أصبح النزاع بين الحكومة ومجلس الأمة عنوانا للمأزق السياسى الذى تعانيه الكويت، وأدى إلى شلل الحياة السياسية، وهو المسئول أيضا عن بعض الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التى تواجهها الكويت. وفى سابقة تاريخية ستجرى فى الكويت انتخابات مجلس الأمة مرتين فى عام واحد، بعد أن أصدر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح مرسوما بحل مجلس الأمة المنتخب فى 2009. ودعوة الكويتيين لانتخابات نيابية خلال موعد أقصاه 60 يوما طبقا للدستور الكويتى. وجاء المرسوم الأميرى بحل المجلس بعد أيام قليلة من رفع الحكومة فى اجتماع استثنائى إلى أمير البلاد لمشروع مرسوم بحل مجلس الأمة. حل البرلمان يمهد الطريق أمام إجراء انتخابات مبكرة للمرة الثانية هذا العام، وللمرة الخامسة فى ست سنوات. وكان المجلس المنحل قد فشل فى عقد أى جلسة منذ أعادته المحكمة الدستورية فى يونيو الماضى. وكانت آخر انتخابات نيابية شهدتها الكويت قد جرت فى فبراير الماضى، والتى شكلت المعارضة التى يسيطر عليها الإسلاميون غالبية مقاعد البرلمان. لكن الحكومة التى طالما اشتكت من توتر العلاقة مع المجلس، استفادت من حكم أصدرته المحكمة الدستورية يقضى ببطلان إجراءات حل مجلس الأمة السابق المنتخب عام 2009، وإبطال انتخابات فبراير 2012، مما مكن الحكومة من إزاحة المجلس المناوئ لها، وإعادة مجلس 2009 والمجلس المنحل هو سادس مجلس يجرى حله فى الكويت من عام 2006. مراسيم الضرورة وبحل المجلس انتقلت لأمير الكويت صلاحيات السلطة التشريعية، وأصبح يمكنه إصدار «مراسيم ضرورة» من بينها مرسوم بتغيير آلية التصويت فى الانتخابات المقبلة وإبطال منح الناخبين الحق فى التصويت لأربعة مرشحين، وهو ما يوفر تفوقا نسبيا للمعارضة، وتسعى الحكومة لإجراء تعديل يمنح الناخب الواحد صوتا واحدا. والقانون الانتخابى الحالى تم إقراره عام 2006 بعد تخفيض عدد الدوائر الانتخابية من 25 إلى خمس بعد موجة احتجاجات شعبية، ونظمت بموجبه انتخابات فى 2008 و2009 و2012. وكانت الحكومة قد خسرت الشهر الماضى معركة دستورية لتغيير الدوائر الانتخابية، بعد أن رفضت المحكمة الدستورية فى 25 سبتمبر الماضى طعنا تقدمت به الحكومة ضد تقسيم الدوائر فى قانون الانتخابات، واعتبر الحكم انتصارا للمعارضة. وترى النائبة معصومة المبارك أن المهددين بالنفق المظلم إذا عدل عدد الأصوات «تمادوا فى حماستهم ومحاولاتهم البائسة للضغط على صاحب القرار، ويصورون إصدار مرسوم ضرورة بأنه انقلاب على الدستور». وقالت «لهؤلاء نقول إن مراسيم الضرورة من صلاحيات الأمير الذى له سلطة تقدير حالة الضرورة وهو المؤتمن على مصلحة البلاد». وأضافت: «كما أن للمجلس القادم قبول هذه المراسيم أو رفضها، كفى استعراضا فأنتم من أدخل البلاد فى النفق المظلم ونتطلع للخروج منه بالصوت الواحد لكل ناخب». المؤتمر الوطنى وقد أقيم «مؤتمر الحوار الوطنى» على مدى يومين وشارك فيه عدد من رموز الكويت الوطنية، ويعتبر المؤتمر جزءا من سيناريو الحراك الشعبى، وشارك فيه رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافى والوزير السابق عبد الوهاب الهارون وعدد من نواب البرلمان. المؤتمر جاء خطوة لبناء اصطفاف شعبى ووطنى خلف القيادة السياسية. وانعقد المؤتمر تحت شعار «وقفة من أجل الكويت». وأكد النائب والوزير السابق أحمد المليفى أن المؤتمر فرصة مهمة لرموز العمل السياسى فى الكويت للجلوس على طاولة واحدة لتقريب وجهات النظر وتبادل الآراء والأفكار حول مختلف القضايا السياسية فى البلاد خاصة فى ظل حالة الاحتقان التى تشهدها الساحة حاليا. من جهته نفى عبد الله خسروة عضو اللجنة التأسيسية لمؤتمر الحوار الوطنى ما يشاع عن وجود أصابع حكومية وراء تنظيم المؤتمر. وأكد أن المؤتمر لن يتوقف دوره بعد انتهاء جلساته، فهناك لجنة ستشكل لصياغة توصياته التى سترفع للقيادة السياسية، موضحا أن المؤتمر سيكون بداية لصناعة حراك سياسى جديد ومنظم يحكمه الدستور فى ظل حكم أسرة الصباح. ساحة الإرادة وكانت قوى المعارضة قد احتشدت فى ساحة الإرادة للمطالبة بسرعة حل برلمان 2009 وإجراء الانتخابات، وفق القانون الحالى (5 دوائر و4 أصوات)، كما صعدت المعارضة مطالبها بتحقيق إمارة دستورية يكون فيها رئيس الوزراء منتخبا. وقال رئيس مجلس الأمة السابق النائب أحمد السعدون «كل ما يحصل بالكويت من السلطة.. محاولة تعطيل البلد، وأعلناها فى ساحة الإرادة، ولكن الشعب فهم الرسالة وسخط الشارع حتى أسقط المجلسين.. السلطة تريد أن يختار الناخب مرشحا واحدا ولا يريدون أكثر منذ لك، حتى يسيطروا على المجلس، وأصدرت الجبهة الوطنية لحماية الدستور بيانا رأت فيه أن الخروج من الحالة الراهنة يحتم وجود تعددية حزبية وتداول ديمقراطى للسلطة التنفيذية، شأننا فى هذا شأن أى دولة ديمقراطية حديثة مع التزام تام بالحفاظ على النظام الأميرى وتوارثه فى إطاره الدستورى، بما يحفظ للأمة حقوقها وممارسة سيادتها ويحفظ للإمارة رمزيتها ومكانتها. تصحيح الأوضاع من جهة أخرى، دعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الحكومة إلى إنجاز إصلاحات قانونية فى عدد من الملفات المهمة تصل بمكافحة «الكراهية» و«الفساد» و«تنظيم الانتخابات». وانتقد أمورا تسىء إلى مكانة الكويت وسمعتها، مؤكدا ثقته فى وعى الشعب الكويتى وإدراكه لخطورة الأوضاع المضطربة التى تعيشها العديد من دول المنطقة. ودعا الشيخ صباح إلى «إمعان النظر فيما آلت إليه أوضاعنا وما تقتضيه من وقفه تأمل لتصحيح الكثير من الأمور وإعادتها إلى صوابها». وطالب الأمير الحكومة بتعجيل «إنجاز مشروع قانون متكامل يستهدف إيجاد الوسائل العملية لمكافحة الفساد والكشف عن الذمة المالية» وكذلك «مشروع قانون بإنشاء اللجنة الوطنية لتنظيم الانتخابات والحملات الانتخابية بما يعزز نزاهة عملية الانتخاب». وأيضا «مشروع قانون نبذ الكراهية وصيانة الوحدة الوطنية وتجريم كل عمل يمس بوحدة الكويتيين». ويبدو أن طلب الأمير سيفتح المجال لإصدار «مراسيم ضرورة» بشأن هذه القوانين، نظرا لغياب مجلس الأمة، وانتقال صلاحية السلطة التشريعية للأمير، ولكن حتى الآن لم يتضح عزم السلطة على تعديل الدوائر الانتخابية عبر «مرسوم ضرورة» الموضوع الذى يثير خلافا حادا بين الحكومة والمعارضة.