أعتقد أن الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور المصرى الجديد تحت الحصار.. سواء من بعض أعضائها فى الداخل.. الذين مازلوا أعضاء فيها.. ويشنون هجوما ضاريا على الجمعية التأسيسية وعلى رئيسها المستشار حسام الغريانى.. ويؤكدون فى هجومهم أن الجمعية تدار بشكل فردى وأن الرئيس لا يستمع لأحد.. أو من الذين قدموا استقالاتهم لمجرد أنهم يريدون فرض آرائهم واقتراحاتهم على مواد الدستور الجديد حتى ولو كانت تدعو إلى الفرقة ونشر بذور التعصب والانقسام بين طوائف المجتمع.. أو من الذين لم يحضروا الاجتماعات.. واكتفوا بشرف التمثيل فقط. وإذا كان هؤلاء يحاصرون الجمعية بهجوم من الداخل.. فإن الذين يهاجمون من الخارج أكثر ويسددون لها السهام من كل حدب وصوب.. ففى الأيام الأخيرة نظم أعضاء النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة مسيرة إلى مقر التأسيسية احتجاجا على الاقتراحات التى تدعو إلى إلغاء هاتين الهيئتين القضائيتن. *** وكان الحصار الثانى من أعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات الذين وجهوا رسالة إلى أعضاء الجمعية الذين كانوا يناقشون فى نفس اليوم الباب الخاص بالأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة.. وأنهم يطالبون بأن يكون «الجهاز المركزى للمحاسبات هيئة رقابية مستقلة قائمة بذاتها ذات شخصية اعتبارية».. وذلك حتى لا يتم تعديل قانون الجهاز مع كل رئيس جديد. كما طالبوا على ضرورة أن يكون أعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات مستقلين وغير قابلين للعزل ولا يجوز التدخل فى أعمالهم وينظم القانون طرق تعيينهم وترقيتهم وحصانتهم ومساءلتهم وغير ذلك من أوضاعهم الوظيفية بما يكفل استقلالهم. كما اقترح أعضاء الجهاز بأن يُعين رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات بقرار يصدر من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح جمعية عمومية خاصة تُشكل من شاغلى الوظائف الرقابية العليا بالجهاز، وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة ويؤدى قبل مباشرة أعماله اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية، ولا يجوز إعفاؤه من منصبه، ويحظر عليه مزاولة الأعمال المحظورة على الوزراء، ويُتبع فى اتهامه ومحاكمته القواعد والإجراءات المقررة فى هذا الدستور لاتهام ومحاكمة الوزراء. واقترح ممثلو الجهاز بأن يختص الجهاز المركزى للمحاسبات بالرقابة على أموال الدولة وأموال الأشخاص العامة وغيرهم من الأشخاص التى ينص عليها القانون وحمايتها ومكافحة كافة صور الفساد المالى والإدارى بالتعاون مع الجهات المعنية، وذلك كله على الوجه المبين بالقانون. *** عموما.. إن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور سوف تواصل هذا الأسبوع فى جلسات يومى الثلاثاء والأربعاء مناقشة باب الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة، وهو الباب الخامس من أبواب الدستور المقترح. وقال خيرى عبد الدايم مقرر لجنة الأجهزة الرقابية إن هذا الباب فى الدستور من الأبواب المستحدثة بمشروع الدستور ولم ترد موضوعاتها وأحكامها قط فى الدساتير المصرية المتعاقبة، ولكنها جاءت فى العديد من الدساتير العالمية المقارنة، وفى العديد من مشروعات الدساتير التى تعبر عن اجتهادات وطنية فردية أو جماعية. وقد تضمن هذا الباب المقترح 16 مادة تنص على أحكام مشتركة خاصة بالأجهزة التى نصت عليها المواد. وتتضمن هذه الأجهزة الرقابية الجهاز المركزى للمحاسبات، والبنك المركزى، والمفوضية الوطنية (الجهاز المركزى لمكافحة الفساد).. وتختص المفوضية الوطنية بمنع تضارب المصالح ونشر قيم النزاهة والشفافية وتحديد معاييرها ووضع الاستراتيجية الوطنية الخاصة بذلك ومتابعة تنفيذها. *** كما نص على إنشاء المجلس الاقتصادى والاجتماعى الذى يقوم على دعم مشاركة فئات المجتمع فى صنع السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتعزيز الحوار المجتمعى بصورة مؤسسية، وكذلك إنشاء المفوضية الوطنية للانتخابات وتختص بإدارة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحليات ويتولى إدارتها مجلس مكون من تسعة أعضاء. كما اقترح هذا الباب إنشاء الهيئة العليا لشئون الوقف وتنظيم مؤسسات الوقف العامة والخاصة وضمان إدارة الأوقاف إدارة اقتصادية رشيدة.. وأيضا إنشاء الهيئة العليا لحفظ التراث. وكذلك إقامة الهيئات المستقلة للإعلام والصحافة لتنظيم أعمالهما ويعملان على ضمان حرية الإعلام بمختلف صوره وتطويره وتعدديته وتنوعه وعدم تركزه أو احتكاره وحماية مصالح الجمهور والتزام المؤسسات الإعلامية والصحفية بأصول المهنة وأخلاقها، والحفاظ على اللغة العربية وقيم ومبادئ المجتمع.. وأن تقوم الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام على إدارة المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة للدولة وتطويرها وتنمية أصولها وتعظيم الاستثمار الوطنى فيها وضمان التزامها بأنماط أداء مهنية وإدارية واقتصادية رشيدة. *** إننى أعتقد أن الهيئة المستقلة للإعلام والصحافة سوف تقضى على الفوضى التى خلفها النظام السابق فى المؤسسات الصحفية القومية، وتعيد الحق إلى العاملين فى هذه المؤسسات التى كان يسيطر عليها حفنة من عملاء النظام وخدمه، وكانوا يغدقون عليهم بالهدايا والمكافآت والعطايا حتى ولو كانوا خارج الخدمة، ولكن ليضمنوا صمتهم!