قد يفقد الثعلب العجوز أنيابه.. وقد تكل مخالبه ولكنه يظل محتفظاً بغدة المكر.. نشطة.. وغضة.. فلا يعدم الحيلة ولا يفقد الوسيلة عندما يتقدم به العمر ويوهن العظم وينحل الذيل وتخفت حدة البصر ويضع كل طموحاته فى البصيرة و حنكة الزمن، فتنبت براثنه من جديد و يشحذ أنيابه ويعاود شبقه لطعم الدم ورائحة الأشلاء وهو يعلم يقيناً أن عصاه التى يتوكأ عليها لن تنبت - أبدأ - عليها الأغصان! وهنرى كيسنجر لمن لا يعرفه هو أحد الصقور العتاة فى السياسة الأمريكية والأب الروحى للعدو الصهيونى وراعى الحملات الإسرائيلية على الدول العربية دوماً وأخبث من روّج لفكرة حق الكيان الصهيونى فى الوجود وعلى حساب ثروات العرب أصحاب الأرض، فهو يهودى الأصل أمريكى الجنسية ألمانى المولد هرب أبواه من ألمانيا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية خوفاً من النازيين الألمان وهناك أكمل مشواره التعليمى و حصل على الجنسية الأمريكية ثم تولى حقيبة الخارجية الأمريكية فى الفترة من 1973 - 1977 ثم عمل مستشاراً للأمن القومى فى حكومتى نيكسون وجيرالد فورد ومستشارا سياسياً لكل من الرئيسين كينيدى وجونسون و اللاعب الرئيسى لاتفاقية كامب ديفيد فهو بحق الحارس الخفى للمصالح اليهودية فى العالم وعراب السياسة الخارجية لأمريكا لأكثر من خمسين عاماً. ولذلك جاءت تصريحات هنرى كيسنجر الأخيرة التى نشرتها صحيفة «ديلى سكيب» الأمريكية تعكس رؤيته لمجمل الأحداث التى ستجرى فى العالم وعلى الأخص ما سيحدث فى عالمنا العربى فى السنوات المقبلة زاعماً أن ما يحدث هو نتاج طبيعى لحنكة الدبلوماسية الأمريكية ومهارة المخابرات الإسرائيلية التى تملك القدرة على صنع وخلق الأحداث على الصعيدين الجيوسياسى والاقتصادى. ويواصل كيسنجرالبالغ من العمر 89 عاماً افتكساته قائلاً «إن الحرب القادمة ستكون قاسية وحاسمة.. ستلعب فيها القوة الأمريكية الدور الحاسم وعلى الجيش الإسرئيلى أن يستغل هذه الظروف ليقتل أكبرعدد من العرب ويستولى على العديد من بلادهم نظراً لما تحويه هذه الأراضى من ثروات طبيعية وإذا تمت الأمور كما هو مخطط لها فإن نصف الشرق الأوسط سيكون لإسرائيل فى المستقبل ولن تبقى إلا قوة عظمى واحدة وهى القوة الأمريكية التى تمتلك أفضل الأسلحة والمعدات والتى سنعرضها على العالم فى المستقبل القريب». ولعل هذه التصريحات (الأشبه بالأمنيات) التى تداولتها صحف العالم وجاءت على لسان هذا الثعلب الأمريكى العجوز تكون ناقوس خطر للقادة العرب لعلهم ينتبهون لدعوات التفرقة والتقسيم التى تجعل تحقيق الحلم الصهيونى ينتقل من خانة المستحيل إلى خانة الممكن.