احتفلت حركة «حماس» فى قطاع غزة بالذكرى ال 25 لانطلاقها بحضور رئيس مكتبها السياسى خالد مشعل الذى يزور القطاع للمرة الأولى، ووفود عربية وإسلامية. حضر المهرجان الذى أقيم بساحة الكتيبة أكثر من ربع مليون شخص. وأطلقت «حماس» على احتفاليتها اسم «حجارة السجيل طريق التحرير» نسبة إلى المعركة الأخيرة التى انتصرت فيها المقاومة على الاحتلال. زيارة خالد مشعل لقطاع غزة التى استمرت أربعة أيام، وجه خلالها سيلاً من التصريحات والرسائل طالت كل الاتجاهات، من بينها رسائل إلى الداخل، وأخرى إلى الخارج وثالثة لدول عربية، ورابعة لإسرائيل، وخامسة للمجتمع الدولى. فى بيت الشيخ فى زيارة وصفت ب «التاريخية» ووسط استقبال رسمى وشعب كبير وصل رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس» خالد مشعل برفقة نائبه موسى أبو مرزوق إلى قطاع غزة، وكان فى استقباله فى الجانب الفلسطينى من معبر رفح البرى إسماعيل هنية وقادة الحركة وممثلون عن فصائل فلسطينية، فى مقدمتهم عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» زكريا الأغا. وقال مشعل: «هذا يوم تاريخى فى حياتى.. وأسأل الله أن يرزقنى الشهادة على أرض فلسطين». واعتبر دخوله غزة بمثابة ولادته الثالثة بعد ولادته الأولى عام 1956، ونجاته من محاولة الاغتيال عام 1997. وقال: «أسأل الله أن تكون ولادتى الرابعة يوم ندخل الأقصى المبارك قريباً». واصطف آلاف الفلسطينيين من أنصار «حماس» على امتداد شارع صلاح الدين الممتد من معبر رفح وحتى مدينة غزة للترحيب بمشعل ومرافقيه. واستهل مشعل زيارته بزيارة منزل مؤسس «حماس» الشيخ الشهيد أحمد ياسين فى حى الصبرة، ومنزل نائب القائد العام لكتائب القسام الشهيد أحمد الجعبرى، وعائلة الدلو التى استهدف منزلها خلال العدوان الإسرائيلى الأخير، واستشهد نحو 12 من أفرادها. وقال مشعل من منزل الشيخ أحمد ياسين إنه «كان عنوانا للمصالحة إلى جانب المقاومة ومن هذا البيت ومن غزة فى أجواء النصر ومعركة الكرامة وحجارة السجيل هذا وعد منا نحن قيادة «حماس» أن نسير على طريق المصالحة، ووأد الانقسام وتعزيز المصالحة فى مواجهة الاحتلال». وأضاف «من بيت الشيخ، يا أهل غزة أخاطبكم، يا من رفعتم رؤوسنا، أعز الله أهلها وأحبابها، وأعز الله الضفة وال48 وكل شبر من فلسطين، اليوم لقاؤنا فى غزة وغدا فى رام الله والخليل ونابلس والقدس، وبعدها سنطوف فى المدن فى يافا وصفد.. كل يعود لبلدته». وكان قطاع غزة قد شهد استعدادات واسعة لإحياء ذكرى انطلاقة «حماس» ال25 وسط تزيين الشوارع بأعلام فلسطين ورايات الحركة الخضراء. فى ساحة الكتيبة أطلقت حركة «حماس» على الاحتفال بالذكرى ال25 لانطلاقتها تسمية «حجارة السجيل طريق التحرير» نسبة إلى المعركة الأخيرة التى انتصرت فيها المقاومة على الاحتلال. ووجه مشعل فى كلمته خلال المهرجان رسائل فى كل الاتجاهات، من بينها رسائل إلى الداخل وأخرى إلى الخارج، وثالثة لدول عربية ورابعة لإسرائيل، وخامسة للمجتمع الدولى.. وشدد مشعل على أن «فلسطين كانت ولا تزال وستبقى عربية إسلامية، لنا لا لغيرنا، ولا يمكن أن نعترف بشرعية احتلال إسرائيل لها، لاشرعية لإسرائيل مهما طال الزمن، فلسطين لنا لا للصهاينة». ولم يغلق مشعل الأبواب أمام أى عمل دبلوماسى يكون بديلاً عن المقاومة قائلاً: «إذا وجد العالم طريقة ليس فيها مقاومة ودم تعيد لنا فلسطين والقدس والعودة وتنهى الاحتلال فأهلاً وسهلاً». ووجه حديثه لإسرائيل قائلاً: «جربناكم 64 عاماً ولم تفعلوا شيئا، فإذا ذهبنا للمقاومة فلا تلومونا، لو وجدنا طريقاً آخر ليس فيه حرب لسلكناه، لكن السنن الكونية تقول «إنه لانصر ولا تحرير دون تضحيات ودماء، لانقاتل اليهود لأنهم يهود لكن نقاتل الصهاينة لأنهم معتدون محتلون». وسعى إلى طمأنة دول عربية وبخاصة الأردن ولبنان من خلال التشديد على أنه «لا توطين ولا وطن بديلا ولا غنى عن فلسطين، لابديل عنها، يا أهل الأردن، الأردن عزيز علينا، لكن فلسطين هى فلسطين الأردن هو الأردن، ويا أهل لبنان لا تتعبوا أنفسكم بالخوف من توطين اللاجئين، كل فلسطينى لا يستغنى عن ذرة تراب من فلسطين». ووجه رسالة للإعلام المصرى بالقول أنه «لا يحق لأى إعلامى أو سياسى مصرى أن يتحدث عن نوازع أو اتهامات لفلسطينيين بنية الامتداد إلى سيناء، ليس الشعب الفلسطينى الذى يغادر أرضه إلى أرض أمتنا، لقد رأيتم أبناء غزة فى الحربين الأخيرتين والتدمير فوق رؤوسهم، كانوا يعودون إلى غزة ولا يخرجون منها، كفى يا إعلام مصر، اتقوا الله فى مصر وفلسطين». وشدد على ضرورة: «وحدة النظام السياسى الفلسطينى، وحدة مؤسساته، نحن سلطة واحدة ومرجعية واحدة، ومرجعيتنا هى منظمة التحرير التى نريدها أن تتوحد وتضم جميع القوى ويعاد بناؤها على أسس صحيحة لتكون مطلة للكل فى الداخل والخارج». وأضاف: «آن الأوان لطى صفحة الانقسام، الانقسام فرض علينا من اللحظة التى رفض فيها البعض انتخابات 2006 ومع ذلك عفا الله عما سلف، اليوم يوم النصر ويوم العزة». وتابع: «الخطوة التى عملها الأخ أبو مازن - الاعتراف بفلسطين كدولة مراقب - فى الأممالمتحدة خطوة جيدة نريدها أن تكون دعماً للمصالحة الوطنية وخادماً للمشروع الوطنى، المصالحة المصالحة، الوحدة الوحدة». مشاركة «فتحاوية» وقد شارك قياديون من حركة «فتح» فى الاحتفال للمرة الأولى جنباً إلى جنب مع قادة الفصائل الأخرى. ورحبت فصائل عدة فى منظمة التحرير الفلسطينية بما تضمنه خطاب مشعل فى غزة من تشديد على المصالحة. فى حين ركزت «فتح» على أولوية الانتخابات كمدخل للمصالحة. وقال عزام الأحمد مسئول ملف المصالحة «نرحب بقوة بخطاب خالد مشعل الذى كان إيجابياً جداً». وأعرب عن أمله بأن يكون خطاب مشعل ملزماً لجميع قيادات حركة «حماس» خاصة فى قطاع غزة. وقال النائب عن حركة فتح فى قطاع غزة فصيل أبو شهلا، إن مشاركة «فتح» فى مهرجان انطلاقة حركة «حماس» بمثابة رسالة أننا دعاة وحدة وطنية. وقال أبو شهلا إن «فتح وحماس وفقتا سوياً فى مواجهة العدوان الإسرائيلى على غزة والتوجه إلى الأممالمتحدة، ومشاركتنا هى مشاركة تأييد أننا معاً وسوياً سنحقق الوحدة وسوف نتوجه لتحقيق المصالحة». فى الجامعة الإسلامية توصف الجامعة الإسلامية فى غزة بأنها «مصنع» عقول حركة «حماس» ومعقلها، وخلال كلمته لطلاب الجامعة قال مشعل موجهاً الكلام لأهالى غزة: «أفقد تم شارون الحياة ومنعتموه من الموت، وخربتم بيت باراك وستخربون بيت نتنياهو». وشدد مشعل على أن عمليات المقاومة خلال المواجهة الأخيرة، خالفت كل توقعات الاحتلال، حيث تم قصف تل أبيب، الأمر الذى كان خارج حسابات إسرائيل. جدل فى إسرائيل احتلت تصريحات مشعل صدارة اهتمامات إسرائيل، ووصفت وسائل الإعلام مهرجان استقبال مشعل وخطابه ب «مهرجان الكراهية». واستهل نتنياهو الاجتماع الأسبوعى لحكومته ليهاجم بشدة الرئيس أبو مازن وقال: «فى الأيام الأخيرة انكشف مرة أخرى الوجه الحقيقى لأعدائنا، إنهم يريدون القضاء على دولتنا» وأضاف: «الأهم هو أن أبا مازن بالذات لم يندد بكلمات القضاء على إسرائيل مثلما لم يندد من قبل بإطلاق الصواريخ على إسرائيل، وللأسف فإنه يسعى إلى المصالحة مع حماس». من جهة أخرى هاجم الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز تصريحات مشعل، وقال إنها تكشف عن الوجه الحقيقى لحماس، وقال بيريز إن على إسرائيل التفاوض مع عباس باعتباره زعيماً معتدلاً نسبياً يعارض الإرهاب ونختار طريق المفاوضات واعتبرت تسيبى ليفنى أن «حماس احتفلت بهزيمة الحكومة الإسرائيلية، كل يوم يمر فى ظل هذه الحكومة تقوى حماس صفوفها وتضعف إسرائيل». تكريس المصالحة لاشك أن ما يعزز التفاؤل الحذر بتحقيق المصالحة، يتلخص فى توافر الثقة لدى «فتح» و «حماس» بعد معركتى حرب الأيام الثمانية بالنسبة ل «حماس» والأممالمتحدة بالنسبة ل «فتح»، ووجود مستويات من التضامن والتأييد المتبادل لم تكن موجودة فى السابق. فهل أصبحت الظروف مواتية لتحقيق المصالحة وإغلاق هذا الملف بشكل جدى ونهائى. والمطلوب الآن مزيد من الضغوط العربية فى اتجاه تحقيق المصالحة بين «فتح» و«حماس» انطلاقاً مما تحقق فى غزة من إنجاز بالتصدى للعدوان الإسرائيلى، ومن إنجاز سياسى حققته السلطة الفلسطينية فى الأممالمتحدة. الخطوة التالية للمصالحة قيام حكومة وحدة وطنية تمهد لإجراء انتخابات فى كل من غزة والضفة ينبثق عنها مجلس تشريعى جديد وتحديد موعد لانتخابات رئاسية جديدة. وبدون ذهاب الفلسطينيين إلى استحقاق المصالحة، فإن المكاسب العسكرية أو السياسية التى تحققت فى غزةورام الله ستتآ كل مع مرور الوقت، والمطلوب الآن من الطرفين خطوة شجاعة نحو تحقيق المصالحة.