كتبت : نانسي حبشي .. لعل البعض يتذكر أنه وقت تنصيب أوباما رئيسا للولايات المتحدة قام بحلف اليمين مرتين، مرة فى يوم الاحتفال الرسمى، والمرة الثانية كانت فى اليوم التالى فى مكتبه بالبيت الأبيض، و أعلن وقتها أن سبب الإعادة هو أن حلف اليمين شابته بعض الأخطاء فى المرة الأولى، لذا لزم التكرار لكى يصبح كل شىء مطابقا للدستور والقانون، ذلك ما حدث فى الولاياتالمتحدةالأمريكية إحدى معاقل الديمقراطية فى العصر الحديث، أما فى مصرنا المحروسة فعندما انعقدت أولى جلسات برلمان الثورة فوجئنا بالكثير من النواب الموقرين يتسابقون فى تعديل اليمين الدستورية كل (على مزاجه) ووفقا لهواه؛ فالمنتمون للتيارات الدينية أضافوا للقسم عبارة (بما لا يخالف شرع الله) والمنتمون للتيارات الثورية اختاروا إضافة (بما يحقق أهداف ثورة يناير) أو (بما يضمن حقوق الشهداء) وهكذا تحولت مناسبة حلف اليمين إلى مسرحية هزلية لم نشهد لها مثيلا فى أية دولة من قبل، ولم تلق هذه الواقعة المخزية الإهتمام الكافى وقتها وتركت لتمر مرور الكرام، مع ما كان لها من دلالات خطيرة على الاستهانة بالقانون والبرلمان معا، ومرت الأيام وأصبح محمد مرسى رئيسا للجمهورية فإذا بموضوع حلف اليمين يبرز من جديد، فمن جهة طالب المحتشدون فى التحرير الرئيس بحلف اليمين فى الميدان، ومن جهة أخرى كان الرئيس قد أعلن خلال حملته الانتخابية أنه سيحلف اليمين أمام البرلمان رغم الحكم ببطلانه، وفى ذات الوقت ينص الدستور على أن يحلف الرئيس اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا، وحلا لهذه الإشكالية قرر الرئيس المنتخب أن يرضى جميع الأطراف وأن يقسم اليمين أمامهم جميعا! لكن الرئيس بذلك وقع فى إشكالية جديدة فإذا كان بقبوله حلف اليمين أمام الدستورية العليا يحاول إرسال رسالة للشعب مؤداها أنه يحترم الدستور فإن ذلك يتعارض مع ما أعلن من أنه سيعيد اليمين أمام عدد من نواب البرلمان المنحل بحكم الدستورية، كما إن حلفه أمام مؤيديه فى التحرير أوصل لمعارضيه رسالة أنه سيكون رئيسا لمن انتخبوه فقط ! فلا يمكن الزعم أن متظاهرى التحرير يمثلون كل الشعب المصرى، كما أن هناك ملايين يرون ضرورة احترام حكم المحكمة بحل البرلمان ولا يمكن بالمنطق أن نطالبه بتصحيح تلك الرسالة بالذهاب لأداء اليمين أمام كل فئات وأطياف الشعب فئة فئة وحزبا حزبا ومحافظة محافظة ! فحلف اليمين كان ينبغى أن يكون مناسبة لإعلان الوحدة لا الانقسام، ولاحترام الدستور لا الميادين.