«كفينوس ولدت وافية الجمال واحتفظت بهذا الجمال على الرغم مما أصابها بمرور الأيام» هكذا وصفها أحد المستشرقين المعاصرين، إنها اللغة العربية التى عرفت بالبساطة البالغة والتعقيد الشديد بالوجدان الصوفى وبالانغماس فى الدنيوية بالتوقد والانطفاء. ويعد المعجم التاريخى أحد المشاريع المعجمية وحلم عربى يعمل مجمع اللغة العربية على إنجازه منذ ديسمبر 1932م، حينما صدر مرسوم بوضع معجم تاريخى للغة العربية، ثم جاء الألمانى فيتشر وعرض منهجاً لإنجاز المعجم، إلا أنه توفى أثناء الحرب العالمية الثانية، وفقدت المادة العلمية كاملة. ومنذ ذلك الوقت وحلم المعجم التاريخى يتعرض للعديد من المعوقات تتنوع بين معوقات مادية لقلة التمويل، ولما يحتاج إليه المشروع من إمكانات مادية ضخمة وبين نقص الخبرات العلمية مرورا بالاختلاف فى منهج جمع مادة المعجم.. التقت «أكتوبر» د. كمال بشر- رئيس المجلس العلمى للمعجم التاريخى، ود.محمد حسن عبد العزيز- عضو لجنة المعجم التاريخى باتحاد المجامع وعضو مجمع اللغة العربية والمعارض لمنهج رئيس لجنة المعجم التاريخى. اتفق بشر وعبدالعزيز فيما يخص أهمية المعجم التاريخى إذا اعتبره عملاً كبير للغاية قد يستغرق عشرات السنين شأن جميع المعاجم والأعمال العظيمة، كما يعداه هدفاً من الأهداف المهمة التى يقوم بصناعتها مجمع اللغة العربية، نظرا لأنه معبر عن القومية العربية ومدعم للروابط اللغوية بين ناطقى اللغة العربية. ويقول بشر عن كيفية سير العمل فى المعجم التاريخى إنه يتم العمل به من خلال اللجنة العلمية بتقسيم المواد على المجامع وتحديد فترة زمنية للانتهاء من جمع المادة. وأضاف أن كل مجمع يقوم بإنجاز ما عليه من وجه الدقة، وفى الوقت المحدد لها وقد تم الاجتماع أكثر من مرة لمناقشة المنهج وتوزيع العمل فيه إسناد عمل معين لكل مجمع. وأشار إلى أن سبب تأخر المعجم فى الصدور حتى الآن يرجع إلى أنه عمل عظيم ويحتاج إلى وقت وجهد شاق، فبعد تجميع المادة المخصصة لكل مجمع لابد من مراجعتها والتدقيق والنظرة للمادة كلية حتى لا يحدث تكرار أو نقص. فى حين يقول عبدالعزيز إن المعجم حتى هذه اللحظة مجرد فكرة، فقد اجتمعنا عدداً من المرات فى لجنة تضم 12 عضواً وناقشنا كثيراً من الأمور ولكنها أمور تمهيدية فلم يتحقق عمل فعلى ولم يشكل الجهاز العلمى للمعجم حتى الآن، أما عن تجميع جزء من المادة فهذا أمر سمعت عنه ولم أره. وعن الصعوبات التى تواجه إنجاز المعجم قال بشر: التمويل أهم تلك الصعوبات وكان حاكم الشارقة الأمير سلطان بن محمد القاسمى قد تعهد بتقديم التمويل اللازم لإتمام هذا المشروع الثقافى الضخم إلا أنه اعتذر مؤقتا نظرا لظروف مالية يمر بها، إلا أنه قام بإنشاء مبنى متكامل لاتحاد المجمعين العرب على أن يعود لتمويل المعجم التاريخى بعد الانتهاء من مبنى الاتحاد. وأضاف أن المبنى فى مدينة السادس من أكتوبر وسيتم افتتاحه هذا العام وهو مبنى شبه مكتمل ينقصه بعض التشطيبات، والمجمع يجمع المجامع العربية فى مكان واحد، فقد خصص فى هذا المبنى مكان لكل مجمع ولكل رئيس من رؤسائه، وأكد بشر أننا نفتخر كل الافتخار بهذا العمل الذى يجمع المجمعين فى مبنى واحد. وعن الاختلاف فى الرأى حول المنهج قال عبدالعزيز: توجد خلافات علمية ومنهجية تؤدى إلى تعطيل العمل بالمعجم، فأنا لا أؤمن بالعمل العربى الجمعى كأن يكلف مجمع معين بجمع مادة فى جزء معين فهو أمر غير مجد، والدليل أنه منذ ثلاث سنوات يفترض أنه تم البدء للعمل بجمع المادة وحتى الآن لم يتم تجميع أية مادة ولم يتحقق شىء. ويرى عبد العزيز أن المجدى أن يتم عقد جلسة فهم لمعرفة كيف سيتم العمل فى المعجم وإعادة النظر فى منهجية العمل بالمعجم، ويرى أن يتم تجميع مادة المعجم عن طريق مركز يطلق عليه مركز المعجم التاريخى للغة العربية ويضم المركز خبراء وعلماء ومجمعين ومتخصصين فى الإلكترونيات وأن يتم إنشاء موقع إلكترونى لهيئة المعجم التاريخى ومجلة خاصة بهيئة المعجم لينشر فيها بحوث لأعضائها وللباحثين الآخرين وإعداد ملف خاص بالبحوث التى ألئيت عن المعجم، والعمل على التعاون بين الباحثين بمركز الحاسوب واللغة العربية بجامعة الشارقة واتحاد المجامع بتبادل المعلومات والخبرات والزيارات، على ألا يقل عدد العاملين عن مائة متخصص على الأقل ثم يزداد العدد شيئا فشيئا. ويرى بشر أن للإعلام دوراً كبيراً فى نشر الوعى لدى المجتمع بأهمية اللغة العربية والمعجم التاريخى. وأضاف لابد على العرب وليس الحكومات فقط الاهتمام بإتمام المعجم، نظرا لأهميته العظيمة رافضا أن يكون لرجال الأعمال دور فى تمويل المعجم، مشيرا إلى أن حال اللغة العربية شأنها شأن أصحابها.