كان هناك من ينتظر نهاية العالم أمس الجمعة 21/12/2012 على اعتبار أن هذا العدد من أكتوبر يصدر السبت 22/12. وفى مصر برغم سخونة الأحداث السياسية كان هناك اهتمام وحديث وقلق بالغ انتاب كبارًا وصغارًاعن نبوءة مبنية على حسابات فلكية تنتهى بكارثة تصيب كوكب الأرض. تاريخ النبوءة المزعومة، يعود لشعب «المايا» الذى اشتهر بعلم الفلك والرياضيات والتنبؤ، وشعب المايا عبارة عن قبائل هندية أسست مدنها فى جنوب أمريكا، صنع هذا الشعب التقويم البشرى استنادا على رواياتهم بأن البشر يخلقون ويفنون فى دورات كل 5000 عام، وأن الحياة البشرية ظهرت عام 3114 قبل الميلاد، واستنادا عليه تم تحديد يوم 21-12-2012 هو يوم القيامة ونهاية العالم، حيث سيحدث – على حد زعم النبوءة - حادث كونى كبير «سيقلب الأرض رأسا على عقب»، بعد أن يرتطم جسم ضخم سمى كوكب «نيبيرو» بالكرة الأرضية منهيا كافة أشكال الحياة عليها، ومما ساعد على انتشار تلك النبوءة أن العديد من علماء الفلك قد أصدروا نبوءات مشابهة، فقد أشار المتنبئ الفرنسى الشهير «نوستراداموس «سنة 1890، إلى أن الكواكب التابعة للمجموعة الشمسية ستضطرب بنهاية الألفية الثانية وستسبب دمار الحياة بعد 12 عاما فقط، أما عالم الرياضيات اليابانى «هايدو ايناكاوا» الذى عاش قبل أكثر من نصف قرن، فقد تنبأ بأن كواكب المجموعة الشمسية سوف تصطف فى خط واحد خلف الشمس، وأن هذه الظاهرة سوف تصاحب بتغيرات مناخية وخيمة تنهى الحياة على سطح الأرض بحلول 2012. فى المخابئ ويبدو أن تلك النبوءات قد وجدت صداها لدى شعوب العالم المتقدم، حيث انتشرت عدة مخابئ آمنة فى العديد من بلاد العالم لتنقذ شعوبهم من نهاية العالم، وكان من أهم هذه المخابئ جبل «رتانى» والذى يقع على مسافة 250 كيلومترًا شرقى العاصمة الصربية بلجراد، وهو جزء من منطقة الكاريات التى تشتهر فى صربيا بأعشابها الطبية وطبيعتها الخلابة وهوائها النقى، وقد تم تسويق هذه المنطقة باعتبارها أفضل مكان للنجاة من نهاية العالم الوشيكة، وتستند المنطقة فى وعدها بالنجاة إلى القوى الروحية التى يقول السكان المحليون إنها غمرت المنطقة منذ أن ابتلع الجبل الهرمى الشكل قصرا مملوكا لساحر ثرى وحبسه بداخله، وقد أدت تلك الرواية إلى قيام الآلاف بالحجز فى الفندق الموجود بتلك المنطقة للنجاة من هذا اليوم، ولم يقتصر الأمر على صربيا فقط، ففى فرنسا فُتحت قلعة «شوننبور» وكهوفها تحت الأرض بصورة استثنائية. وهذا البناء هو جزء من خط ماجينو الدفاعى الذى عجز عن صد القوات النازية فى الحرب العالمية الثانية، أما فى غرب تركيا فقد جذبت قرية «سيرينس» الباحثين عن ملجأ لإيمانهم بأن هذه القرية آمنة، لأنها المكان الذى سترفع منه السيدة العذراء الى السماء، وفى إيطاليا عمد عشرات المواطنين إلى بناء ملاجىء محصنة تحميهم من نهاية العالم. اهتمام رسمى وإذا انتقلنا إلى روسيا، سنجد اهتماما رسميا وشعبيا وسياسيا بهذا الأمر، فعلى المستوى السياسى تحدث الرئيس بوتين عن هذا الأمر، مؤكدا أن نهاية العالم لن تحل إلا بعد 4,5 مليار سنة وفق الدورة الشمسية، قائلا « أعلم أن نهاية العالم ستحل بعد 4,5 مليار سنة، فهذه الدورة التى تعتمدها شمسنا» وأكد الرئيس الروسى أنه لا يخشى نهاية العالم، متسائلا ما الفائدة من الخوف إذا كان لك قضاء وقدر، ورغم «تطمينات» بوتين إلا أن ذلك لم يمنع من وجود المخابىء الآمنة، ولكنها لم تزد على 300 ملجأ انشئت فى مخابئ عسكرية حصينة تعود إلى الحقبة الستالينية، بعمق 65 مترا تحت سطح الأرض، حيث تكلف الحصول على مخبأ آمن 30 ألف روبل (حوالى 12 ألف دولار) أما المواطنون العاديون الذين لم يستطيعوا الاختباء فى تلك المخابىء الآمنة، فقد قاموا بشراء المؤن وتخزينها تحسبا لقيام الساعة، مما أدى لقيام الحكومة بتوجيه مسئوليها بضرورة العمل على تهدئة تلك المخاوف. هوس النهاية أما فى الصين، فقد اجتاح آلاف الأشخاص هوس « نهاية العالم»، مما دفع بعض المستفيدين إلى الترويج لمنتجات وهمية ووسائل إنقاذ وغيرها كأفضل الطرق لمواجهة نهاية العالم، كما منحت مؤسسات وشركات عطلات «يوم القيامة»، وصرفت العديد من مكافآت نهاية الخدمة للعاملين بها. كذلك أصدرت المؤسسات «دليل البقاء على قيد الحياة»، كما عززت تنبؤات المايا بنهاية دورة حياة الأرض مبيعات الكتب المتعلقة بفكرة «يوم القيامة»، وانتشرت أعداد كبيرة من المؤلفات حول هذا الموضوع فى الأسواق الصينية والمكتبات، منها ما هو قيم ومنها ما هو مجرد عبث بعقول الناس، الأكثر من ذلك ما قام به قروى صينى من إقليم شينجيانغ، حيث أخذ الموضوع بجدية زائدة واستثمر مدخراته لبناء سفينة «أطلق عليها سفينة نوح الجديدة « تقيه الفيضانات التى ستحدث خلال هذا اليوم، وعلى الرغم من أنه يأمل أن يساعده القارب على النجاة، إلا أنه أقر بأن ذلك لم يكن دافعه الوحيد، بل رغب أيضا فى استخدام القارب للاستمتاع بالمنظر فى نهر «تريم» الصينى، وتأمين خدمات النقل البحرى فى حال نجا العالم من الكارثة. وإذا كان الخوف اجتاح شعوبًا كثيرة، فإن بعض البلاد استفادت من تلك النبوءة، منها المكسيك، حيث سنت الحكومة برنامج احتفالات لاستقطاب 52 مليون سائح أجنبى ووطنى خلال سنة 2013 عبر تنظيم حوالى 600 حدث بمختلف المناطق الأثرية من أجل التعريف بحضارة «المايا» التى عاشت أوجها بين أواسط القرن الثالث وبداية القرن العاشر الميلادى، وتراهن المكسيك على الحدث من أجل الدفع بعجلة السياحة من جديد.