من ارتكب مذبحة رفح؟.. من قتل أبناءنا بدم بارد وهم يتناولون الإفطار فى رمضان؟.. وهل ستطفئ العمليات العسكرية التى تقوم بها القوات المسلحة فى سيناء النار التى اشتعلت فى قلوبنا منذ لحظة سماعنا الخبر ورؤيتنا لدماء أبطالنا تسيل وهم يؤدون واجبهم المقدس بالزود عن حدودنا والدفاع عنها.. لن تنطفئ النار حتى نعلم من فعل هذه الجريمة النكراء. .. وهذا لن يحدث إلا إذا كانت لدينا معلومات كافية عن التنظيمات المسلحة التى تعيث فسادا فى سيناء وتتخذ من صحرائها وجبالها، وخاصة جبل «الحلال» أوكارا للاختباء وهذه المعلومات لم تكن تتوافر بشكل يخدم سعينا فى القبض على القتلة إلا فى أرشيف جهاز أمن الدولة المنحل.. فهل هذا الأرشيف موجود؟ وهل تستفيد منه المخابرات العامة التى قيل إنها حصلت على معظمه بعد محاولات الاقتحام التى حدثت لمقرات الجهاز عقب أحداث ثورة 25 يناير المجيدة؟.. وهل هناك حاجة الآن لعودة الجهاز السابق لعمله الأمنى فى خدمة الوطن والدولة وليس فى خدمة النظام أو أفراد بعينهم؟ الخبراء الأمنيون يتحدثون عن أهمية عودة هذا الجهاز فى هذا الظرف الأمنى الحرج وأهمية الاستفادة من أرشيفه عن الجماعات المتطرفة وكيفية ضبط أدائه حتى لا يشوبه أى انحراف كما كان يحدث سابقا. اللواء عصام عصفور مساعد وزير الداخلية السابق والذى عمل فى قطاع أمن الدولة لمدة 35 عاما متواصلة يرى أن قطاع أمن الدولة لابد أن يعود لأهدافه التى كان يعمل بها لخدمة الأمن القومى، ولابد أن يعود أرشيفه والمعلومات التى كان يمتلكها إليه مرة أخرى، لأن أرشيف قطاع أمن الدولة كان يتم تحديثه كل عام من كافة الأنشطة، وهو جهد إدارات جمعت معلومات تخدم الأمن القومى للبلاد. ويضيف اللواء عصفور أن الجهاز كان لديه تنسيق مستمر بينه وبين المخابرات العامة والحربية وكثيرا ما أعطى معلومات، ولأنه كان يعتمد على المعلومات القوية، فاللواء أحمد رائف أحد قيادات الجهاز السابقين رحمه الله كان لديه معلومات كثيرة عن مختلف التيارات وأنشطتها المختلفة وكانت لديه قاعدة معلومات وأصيب عندما سقطت طائرة هليكوبتر حربية، حينما كانت تنقله ومعه مجموعة مكافحة الإرهاب فى عام 2003 لمطاردة مجموعة من تنظيم القاعدة فى جبل «الحلال» وتم وقتها ضبط عناصر خطيرة، ولكن حدث خلل فى الطائرة واصطدمت بقمة الجبل وأصيب اللواء رائف بإصابات بالغة وتم نقله إلى ألمانيا للعلاج وظل يعالج هناك لمدة عامين. ويضيف اللواء عصفور أن هناك أسراراً كثيرة فى معلومات وأرشيف قطاع أمن الدولة لابد أن يتم الكشف عنها، لأن بها بطولات قام بها ضباط الجهاز. ويؤكد أن الجهاز لم يفقد معلوماته، إنما أرشيف معلوماته موجود، وأعتقد - والكلام على لسان اللواء عصفور- أن المخابرات الحربية حينما دخلت القطاع سلمته للمخابرات العامة، وهذا شىء جيد وإجراء مفيد، لأننا بذلك حافظنا على قاعدة معلومات وأرشيف القطاع الذى يحتوى على الكثير من المعلومات وعن الإرهاب والأشخاص الذين يدبرون العمليات الإرهابية. ويرى عصفور أن المطلوب هو إعادة الجهاز وأرشيف الجهاز وأن يعمل بجدية، حيث يجب أن يؤدى دوره كما كان من قبل فى هذه الظروف الصعبة التى يمر بها الوطن حاليا. أما اللواء سراج الروبى الخبير الأمنى العالمى والمدير السابق للإنتربول ومحافظ المنيا الحالى فيرى أنه لابد أن نتحرى الدقة حتى نعرف الحقيقة ولابد أن نصل للدافع أو الباعث حتى نصل للفاعل الحقيقى. ويؤكد الروبى أن كل الاحتمالات قائمة، فهناك أطراف داخلية وأخرى خارجية لها مصلحة فى هدم هذا الجهاز،وبالتالى حرمان المجتمع من أهمية الدور الذى يقوم به. ويضيف أن أهمية هذا الجهاز فى أرشيفه الذى يضم تاريخ التنظيمات الإرهابية وغير المشروعة بتاريخ مصر كلها، ويؤكد أنه يمكن إعادة هذا الجهاز مرة أخرى ليكون أقوى مما كان. فهناك كفاءات قادرة على إدارة دفة المركب الأمنى فى هذا الوقت الذى يشبه الإعصار الرهيب. ومن جانبه يؤكد اللواء ممدوح كدوانى محافظ سوهاج السابق والخبير الأمنى الذى عمل فى أمن الدولة لمدة 20 عاما أن قتل أمن الدولة يتم لمصلحة أعداء الوطن فى الداخل أو الخارج، وأيضا لمصلحة التطرف والإرهاب. ويضيف أن عودة الجهاز أمر ضرورى جدا وحتمية أمنية يفرضها الواقع الذى تعيشه البلاد حاليا، فلابد أن يعود كما كان يؤدى مهامه برصد كل الاتجاهات للقضاء على كل مظاهر الفوضى الموجودة فى الشارع، وهنا نؤكد أنه ليس هناك جهاز بديل يستطيع أن يقوم بدور جهاز أمن الدولة، لأنه جهاز لديه خبرات منذ 1923 وأرشيفه يؤرخ لتاريخ مصر وهو ثروة تضم تاريخ البلد وأسراره، وهذه الأسرار تركت لأفراد يعبثون فيها، حينما تم اقتحامه وحرق مقراته. ويضيف اللواء كدوانى أن عمل أمن الدولة متغلغل فى كل الاتجاهات والمجالات وكانت تقاريره مفيدة فى كافة المجالات والفوضى الموجودة حاليا والاحتجاجات فى الشوارع وأمام المصالح والمصانع التى يقوم بها عناصر ليس عليها كنترول، فهى فى بعض الأحيان بلطجة سياسية مثل البلطجة الجنائية تستغل الظروف الموجودة ولن يتم القضاء على البلطجة السياسية والبلطجة الجنائية فى الشوارع وحالة الفوضى إلا إذا عاد جهاز مباحث أمن الدولة لأداء عمله ويحترم الدولة ولا يخدم أى نظام أيا كان. ويشير كدوانى إلى أن المعلومات والمتابعات التى كان يقوم بها جهاز أمن الدولة كانت تمنع عمليات التخريب والفوضى وكانت ترصدها وتضبط فاعليها وتقديمهم للمحاكمة قبل أن تتفشى وتكبر وتتوسع وتسيطر، مضيفا أنه ليس هناك دولة فى العالم ليس بها جهاز لأمن الدولة، بل بها جهاز أو اثنان أمريكا بها أكثر من جهاز فرنسا وبريطانيا أيضا، وإذا كان جهاز أمن الدولة موجودا لكان قد توصل إلى معلومات ورصد خيوط هذه التنظيمات التى نفذت لمذبحة رفح فى سيناء. ويلفت إلى أن الفوضى التى تسببت فى حرق جهاز أمن الدولة وأدت إلى اقتحامه كان لمن قاموا بها مصلحة كبيرة فى هدم هذا الجهاز وقتله، فهى فوضى لم تكن خلاقة.. بل كانت فوضى هدامة وأدت إلى شبه انهيار فى أركان المنظومة الأمنية، والحل هو إعادة الجهاز لعمله وقدراته وكوادره للاستفادة من خبراتهم لأنه لا يوجد جهاز آخر يستطيع أن يقوم بهذا الدور أو المهام التى كان يقوم بها قطاع أمن الدولة والذى كان له دور بارز فى القضاء على التنظيمات الإرهابية والمتطرفة. ويرى اللواء علاء المناوى الخبير الأمنى ومدير أمن سوهاج السابق أن أرشيف قطاع أمن الدولة فى حوزة القوات المسلحة، وهنا نتساءل: هل استطاعت قيادة قطاع أمن الدولة أرشفة معلوماته والاحتفاظ بها وإمداد جهاز المخابرات العامة بهذا الأرشيف أم لا؟. ونتمنى أن يكون ذلك صحيحا لأن الأرشيف الالكترونى يضم جميع المعلومات عن التنظيمات الإرهابية والتكفيرية والجهادية، وهذا الأرشيف يجب حاليا الاستفادة منه فى ظل هذه الظروف التى تتعرض لها مصر حتى يساعد أجهزة الأمن القومى وأجهزة وزارة الداخلية الأخرى التى تقوم حاليا بمطاردة الإرهابيين.