تبدأ اليوم- السبت- تزامنا مع صدور هذا العدد من أكتوبر المرحلة الثانية من الاستفتاء على الدستور وسط تطلعات وطموحات المصريين فى أن تتم هذه المرحلة فى أجواء من النزاهة والشفافية لتجاوز ما شاب المرحلة الأولى التى فجرت جدلا وأعقبها تبادل اتهامات بين المصوتين ب «نعم» من الغالبية المحسوبة على تيار الإسلام السياسى والمصوتين ب «لا» من المنتمين للتيار المدنى حول ما تردد عن وجود عمليات تزوير فى بعض اللجان، وما تبعه من إعلان كل طرف النتيجة على نحو يؤكد انتصاره على الطرف الآخر. د.إبراهيم أحمد إبراهيم أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة يرى أنه كان من الأصوب ألا يعلن كل طرف نتيجة الاستفتاء على المرحلة الأولى، لأن ذلك يعد تعديا على حق اللجنة العليا للانتخابات، فالطرف الأول قال إن النتيجة 56% ب «نعم»، بينما قال الطرف الثانى إن النتيجة 66% ب «لا»، ويرجع ذلك إلى التقديرات التى بنى عليها كل طرف رأيه، بينما اللجنة العليا هى المسئولة عن إعلان النتيجة النهائية التى من المنتظر ألا تعلن إلا بعد فحص الطعون والتى تدور حول تعطيل الاستفتاء ويدللون على ذلك بطول الطوابير لساعات طويلة، وأثر ذلك على المرضى وكبار السن والنساء من عدم تمكينهم من الإدلاء بأصواتهم لعدم قدرتهم على تحمل مشاق الانتظار، وهذه ظاهرة تأكدت خلافا عن الانتخابات السابقة. وهناك بعض اللجان أغلقت أبوابها قبل انتهاء الميعاد الذى تم تمديده إلى الساعة الحادية عشرة مساء، وهناك دعاوى بوجود مشرفين على الاستفتاء من غير القضاة. ويرى د. إبراهيم أحمد إبراهيم أن هذه الأمور قد تؤثر على نتيجة الاستفتاء، مشددا على أن اللجنة العليا للانتخابات تعالج هذه الدعاوى بشفافية حتى يتضح للجميع صحة الاستفتاء، وبالنسبة لحدوث عمليات تزوير فإنه من الصعب حدوثها، والأمر يحتاج إلى إثبات، مشيرا إلى أن اللجنة العليا مهمتها التحقيق فى كل هذه الشكاوى، ونحن نثق فى القضاء المصرى الذى سيفصل بها فى عدل. مخالفات ! من جهته يؤكد عبد الفتاح حامد رئيس منظمة الشرق الأوسط للسلام وحقوق الإنسان أن هناك بعض المخالفات حدثت فى المرحلة الأولى مثل عدم استخدام الحبر الفسفورى فى بعض اللجان فى فترة متأخرة من مساء الاستفتاء. وكذلك تأخر وصول بعض القضاة إلى اللجان، أو بعض السلبيات مثل منع دخول بعض ممثلى منظمات حقوق الإنسان وهذه سلبيات تم تبليغ اللجنة العليا بها، وإبلاغ المجلس القومى لحقوق الإنسان لإصدار تقارير بشأنها. أما شكاوى التزوير، فيشير عبدالفتاح حامد إلى حدوث بعضها مثل وجود صناديق خارج اللجان،وقد أثبتت هذه الوقائع بمحاضر رسمية لدى الشرطة، وهناك قاض منتدب للتحقيق فى هذه الاتهامات لتأكيد حدوثها من عدمه. وعلينا انتظار نتائج التحقيق التى ربما تؤدى إلى إعادة جزئية للانتخابات فى بعض اللجان التى حدث بها بطلان. اللجنة العليا بينما يرى الفقيه الدستورى د. حسام عيسى أن مسألة حسم نتيجة الاستفتاء على مسودة الدستور تعود إلى قرار اللجنة العليا للانتخابات، فهى المنوط بها أن تتابع الشكاوى والمحاضر التى تطعن فى مسار الاستفتاء، ومن واجب اللجنة العليا أن تدرس هذه الشكاوى وتبحث مدى صحتها من عدمها. مضيفا أن الطعن على النتيجة النهائية هو جائز بموجب صحة الشكاوى والدعاوى، لكن بعد الإعلان النهائى. ويختلف د. ثروت بدوى أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة مع الرأى السابق فيرى أن الاستفتاء ليس قرارًا إداريًا يمكن الطعن عليه، ولذلك لا يمكن قبول أية دعاوى بشأن النتيجة النهائية له. ويؤكد المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادى القضاة الأسبق أن الأمر مرهون بنتيجة الاستفتاء النهائية، والذى سيتحدد من خلال إعلانها إذا كان قرار الإعلان إداريا يجوز الطعن عليه، أم أنه محصن ولا يجوز الطعن ضده، وبالنسبة للدعاوى التى تتناقلها وسائل الإعلام بوجود تلاعب بالصناديق ووقائع تزوير، فقد اعتدنا على هذا النوع من التشكيك فى الانتخابات والاستفتاءات السابقة، ويتساءل كيف تكون هذه الادعاءات صحيحة، بينما المؤشرات الأولية تظهر النتائج متقاربة، مؤكدا أن الإشراف القضائى مكتمل. تقديم الشكاوى ويضيف د. رمضان بطيخ أستاذ القانون الدستورى بجامعة عين شمس أنه متاح تقديم الشكاوى والتظلمات والاعتراضات أمام اللجنة العليا للانتخابات طوال فترة الاستفتاء، أما الطعن أمام القضاء الإدارى ومجلس الدولة فهو جائز، لكن بعد إعلان النتيجة النهائية وبعد إتمام المرحلة الثانية من الاستفتاء. أما الدعاوى المحررة خلال عملية الاستفتاء فليس لها قيمة، وبعد إعلان النتيجة يمكن فتح باب الطعون، إذا ثبت أن سبب الطعن كان مؤثرا على نتيجة الاستفتاء فإن تلك النتيجة تكون باطلة. الورقة الدوارة ويوضح المستشار صدقى خلوصى رئيس هيئة قضايا الدولة السابق أن التزوير نوعان، أحدهما مادى والآخر معنوى، والمادى هو تغيير فيما هو مكتوب فإذا كتب يكتب غير المقصود، أو غير ما يملى به أو يكتب بدلا منك.. أما التزوير المعنوى فهو تزييف إرادة الناخب أو توجيهه للإدلاء بصوته فى مكان آخر، أو إدخال أوراق مزورة مثل الورقة الدوارة وغيرها وما شبه ذلك من طرق التزوير (الجهنمية) التى يمارسها الخصوم من بعضهم البعض، وهذا بالطبع يفسد العملية الانتخابية. وينصح المستشار صدقى خلوصى جموع الناخبين المصريين بالتحرر تماما من تزييف إرادتهم فهم المنوط بهم إبداء الرأى ب «نعم» أو «لا» دون أية مؤثرات عليهم إلا قناعتهم وليعرف هؤلاء الأهل والأصدقاء أن التصويت ب «نعم» أو التصويت ب «لا» لا يدخل الجنة أو النار كما يزعم البعض زورا وبهتانا. ويرى خلوصى أنه ليست هناك أرقام حسابية تؤدى إلى إبطال أو نجاح العملية الانتخابية، وإذا وصلت النسبة إلى 51% سواء ب «نعم» أو ب «لا» تكون الانتخابات ناجحة والعكس، لكن إذا وصلت النسبة إلى 30% تكون غير مؤهلة، وتعاد الانتخابات بمعنى عدم الوصول للأغلبية. معنى التزوير ويشير د. إبراهيم العنانى أستاذ القانون بجامعة عين شمس إلى أن التزوير معناه تغيير حقيقة الشىء عن أصله، وهناك ظروف تحيط بالعملية الانتخابية والتى تعتمد على نسبة التصويت للأغلبية سواء ب?«نعم» أو ب «لا» وإذا تم منع أحد الناخبين من الإدلاء بصوته تحت أى ظرف سواء المنع أو التحريض أو ما يسمى بالحلال والحرام أو الإرهاب المادى أو المعنوى للناخب فعليه التقدم بمحضر فى الحال للجنة العليا للانتخابات شارحا فيها ما حدث له. وهنا يستطيع الناخب أن يدلى بصوته فى مكان آخر غير المسجل فيه اسمه فى جدول الانتخابات حسب الدائرة التابع لها. الرشاوى الانتخابية ويقول نبيل زكى المتحدث الرسمى باسم حزب التجمع إن العملية الانتخابية شابها الكثير من التزوير فى بعض الدوائر، ويرى أن الإشراف القضائى غير مكتمل ولم تتعد نسبته 10%، ويتهم زكى قادة وأنصار (نعم) بأنهم استغلوا الفقراء والمعوذين وغمروهم بالرشاوى الانتخابية للدفع بهذه الحشود الغفيرة لتقول (نعم).. وأن أنصارهم استخدموا دور العبادة لحشد الجماهير وهذا غير قانونى أو أخلاقى أو إنسانى، وهناك أحد أئمة مساجد الإسكندرية دعا على المنبر بالتصويت بنعم! ويشير مجدى حسين رئيس حزب العمل إلى أنه لمواجهة التزوير لابد من وجود مندوبين لجميع الأطراف، بجانب الإشراف القضائى الكامل، ويؤكد على أن ما يثار ليست أمورًا جوهرية لا يمكنها التأثير على إرادة الناخب، مؤكدا أنه بمجرد ظهور النتيجة سيستقر الوضع.. وأن كل ما يثار عن بعض الصناديق لا يدعو إلى الجدل.. والحياة لن تتوقف.. ونريد عبور المرحلة الانتقالية واستقرار البلد. ويشير مجدى حسين إلى أنه يمكن تعديل بعض مواد الدستور المختلف حولها فى المستقبل القريب، وهناك شائعات كثيرة حول الدستور، مدللا على أن الدستور الأمريكى تم تعديله 27 مرة. والشعب المصرى يريد الاستقرار.. ولابد أن يلتزم الجميع بالشرعية واحترام إرادة الشعب. قنوات تواصل ويؤكد سمير الوسيمى عضو أمانة الإعلان بحزب الحرية والعدالة أن الحزب يفتح قنوات تواصل مع القوى السياسية الأخرى بهدف خلق وفاق وطنى، مستنكرا ما يثار حول وجود عمليات تزوير فى الاستفتاء، واتهام الإخوان والحزب بالتأثير على المواطنين، مؤكدا عدم صحة ذلك، مطالبا من لديه إثبات بالتوجه به إلى الجهات المختصة وتقديمه وإذا تم رصد أية تجاوزات عن طريق القضاء المصرى الشريف فيمكن إعادة الاستفتاء أو إلغاؤه. ويتعجب د. عبدالمنعم سعيد رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية السابق من إعلان كل طرفى الاستفتاء الدينى والمدنى فوز كل منهما، وهذا ليس بحق لكليهما، ويرى أن النتيجة غير واضحة بالرغم من إعلان الاتجاهين المتناقضين، متوقعا أن يتم الاستفتاء النهائى بنعم بفارق ضئيل. وأضاف: أمامنا جدل واسع حول تزوير الاستفتاء، وهناك شك بين فى أن أقل من ثلث المصريين أقبلوا على الانتخابات، وهذه نسبة غير قانونية.. لكن الدستور عندنا يختلف عن دساتير العالم، حيث إن الأغلبية المطلوبة هى 51% فى هذا الدستور.. ومن المعمول به عالميا أنه يجب ألا تقل النسبة عن 60%. ويرفض حمدى حسن عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الحرية والعدالة ما أعلنته التيارات المدنية وجبهة الإنقاذ بالتشكيك فى نتيجة الاستفتاء على الدستور نافيا النتيجة التى أعلنوها بدون سند موثق من القضاء، والتحدث عن أية عمليات تزوير مرفوضة أيضا لعدم وجود أدلة دامغة واتهمهم بالعبث بأمن مصر بترويج الشائعات. وينفى المستشار محمد عبدالخالق بمحكمة استئناف القاهرة وجود أية عمليات تزوير، ويطلب من الجميع عدم استباق الأحداث وإعلان النتيجة قبل التحقق منها، مؤكدا أن هناك سوء تنظيم حدث فى بعض اللجان والمطلوب أن يتم تلافى هذه الأخطاء فى المرحلة الثانية، مطالبا القضاة أن يعلقوا كارنيهات إثبات صفاتهم القضائية على صدورهم حتى تكون ظاهرة للجماهير،وكذلك توفير الأحبار الفسفورية والأختام، مشددا على أن أى صندوق تكون به شبهة تزوير يجب استبعاده فورا. وفى النهاية يطلب المستشار كمال قابيل بمحكمة استئناف القاهرة من أجهزة الإعلام المختلفة أن تكون مصدرًا من مصادر الاستقرار والتحرى عن صحة المعلومة التى يقدمونها، مشيرا إلى أن التزوير يمكن ضبطه والسيطرة عليه، مؤكدا أن وقائع التزوير التى تم رصدها لا تؤثر على سير العمل فى باقى اللجان الانتخابية لأنه يجب أن تعامل كل حالة على حدة.