أكد الاتصال الذى أجراه الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية بالدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لتوضيح سوء التفاهم الذى وقع فيه القائمون على بروتوكول رئاسة الجمهورية خلال احتفالية جامعة القاهرة مع الشيخ الطيب، على مكانة الأزهر الشريف كمنارة للإسلام ليس فى مصر وحدها.. بل فى العالم الإسلامى كله، ولكن حتى لا يتكرر التصادم بأشكال مختلفة مع شيخ الأزهر.. كيف يرى شيوخ وعلماء تلك المنارة الكبيرة كيفية تحقيق ذلك؟.. هذا ما نقرأه فى السطور القادمة.. فى البداية يقول د. أحمد عمر هاشم- رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية: لا أظن أن الموقف الذى حدث مع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر مقصود، لأن هناك بروتوكولاً يتم العمل به فى مثل هذه اللقاءات، ومعروف أن شيخ الأزهر ممثل للمسلمين والبابا ممثل للمسيحيين ويجلسان فى الصف الأول. واستبعد د. عمر هاشم أن يكون هناك هدف سياسى أو رسالة ما من هذا الخطأ وربما يكون من تولى المراسم قد أخطأ ونسى أن يضع اسم شيخ الأزهر. وفى تأكيد منه على قيمة وقامة الأزهر وعلمائه ذكر رئيس جامعة الأزهر الأسبق موقفًا قال فيه: إن الشيخ المراغى فى عهد الملك فاروق عندما وجد الملك قد تقدم عليه فى المشى توقف ولم يكمل.. فسأله الملك لماذا توقفت؟.. فقال لا يصح أن يتقدم أحد على ممثل الإسلام.. ودخلا معًا القاعة على قدم المساواة، مؤكدا على ضرورة أن يكون لممثل الإسلام احترامه وتقديره، حيث قال أحد المؤرخين: من لم يذهب إلى مصر لم يعرف مجد الإسلام ولا عزه، لأن فيها الأزهر. أما د. محمد رأفت عثمان- الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية فيقول: إن شيخ الأزهر رمز ويجب أن يعامل بمنتهى التوقير والتعظيم والاحترام، لأنه يمثل أعلى هيئة إسلامية فى العالم وهى الأزهر الشريف، مضيفا: لعلى لا أكون مبالغا إذا قلت إن مكانة مصر الكبرى بين الدول الإسلامية مستمدة من وجود الأزهر الشريف بها. وأوضح د. عثمان أنه فضلا عن أنه يجب معاملة الأزهر وعلمائه وشيوخه بمنتهى التوقير فإن شخصية د. أحمد الطيب بذاتها يوجدها هذا التوقير والاحترام.. ومن هنا فقد أخطأ المنظمون لحفل خطاب الرئيس فى جامعة القاهرة. وطالب عضو مجمع البحوث الإسلامية بمعاقبة من تسبب فى هذا الخطأ، حيث خالف البروتوكول الذى يتضمن أن شيخ الأزهر يعامل معاملة رئيس الوزراء ومرتكب هذا الخطأ جاهل بنصوص القانون، وبالتالى فلا يصح أن يوكل إليه مثل هذا. وأكد أنه لا يرى أى قصد بتهميش دور الأزهر أو غير ذلك من الكلام فى هذا الموقف، لأنه لا يستطيع أحد فعل ذلك.. فلم يحدث هذا فى ظل عصر الديكتاتورية السابق.. فهل من المعقول أن يحدث فى العهد الجديد والحرية؟ الطيب على حق ويرى د. عبد المعطى بيومى- نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن شيخ الأزهر د. أحمد الطيب كان على حق عندما قرر الانسحاب من هذا المؤتمر، خاصة أنه معلوم لدى الجميع أن مكان شيخ الأزهر بعد رئيس الجمهورية.. فكيف لا يجد مكانًا فى الصف الأول؟ وأضاف د. بيومى أنه بعد دعوة هيئة كبار العلماء للدخول فى القاعة كان يجب عليهم أن يحافظوا على مكانتهم العلمية وينسحبوا. وقال: كنت من المدعوين إلا أننى تخلفت لوعكة صحية، ولو كنت حاضرا لانسحبت مع شيخ الأزهر. واختتم.. لا نستطيع أن نؤكد أن الموقف مقصود أم لا.. ولكننا ندعو إلى الحفاظ على مكانة علماء الدين وألا تتكرر هذه الإساءة. أما د. عبد المقصود باشا- رئيس قسم التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر فيرى أن الأمر لا يعد كونه سوء تخطيط من بعض القائمين على تنظيم هذه الجلسات، مضيفا أن شيخ الأزهر بمكانة رئيس الوزراء وتصرف د. أحمد الطيب بالانسحاب من المؤتمر جاء فى محله، لأنه بذلك يضع النقاط فوق الحروف بوضوح. وأوضح د. باشا أن ما يحاول البعض ترويجه بأن الموقف كان بقصد التقليل من شخص الشيخ أو به تهميش لدور الأزهر، فهذا غير دقيق منتقدا آراء بعض الفضائيات التى تلتقط الشاردة والواردة ويرجعون كل شىء إلى سوء نية. وعدد مواقف الأزهر التى تؤكد مكانته على مدى العصور فيقول منه أعلن الرئيس جمال عبدالناصر الجمهورية الأولى، ومنه أعلن التصدى للعدوان الثلاثى ومن على منبره أعلن شيخنا المراغى أن مصر لا ناقة لها ولا جمل فى الحرب العالمية الثانية مما جعل فرنسا وبريطانيا يقيمان الدنيا ولا يقعدنها طالبين تفسيرا واضحا لمعانى كلمات الإمام الأكبر الشيخ المراغى، ثم بدأ رئيس الجمهورية المنتخب د. محمد مرسى مسيرته من رحاب المسجد الأزهر، حيث أدى به صلاة الجمعة بصحبة شيوخه الأجلاء وكأنه يقول من هنا أبدأ عملى وأتحمل مسئولياتى. فالأزهر لا تهزه جمل أو كلمات أو نعيق هنا وهناك، فهو قلعة شامخة على مر الزمان وسيبقى بعلمائه وطلابه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، معترضا على المطالبات باعتذار هيئة الرئاسة وتحميل الأمور فوق طاقتها، محذرا من انحدار الإقدام وراء كل ناعق منعا للتصادم وحتى يتم التوافق والاتفاق. من جانبه قال عبدالغنى هندى- المنسق العام لحركة استقلال الأزهر إننا نتمنى ألا يكون الموقف مقصودا وأن يكون مجرد خطأ مطالبا بتوضيح لملابسات الأمر، لأن الموضوع لا يصح من الناحية البروتوكولية حتى من الناحية الدينية والروحية فى العالم، لأن شيخ الأزهر رمز لأكثر من مليار مسلم على مستوى العالم. وطالبهم بتذكر موقف الرئيس الباكستانى السابق ضياء الحق عندما خرج فى استقبال فضيلة الشيخ جاد الحق عندما كان شيخا للأزهر على سلم الطائرة فاعترضه مستشاروه وقالوا له إن هذا مخالف للبروتوكول الذى يتضمن الخروج للملوك والرؤساء فقط فقال لهم إننى كل يوم أستقبل الملوك والرؤساء لكن لا يوجد سوى شيخ واحد للأزهر. غير مقصود ويقول الشيخ فؤاد عبدالعظيم- وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد إن ما حدث مع شيخ الأزهر غير مقصود، مؤكدا أن الأزهر سيظل هو المرجعية الدينية للمؤسسة الدينية فى مصر والعالم الإسلامى. وأوضح أن موقف د. محمد مرسى رئيس الجمهورية من الأزهر وعلمائه واضحه خاصة بعد أدائه صلاة الجمعة قبل الماضية فى الجامع الأزهر وبكى فى خطبة د.محمد عبدالفضيل القوصى التى كان يتحدث فيها عن الحق والعدل ومكانة الأزهر.. حيث صافحه الرئيس بعد الخطبة وقال له بالحرف الواحد: سمعت ووعيت وسيبقى الأزهر أزهرا وهذا دليل على أن علماء الأزهر ستكون لهم المكانة وأنه هو المرجعية. وقال د. محمد عشماوى- الباحث فى وزارة الأوقاف: الشيوخ والأزهريون منذ نشأة الأزهر لهم مكانتهم المميزة فى نفوس العامة والمسئولين على مر الحكم فى مصر، حتى فى الخارج يتم استقبال الشيخ الأزهرى استقبالا يوازى استقبال الرؤساء والملوك. وأضاف أن مكانة الأزهر وشيوخه وعلمائه ليست فقط فى احترام وتبجيل شيخ الأزهر.. بل تمتد إلى خريجى الأزهر الشريف عندما يذهبون إلى أية دولة فينظر أهل هذه الدولة إلى من يرتدى الزى الأزهرى بوقار شديد، إذا عرف أنه من مصر، ويقول له بلد الأزهر.. بلد الأزهر. وأوضح الباحث فى وزارة الأوقاف أن الموقف الذى تعرض له شيخنا الإمام يشعر بالحزن، لكن علينا أن نعرف وندقق هل خرج الإمام منسحبا من اللقاء لعدم وجود مكان له فى الصف الأول أم لأنه لم يجد مكانا فى الصفوف الأولى لهيئة كبار العلماء الذين وجهت لها الدعوة؟.. فلو كان انسحابه لعدم وجود مكان لهم فلم يكن هناك داع وراء ذلك، لأنه يمثل باقى الموجودين، أما لو لم يجد لنفسه مكانا فى الصفوف الأولى فيكون رده بالانسحاب حاسما وموفقا.. متمنيا أن يكون الأمر غير مقصود وناتجاً عن سوء تنظيم.