حالة الانقسام التى يشهدها الشارع المصرى خلال الأسابيع الماضية والذى من المتوقع أن تستمر، فى ظل تمسك المعارضة بمطالبها، وتمسك أعضاء التيار الإسلامى برأيهم، جعلتنى أتذكر، ما قاله لى صديقى، حول قصة الفلاح المصرى الفصيح الذى ضرب أروع الأمثلة، فى المطالبة بحقه، فى أدب جم، حفظته 9 برديات، والإصرار عليه، ورفض التنازل عنه طالما أنه صاحب حق، فى الوقت ذاته كان الحاكم يعلم ما يدور فى البلاد ويحرص على نشر العدل، وتمنيت لو أن المعارضة فى مصر تتعلم كيف تطالب بحقها، كما تمنيت لو أن الرئيس أيضا يبحث فى تلك المطالب، ليرى الحق فيها، ويرده إلى أصحابه، وينزل عليه، ويرفع الظلم عن المظلومين. تبدأ القصة منذ أربعة ألاف سنه عندما أراد الفلاح «خونانوب» وهو فى طريقه عائدا من أرض الملح، أن يمر من أمام قصر «دجحوتى نخت» كبير موظفى البلاط الملكى، ومعه قافلة من الحمير التى تحمل الملح، فقام «دجحوتى» بقطع الطريق، ونزل وهو مرتديا قميصا أبيض مبللا بالماء، لكى يدعى على الفلاح ظلما، أن حميره قد أثارت الغبار، وهى مارة بالطريق، فلوثت ثيابه عندها يصادر قافلة الملح، أو ينزل أحد حمير القافلة فى أرضه، وعندها أيضا يدعى أنه وقع عليه ظلم ويصادر القافلة، وعلم الفلاح بالأمر وقام بالاستعداد له، ومرت القافلة بسلام وما أن أفلت من الفخ الأول حتى سقط فى الثانى وانحرف الحمار الذى يسير فى نهاية القافلة عن الطريق ونزل إلى أرض «دجحوتى» ليجد مبررا ليأخذ قافلة الفلاح، وقام بجلده، وذهب الفلاح إلى حاكم الإقليم مقدما شكواه ضد «دجحوتى» قائلا: «إنك أب لليتيم وزوج للأرملة، وثوب الذى لا أم له، دعنى اجعل اسمك فى هذه الأرض، فوق كل قانون عادل، إنى اتكلم فهل لك أن تسمع، أقم العدل.. اكشف عنى الضر، انظر إلى إن حملى ثقيل. وأعجب الفرعون بفصاحة الفلاح فلم يفصل فى شكواه، ولكنه ظل يراقب الموقف من جانب حاكم الإقليم، وطلب منه أن يأتيه بشكاوى الفلاح أولا بأول، وتابع موظف البلاط ، فأرسل الفلاح الرسالة الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة وقال فيها: «لقد نصبت لتسمع الشكاوى و تفصل بين المتخاصمين وتضرب على يد السارقين، ولكن تأمل فإنى لا?أراك تفعل شيئا غير مناصرتك للظلم أولاك الناس ثقتهم فتخليت عنهم». ونواصل حديث الفلاح المصرى فى العدد القادم لعل المعارضة والأغلبية كل منهم يتعلم كيف تكون المعارضة؟ وكيف تدار الدولة؟