كانت حريصة كل الحرص على أن تبحث عن عمل وتجده، فهو الضامن والأمان لها من غدر الزمان مرة أخرى بعد أن غدر بها.. كانت تنظر إلى النساء فى الحارة التى تعيش فيها وتجد الكثيرات منهن تصبغ ملامح الذل والهوان وجوههن.. يسيرن منحنيات الظهر بسبب الفقر.. كان عملها كعاملة بإحدى العيادات الطبية الخاصة.. وكان عملها هذا هو الصك الذى حصلت به على عريس.. لم يخطر على بالها عندما وافقت على الارتباط به أن ذلك بداية النهاية لها.. أقبلت على الحياة وهى تحلم بالسعادة.. نعم كانت سعادة، ولكنها سعادة وهمية.. إنها حاولت أن توهم نفسها بها.. من الأسبوع الأول بدأ الزوج فى توجيه الإهانات لها بصفة مستمرة، ومع ذلك كانت تخفى آلامها داخل صدرها ولا تفصح لأى إنسان بما تشعر به.. كانت مسكينة بمعنى الكلمة.. كثيرا ما كانت تفكر فى الانفصال، ولكنها كانت تخاف فى أول الأمر من كلام الجيران والأهل وزاد الخوف عندما شعرت بالجنين يتحرك داخل أحشائها.. وبرغم حزنها على حالها فإن فرحتها كانت لا توصف.. عاشت تسعة أشهر فى سعادة غامرة حاولت أن تنسى معاملة الزوج القاسية.. كانت تحلم بأول فرحة لها.. جاءها المخاض وبالرغم من آلامها فإنها كانت تنتظر سماع صراخ طفلها على أحر من الجمر.. ثم سمعت صوت الحبيب ضعيفاً واهناً وعرفت ممن حولها أنها بنت.. كانت حبيبتها.. تحملها.. تهدهدها، ولكنها لاحظت شيئاً ما بعد بلوغ الطفلة عامها الأول أنها لا تتكلم.. كانت تخرج من فمها أصوات، ولكن الحروف لا تفهم.. وجاءت ليلة كانت عصيبة على الأم وطفلتها، حيث أصيبت الابنة بارتفاع بدرجة الحرارة أعقبه تشنجات شديدة وتحول جسدها إلى ما يشبه لوح الخشب حملتها الأم وجرت إلى المستشفى تم فحصها وأجرى لها أشعة على المخ التى أكدت أنها مصابة بصرع وأنها سوف تتعرض إلى نوبات صرعية كثيرة وأنها فى حاجة إلى تناول علاج يومى ولكن للأسف هذا العلاج مكلف وعندما بدأت تطلب من الأب توفيره كان يتذمر، بل يمتنع ومدت يدها لتستدين من أجل الطفلة المسكينة.. وفى هذه الأثناء رزقها الله بطفلين آخرين.. حمدت الله أنهما أصحاء.. وكانت تقول دائما إن الطفلة المريضة هى الملاك الحارس لها ولأسرتها.. الطفلة بدأت تكبر وقفت الأم بجانبها ألحقتها بإحدى مدارس التربية الفكرية ظلت بها سنوات بالرغم من تهرب الأب من دفع المصاريف، بل كان يتهرب من مسئوليته تجاه الأسرة بأكملها الزوجة والأولاد حتى عندما أصيبت الزوجة فى حادث وتم بتر ساقها اليسرى واحتاجت إلى جهاز تعويضى حتى تستطيع أن تخدم بيتها وأولادها وتستكمل رحلتها مع الابنة المسكينة التى لم يسأل أبوها عنها ولو مرة واحدة.. الخلافات بينهما تزايدت والمشاكل تفاقمت ولم يكن هناك بد من الطلاق ولكنه رفض إعطاءها حريتها حتى يهرب من مسئوليته وعدم دفع نفقة لها وللأولاد.. أقامت دعوى طلاق فى المحكمة ظلت القضية فترة حتى تم لها ما أرادت ولكنه كان يماطل فى دفع نفقة لها وللأولاد.. وهى تحاول أن توفر مصاريف الطعام بالكاد لسنوات وسنوات وهى تتحمل ما لم يتحمله بشر وعندما تقدم عريس للابنة رفض أن يساهم فى تزويجها إلا بعد أن تدخل الأهل والجيران وطوب الأرض، ولكن يا فرحة ما تمت عادت الابنة إلى الحجرة التى تعيش فيها وأمها وأختها المريضة.. عادت مطلقة وتحمل على كتفها طفلا وتجر فى ذيلها آخر.. عادت مذلولة مقهورة بعد أن أبرأت الزوج من جميع مستحقاتها ومستحقات الأطفال حتى تتخلص منه ومن ذله.. والآن الأم بالرغم من عملها وحصولها على مرتب إلا أنه لا يكفى مصاريف علاج الابنة مريضة الصرع ومرضها هى بتليف الكبد والسكر وابنتها المطلقة بأطفالها، أرسلت تطلب المساعدة، فهل تجد؟ من يرغب فليتصل بصفحة مواقف إنسانية.