عدد من الأحداث المتلاحقة شهدتها سيناء الأيام الماضية من قيام مجموعة من العناصر الإرهابية بقتل 3 من أفراد شرطة النجدة وإصابة آخر ، وتظاهر مجموعة من أفراد وعناصر الشرطة النظامية أمام مديرية الأمن بشمال سيناء اعتراضا على استمرار استهدافهم من قبل العناصر المسلحة فى سيناء، واحتجاجا على ما حدث لزملائهم، وقيام مجهولين بالهجوم المسلح على سيارة شرطة بالطريق الدائرى لمدينة العريش وإصابة العقيد سليم سعيد الجمال، مفتش الأمن العام بشمال سيناء، بإصابات خطيرة، جعلت المتابعين للموقف يعربون عن تخوفهم من تطور تلك الأوضاع، ولكن كانت لزيارة الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع والانتاج الحربى واللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية إلى شمال سيناء عقب الأحداث مباشرة تأثير فعال فى علاج الأزمة التى اعتبرها بعض الخبراء العسكريين تحولا نوعيا خطيرًا فى قضية الأمن داخل سيناء، وفى السطور التالية نستعرض الموقف كاملا مع آراء عدد من الخبراء الذين يرون أن تنميتها اقتصاديا وسياسيا هى كلمة السر لحماية هذا الجزء العزيز من مصر . ومن جانبه نفى العقيد أركان حرب احمد على المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة، ما تناولته بعض وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت عن تنظيم العشرات من أبناء مدينة رفح وقفة احتجاجية بالقرب من مقر المخابرات الحربية برفح يوم 4 نوفمبر الجارى للمطالبة برحيل ضباط الأجهزة الأمنية لتورطهم فى أعمال تهريب المواد البترولية بالإضافة إلى مطالب فئوية أخرى، مؤكدا أن القوات المسلحة تحترم وتقدر كافة مطالبهم الفئوية المعلنة، ولكن الادعاء الخاص بتورط الأجهزة الأمنية فى تهريب المواد البترولية إلى قطاع غزة هو ادعاء مغلوط وباطل وكاذب.. ويأتى ردًا على رفض مكتب المخابرات الحربية برفح الإفراج عن العربات التى تم ضبطها بواسطة العناصر الأمنية فى العديد من قضايا التهريب.. وفى إطار ممارسة المهربين للضغط على رجال الامن، للحد من نشاطهم فى مكافحة أعمال التهريب والتسلل بالمنطقة الحدودية خلال الفترة القادمة. واكد العقيد أحمد استمرار جهود كافة عناصرنا الأمنية فى ملاحقة جميع محاولات تهريب السلع المصرية ومنها المواد البترولية، حفاظاً على الاقتصاد الوطنى وحقوق المواطنين المصريين.. ونؤكد على عدم الخضوع لأى محاولات أو ضغوط لإيقاف جهودنا فى ذات الشأن. وأضاف بالفعل كانت هناك زيارة لمسئول عسكرى أمريكى “ نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية” وهى زيارة روتينية لتفقد القوات الأمريكية العاملة ضمن القوة متعددة الجنسيات بشمال وجنوب سيناء، نافيا ان تكون للزيارة اى علاقة بالأوضاع الأمنية فى سيناء والتى هى شأن مصرى خالص، وقد أعلنا ذلك عدة مرات من قبل. كما نفى المتحدث العسكرى ما نشرته بعض المواقع غير الرسمية ووكالات أنباء أجنبية من معلومات عن إعلان سيناء منطقة عسكرية ومعلومات أخرى عن فرض الجيش حظر التجوال بشمال سيناء. مؤكدا أن هذه المعلومات مغلوطة وبعيدة تماماً عن الصحة، وأن هذه المعلومات تأتى فى إطار استغلال البعض للإجراءات الأمنية المشددة التى اتخذتها وزارة الداخلية فى أعقاب حادث استشهاد 3 من رجال الشرطة وإصابة آخر بمدينة العريش، بالتزامن مع حوادث قطع الطرق من قبل بعض مواطنى شمال سيناء للمطالبة بإسقاط الأحكام المدنية الصادرة ضد عدد منهم. وواصل قائلا: «إن الحالة الأمنية فى شمال سيناء الآن فى صورتها الطبيعية وتعمل الشرطة بكامل طاقتها بالتعاون مع رجال القوات المسلحة بكل إصرار للحفاظ على أمن وسيادة الدولة على بقعة غالية من أراضيها». وأضاف : ان سيناء جزء غال من أرض مصر، وقد قدمت مصر و القوات المسلحة الكثير من التضحيات لاسترجاعها والحفاظ عليها... وأذكركم بما سبق أن أعلنه السيد القائد العام للقوات المسلحة بأن سيناء أمانة فى أعناق رجال القوات المسلحة ولذلك سنحافظ عليها بأرواحنا حتى نسلمها للأجيال القادمة، فى وضع أمنى وحالة تنموية أفضل بإذن الله. وأكد العقيد احمد على قائلا: «أطمئن أبناء مصر على سيناء “ الأمانة “، وأناشد الجميع بوحدة الصف والثقة فى الجهود التى تقوم بها القوات المسلحة والشرطة فى سيناء، ودعم أبنائكم من شباب القوات المسلحة والشرطة الذين يقومون بمهمة وطنية بسيناء لدعم الأمن والحفاظ على سيناء وسيادة الدولة على أراضيها». وأضاف أن قوات الجيش قامت بالانتشار السريع وتعزيز الإجراءات الأمنية حول أقسام الشرطة منعا لاستهدافها من قبل العناصر المسلحة الخارجة عن القانون وتنشيط أعمال الكمائن الأمنية الثابتة والمتحركة. وأكد على أن التدريب بالجيش لا يتوقف على مدار العام. تنمية سيناء وتعليقا على كافة الأحداث التى شهدتها سيناء على مدار الايام الماضية، قال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن ما يحدث على أرض سيناء حاليا يرجع الى عدة أسباب فى مقدمتها معاهدة السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل، والتى قيدت التواجد المصرى بشكل أو بآخر داخل المناطق الساخنة فى سيناء. الأمر الثانى يتمثل فى فشل كافة محاولات التنمية فى سيناء، مشيرا إلى أنه بعد استعادة مدينة طابا من إسرائيل فى منتصف الثمانينات قام عدد من الخبراء بإعداد دراسات مفصلة عن تنمية سيناء، وكذلك تطوير إقليم قناة السويس خاصة أن مصر تخسر سنويا ما يقرب من 40 مليار جنيهًا لعدم تطوير تلك المنطقة. واضاف نافعة ان مشروع تنمية سيناء كان معدا فى أول الثمانينات، إلا أن التنمية فى تلك المنطقة تمثل قلقا لإسرائيل وهذا كان أحد أسباب اندلاع حرب 1967 التى احتلت على إثرها إسرائيل سيناء، موضحا أنه تم الإعداد لإنشاء محطة تليفزيونية وإذاعة لسيناء ولكن سرعان مع تم تجميد المشروع وحدث انكسار فى عملية التنمية فى تلك المنطقة فى عهد النظام السابق. واشار الدكتور نافعة إلى أنه بعد عام 1995 زاد إهمال النظام السابق لسيناء بفضل مجموعة رجال الأعمال المصريين المنتفعين من إسرائيل، مشيرا إلى أن النظام السابق تجاهل المتغيرات العالمية الجديدة والمجتمعات المعاصرة وتحديد معنى الولاء والانتماء فالدولة لم تنجح فى إدارة شئون البشر وجعلت من عصا الأمن سبيلا للتعامل مع أهل سيناء. ورأى نافعة أن السبيل لحل الأزمة واستعادة هيبة الدولة هو تمكين القوات المسلحة من فرض السيطرة على المنطقة وتعديل معاهدة السلام بما يسمح بذلك، محذرا من أن عدم التعامل السريع مع الأمر ربما ينقله لمناطق حدودية أخري. نقلة نوعية وأكد اللواء نصر سالم الخبير العسكرى وأستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية أن ما حدث من قبل قوات الشرطة يعد نقلة نوعية خطيرة، وكان من الواجب عليهم تداركها وهو عدم انسحاب عناصرها من ميدان المعركة كما حدث، مؤكدا أن ما يحدث حاليا على الأرض فى سيناء هو محاولة لجر الجيش المصرى إلى مواجهة مسلحة مع أبناء سيناء، وتعد تلك المحاولة هى الثانية بعد أحداث رفح الأخيرة التى وقعت خلال شهر رمضان والتى راح ضحيتها 16 جنديا مصريا من قوات حرس الحدود . وأعرب اللواء نصر سالم عن مخاوفه من قيام عناصر الشرطة بالانسحاب من المنطقة “ج” الحدودية وهو ما سوف يدخل مصر فى أزمة، خاصة ان الاتفاقية تنص على أن العناصر الموجودة فى تلك المنطقة عناصر شرطية وليست من عناصر القوات المسلحة، وهو الأمر الذى يعنى إخلاء خُمس سيناء، وهو تطور خطير أيضا . أما الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية فيرى أن ما يحدث فى سيناء يمس هيبة الدولة خاصة أن أسبابه متراكمة منذ معاهدة السلام وعدم تنمية سيناء وتجاهل النظام السابق تلك المنطقة برمتها وزاد من تفاقم الأمر سوء إدارة المرحلة الانتقالية ثم الإفراج عن عدد من قيادات الجهاد منذ فترة ساعد مع توافر السلاح والمعدات الثقيلة المهربة من ليبيا فى القيام بعمليات إرهابية، مشددا على ضرورة فرض هيبة الدولة بالقوة، مطالبا بتعديل معاهدة السلام كسبيل لحل الأزمة التى قد تمدد لعدد من المناطق الحدودية، على حد قوله. الحل السياسى أما الدكتورة نورهان الشيخ استاذ العلوم السياسية ، فترى أن حل الأزمة فى سيناء يكمن فى بناء مؤسسات الدولة وأن يكون حلا سياسيا، مشيرة الى إن النظام السابق تجاهل سيناء من الجانبين الاقتصادى والأمنى بخلاف ما فرضته معاهدة السلام من قيود على الجانب المصري. وحمّلت نورهان المجلس العسكرى السابق والقوى السياسية سوء الأوضاع فى سيناء، موضحة أن حالة التناحر التى شهدتها المرحلة الانتقالية وعدم قيام المجلس العسكرى بإعادة بناء الدولة كان سببا فى تدهور الأوضاع فى سيناء خاصة مع تزايد الانفلات الأمنى فى مصر بشكل عام. وأضافت : حل الأزمة التى بدأت تتطاير شرارتها لمناطق حدودية يكمن فى الحل السياسى بمعنى أن يتم بناء مؤسسات الدولة سريعا والانتهاء من الدستور، لافته إلى أنه عند استقرار الأوضاع وانطلاق سياسية خارجية واضحة لمصر يمكن بعدها المطالبة بتعديل معاهدة السلام. والمعروف أن الملحق الأمنى والعسكرى لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية يقسم شبه جزيرة سيناء طوليا إلى ثلاث مناطق (أ)، (ب)، و(ج) بالترتيب من الشرق إلى الغرب، حيث ج هى المنطقة الملاصقة للحدود الإسرائيلية، وتتناقص كمية القوات ونوعية التسليح التى تسمح بها الاتفاقية للجيش المصرى فى سيناء كلما اقتربت المنطقة من الحدود الإسرائيلية، حتى تصل إلى قوات الشرطة والقوات شبه العسكرية فقط مع تسليح خفيف فى المنطقة (ج). أطراف خارجية من جانبه أكد اللواء محمود خلف الخبير العسكرى، أن ما يحدث فى شمال سيناء هو محاولة من العناصر الإجرامية إثبات عدم الاستقرار فى الدولة، وضرب هيبة الدولة من خلال وزارة الداخلية قائلاً: “الداخلية هى عنوان هيبة الدولة فى الداخل”. وحول نية بعض الجماعات إعلان سيناء إمارة اسلامية، قال خلف إن هذه شائعات مغرضة ولن يحدث هذا إلا على جثث المصريين، مؤكدا أن هناك أطرافًا خارجية تدعم حركات الجماعات الإرهابية فى سيناء التى تهدف إلى تقطيع مصر حتى تقضى على دورها الريادى فى المنطقة العربية. وطالب بالتعامل بحزم فى سيناء من أجل السيطرة على الأمن ومساعدة الشرطة هناك دون الالتفاف الى أى دعاوى، كما طالب القوى السياسية بمساعدة جهاز الشرطة فى استعادة قوته والكف عن الهجوم المستمر عليه بالحق والباطل. القوات الخاصة اما اللواء مختار قنديل الخبير الاستراتيجى والعسكرى فقد أكد أن الحل الفورى لمواجهة تفاقم الأوضاع الأمنية فى سيناء، أن تتولى عناصر القوات الخاصة “الصاعقة والمظلات” عملية تأمينها، لحين زيادة أعداد الشرطة هناك، وإعدادها قتاليا وتسليحها جيدا خلال الفترة المقبلة. مشيرا إلى ضرورة استمرار الجيش فى تأمين سيناء، خاصة أن عناصر الشرطة الموجودة هناك غير مدربة أو مسلحة تسليحا حديثا يتناسب مع ما تستخدمه العناصر المسلحة هناك، مؤكدا أن جنود الأمن المركزى لا يصلحون لتأمين تلك المناطق الوعرة. وأشار الخبير الاستراتيجى، إلى أن الإرهابيين والجهاديين، غير موجودين بمناطق جبل الحلال أو جبل الخريم أو المناطق الصحراوية المحيطة كما يشيع البعض، بل إنهم موجودون داخل المدن ويعيشون وسط السكان ويحتمون بهم، وهم معروفون للأجهزة الأمنية، لافتا إلى أن كل المعلومات الخاصة بهم متوافرة وموجودة.