ظلت المكسيك لفترة طويلة الحديقة الخلفية للبيت الأمريكى تلك الحديقة المهملة التى هى أشبه بمخزن (الكرار) المفتوح لتلقى كل مخلّفات المنزل المجاور الذى يود تسريب كل سيئاته وعيوبه لكى يظل نظيفاً براقاً بينما يرتع فى الجهة الأخرى الأشقياء ورجال العصابات والمهربون و بارونات الجريمة و المخدرات فى جنة الجحيم المسماة بالمكسيك المصدرة للسموم والخادمات والخارجين عن القانون للجار الأمريكى الذى يستثمر مهارته التقليدية فى الترويج للوصفات والمطاعم المكسيكية متجاهلاً صرخات الأرامل والأيتام الذين خلّفتهم هذه الحروب الطاحنة التى أسقطت من الضحايا أعدادا تجاوزت ال60 ألف قتيل خلال السنوات الأخيرة فقط، لاسيما بعد أن أعلن الرئيس السابق فليبى كالديرون الحرب على العصابات وتجار المخدرات والسلاح خلال فترة رئاسته منذ 2006 وحتى 2012 وكانت السبب المباشر فى عودة الحزب الثورى الدستورى للمقاعد الأمامية وفوز مرشحه أنريكى بيينا نييتو بالانتخابات الرئاسية بنسبة 38% مقابل 31% لصالح المرشح اليسارى لوبيز اوبرادور الذى طعن فى نتائج الانتخابات متهماً المرشح الفائز بالتزوير حتى جاء قرار المحكمة معلناً صحة نتائج الانتخابات لتتم منذ أيام مراسم الاحتفال بأداء الرئيس بينا نييتو( 47 عاماً) لليمين الدستورية وعودة الحزب الثورى الدستورى إلى السلطة بالمكسيك وتعهده أمام مؤيديه بإعادة النظام والأمن للبلاد مستجيباً لندءات المتظاهرين الذين حملوا لافتات سوداء كتب عليها «المكسيك فى حداد» وأخرى كتب عليها « كالديرون أنت تترك مقعداً ملطخاً بالدماء» متهمين الرئيس السابق بالتسبب فى فقدان ذويهم فى حربه ضد عصابات الجريمة المنظمة والتى سقط خلالها العديد من الأبرياء الذين ماتوا أو فقدوا. وكان قد انضم إلى كالديرون بعض المؤيدين لإعلان الحرب ضد رجال العصابات متهمين الإدارة الأمريكية بالتخلى عن تقديم الدعم المناسب للرئيس كالديرون الذى اتخذ موقفه السابق لتبرئة ساحة المسئولين فى المكسيك من طوفان المخدرات والسلاح الذى يتسلل عبر الحدود ليهدد المجتمع الأمريكى. وقد حاول الرئيس السابق كالديرون تحسين صورته أمام الشعب المكسيكى وطلب تغيير اسم بلاده من الولاياتالمتحدةالمكسيكية إلى المكسيك لأنه أسهل وأفضل وكان المكسيكيون قد اختاروا الاسم السابق لبلادهم بعد الاستقلال عن أسبانيا عام 1924 عندما كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية نموذجاً للديمقراطية والحرية فالطفل المكسيكى عندما يشب عن الطوق يتسرب لوعيه أمل الحلم الأمريكى الذى يشاركه الحدود ويكتشف أن هذه الأوهام لا تعدو مجرد حلم هوليودى يستطيع تحقيقه فقط عبر الدخان الأزرق الذى يخدره ويجعله مواطنًا غير صالح إلا لممارسة الجريمة ويستحق العقاب وهذا يفسر رغبة الناخب المكسيكى فى تحقيق الأمن الذى افتقده طوال السنوات العشر الماضية واختياره للرئيس انريكى بينا نييتو الذى تعهد بتحقيق الأمن واحترام الدستور فى خطابه الأول أمام مؤيديه فهو وجه جديد لحزب قديم ساعده مظهره الوسيم ووعوده السياسية البراقة لشغل منصب حاكم ولاية مكسيكو ثم تقدمه للترشح لمنصب الرئاسة عن الحزب الثورى الدستورى الذى حكم البلاد لمدة 71 عاماً منذ الاستقلال وحتى عام 2000 ويرى الرافضون لعودة الحزب الثورى أنه يذكرهم بفترة قاسية فى تاريخ البلاد تتضمن المزيد من الفساد والاستبداد. وانريكى بينا نييتو محام والزوج الثانى للممثلة أنجيليكا ريفييرا إحدى نجمات التليفزيون .