الأصابع الإيرانية تمتد فى أكثر من مكان فى الوطن العربى.. فى البحرين، لبنان، سوريا، العراق، الإمارات وغيرها من الدول.. اليد الإيرانية لا تمتد بالصداقة والتعاون لكنها تمتد لتحقيق المصالح الإيرانية فقط فى محاولة لفرض السيطرة لإيران كقوة إقليمية لها طموحاتها وأهدافها التوسعية. فى البحرين تتضح محاولات إيران لضرب الاستقرار ودعم التيارات الشيعية المعارضة لنظام الحكم فى البحرين.. وفى سوريا لا يخفى الدور الإيرانى وتحالفه الاستراتيجى مع نظام الأسد ودعمه بالسلاح لقتل الشعب السورى ومحاولة إخماد ثورته. وفى لبنان لا يخفى دور حزب الله المدعوم مالياً وعسكرياً من إيران كرأس حربة ضد باقى القوى السياسية اللبنانية مما ينتج عنه واقع سياسى يعزز الخلاف والشقاق بين تلك القوى ويضرب الاستقرار فى لبنان. أما فى العراق فالمصيبة أكبر، فرئيس الوزراء نورى المالكى يستقوى بإيران ضد خصومه السياسيين كما حدث عام 2010 عندما تدخلت إيران فى تشكيل الحكومة، ودعم المالكى على حساب شركائه. بينما فى الإمارات يأخذ التدخل الإيرانى شكلاً آخر يتمثل فى الاحتلال الإيرانى للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى عندما قام شاه إيران بالاستيلاء بالقوة على الجزر فى نوفمبر عام 1971 بعد الانسحاب البريطانى من الخليج. وباختصار فإن أهمية الجزر تكمن فى موقعها الاستراتيجى حيث مسار دخول وخروج الناقلات البحرية من وإلى الخليج، ولهذا السبب بالتحديد حرصت إيران على الاستيلاء على الجزر وأنشأت عام 1996 مطاراً وزادت من قواتها المرابطة بها مما عقد العلاقات بين إيران ودول الخليج. وقد أخطأ البعض عندما ذكر أن زيارة نجاد هى الأولى لرئيس إيرانى للجزر المتنازع عليها، لكنها تعتبر الثانية حيث سبق للرئيس هاشمى رفسنجانى زيارة الجزر فى فبراير 1992، وقامت إيران بطرد العمال الأجانب من جزيزة أبو موسى وفرضت على الإماراتيين الحصول على تصريح للزيارة فى أغسطس 1992. هناك عدة تفسيرات لزيارة نجاد لجزيرة «أبو موسى» أولها أن الزيارة رسالة لدول الخليج، بعد أن استضافت الرياض الاجتماع الأول لمنتدى التعاون الاستراتيجى بين دول الخليج وأمريكا، وحضره وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجى بحضور هيلارى كلنتون، التى قدمت خلاله عرضاً لإنشاء درع صاروخية لحماية دول الخليج فى مواجهة التدخلات الإيرانية المستمرة فى شئون دول المنطقة إضافة إلى برنامجها النووى المثير للريبة. أما التفسير الثانى أن إيران أرادت أن تدخل مفاوضات مجموعة «5+1» بشأن ملفها النووى بوضع يعكس قوتها الإقليمية فى الخليج. وجاء التأييد العربى والدولى واضحاً للموقف الإماراتى، وكان المجلس الوزارى لمجلس التعاون الخليجى جدد فى اجتماعه بالدوحة دعمه لسيادة الإمارات على الجزر الثلاث وأدان زيارة نجاد لجزيرة أبو موسى. وقد أبدى وزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية أنور قرقاش ثقته فى صلابة موقف الإمارات تاريخياً وقانونياً بشأن جزرها الثلاث المحتلة «لأنه يستند إلى دلائل تاريخية واقعية تثبت تبعية الجزر للإمارات من خلال المراسلات والشواهد والعديد من الأمور التى تتعلق بممارسة السيادة. وأكد أن «الإمارات مستعدة لأن تغامر وأن تكسب أو تخسر محكمة العدل الدولية». أما الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء الإماراتى فقد أصدر بيانًا رسميًا جاء فيه «أن دولة الإمارات وتأكيدا لتثميتها العلاقات التاريخية مع إيران والحرص على تنمية هذه العلاقات بما يضمن استقرار المنطقة، تؤكد ضرورة حل مسألة الجزر من خلال المفاوضات أو فى إطار القانون الدولى». وأخيراً فالنتيجة التى لا يختلف عليها المتابع للشأن الخليجى بضفتيه أن أطراف الخليج كلها تناور وتتحرك سياسياً لتأمين مصالحها الاستراتيجية، وتصبح زيارة نجاد ل«أبو موسى» حلقة فى مسلسل الحرب الباردة بين الخليج وإيران.