بها إلى القاهرة لعرضها على الأطباء والمتخصصين بالمعهد القومى للأورام حمل الأب الطفلة واصطحب الزوجة وركب قطار الليل الذى يصل القاهرة فى الصباح.. دموعه ودموع الأم تنهمر كأنها أنهار والطفلة تنظر إليهما ولا تعى ولكنها سعيدة لأنها أخيرا ركبوا القطار الذى لم تركبه من قبل.. وصلوا إلى المعهد القومى للأورام، فحص الأطباء الطفلة وقاموا بإجراء أشعة وتحاليل وكانت المفاجأة القاسية أن الطفلة مصابة بورم سرطانى بعصب العين عاد الأب إلى القرية وترك طفلته وأمها بالمعهد لتلقى جلسات العلاج الكيماوى، ولكن الأطباء أكدوا احتياج الطفلة إلى إجراء جراحة لاستئصال العين وذلك حتى لا ينتشر السرطان ويمتد لينهش جسد الطفلة.. الأم وطفلتها الصغيرة التى لم تتجاوز السادسة من عمرها فى رحلة عذاب وشقاء ما بين قريتهم بجنوب الصعيد ومعهد الأورام بالقاهرة الأب غير قادر على توفير نفقات علاج الابنة، وغير قادر أيضا على توفير مصاريف السفر والانتقال من وإلى القاهرة فهو عامل أرزقى على باب الله دخله لا يتعدى 200 جنيه ولديه من الأولاد الثمانية بخلاف الطفلة المريضة.. أرسلت الأم خطاباً تطلب فيه المساعدة من أهل الخير.. فهل هناك من يمد يد العون لها؟ من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.