أعتقد أن من أهم الدروس التى يجب أن نخرج بها من كل الأزمات السياسية والفقهية والقانونية التى مرت بها مصر.. منذ حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الشعب وقرار حله.. ثم قرار رئيس الجمهورية د.محمد مرسى بدعوته للانعقاد.. ثم اعتراض المحكمة الدستورية على هذا القرار.. وأخيرا انصياع رئيس الجمهورية لهذا القرار وإعلانه كل التقدير والاحترام للسلطة القضائية.. وأنه كان يهدف إلى قيام مجلس الشعب المنتخب بمهامه حتى لا يحدث فراغ فى السلطة التشريعية والرقابية.. أننا يجب أن نرسى قواعد دولة القانون والمؤسسات.. وأنه لا يوجد أحد فوق القانون أيا كان حتى ولو كان فى قامة رئيس الجمهورية.. فمصر الجديدة أو مصر الثورة عادت تنهض من جديد.. وتحترم أحكام القضاء الشامخ الذى كان النظام الفاسد البائد يدوسها بالأقدام! أما الدرس الثانى الذى يجب أن نخرج به أيضا أننا ونحن بصدد إعداد الدستور الجديد أن تكون مواده جامعة مانعة واضحة.. بمعنى أن تكون نصوصه غير قابلة للتأويل أو التفسير أو الاجتهاد الشخصى. فالصياغة لها رجالها ولها فقهاؤها.. ونحن نريد منذ هذه اللحظة أن نبتعد عن العبارات المطاطة ولغة الاستثناءات ويجوز ولا يجوز.. كما كان يفعل النظام البائد فى بعض مواد القوانين التى كانت تصدر من البرلمان.. وتفتح أبواب الاستثناءات والفساد على مصراعيه وتم من خلالها نهب وسلب ثروات هذا الشعب تحت مظلة هذه القوانين الجائرة التى كان يعدها ترزية قوانين الحزب الوطنى المنحل وتمررها أغلبيته تحت القبة!. أما الدرس الأخير وليس آخرا.. فإننا يجب أن نرتقى بلغة الحوار بيننا، وأن نبتعد فى خلافاتنا عن لغة التخوين والاتهامات المرسلة التى لا تستند إلى أى دليل مادى.. وتؤدى إلى توسيع مساحة الشقاق والخلاف بيننا. فالأزمة الأخيرة استخدم كل فريق فيها أسلحة ما أنزل الله بها من سلطان ولا يرضى بها أحد أن تصدر من فقهاء دستوريين وأساتذة جامعات ومستشارين وإعلاميين يشارلهم بالبنان!. وأحسب أن الخلاف كان بسبب ما ذكرته أن الصياغة للقوانين المصرية-للأسف الشديد- تحتمل أكثر من رأى وأكثر من وجه، وتحتمل القيل والقال والتفسيرات المغلوطة أو الصحيحة.. والتى أرجو أن نبتعد عنها ونحن بصدد إعداد الدستور الجديد. إننى أقدر جيدا ما قاله د. مرسى وأكد عليه على احترام أحكام القضاء.. وحكم المحكمة الدستورية العليا.. فالرجوع إلى الحق فضيلة تحسب لك لا عليك.