يبدو أن مجلس الشعب سيشهد فى جلساته القادمة حوارا ساخنا حول التفاوت الهائل والضخم فى الأجور بين العاملين فى الدولة. فبعض المحظوظين يقترب دخلهم من المليون جنيه شهريا.. بينما الآلاف من الموظفين والعمال المؤقتين لا يتجاوز ما يدخل جيوبهم المائة جنيه شهريا. وقد أدى هذا الوضع الغريب فى الأجور فى الدولة إلى إهدار مبدأ المساواة بين المصريين وضرب العدالة الاجتماعية بينهم فى مقتل! وأدى إلى زيادة مساحة الحقد والضغائن بينهم.. وهو ما كان يسعى إليه النظام السابق الفاسد فى ترسيخ هذه القيم! ومن العجيب والمدهش أن نجد أن أبناء الدفعة الواحدة والكلية الواحدة تتفاوت أجورهم بين السماء والأرض طبقا لالتحاقهم بالوظيفة العامة، فهناك مثلا وزارات أجورها وحوافزها ومكافآتها سوبر ودرجة أولى.. ووزارات أخرى أجورها فى الحضيض أو السبنسة ويتقاتل فيها الموظفون على الملاليم التى يتم توزيعها عليهم.. وتتدخل الأهواء الشخصية لأنه لا توجد قواعد عادلة للتوزيع طبقا للكفاءة أو حجم العمل وهذه مصيبة كبرى نعانى منها! وقد حاولت لجنة مشتركة فى مجلس الشعب من الخطة والموازنة والتشريعية برئاسة سعد الحسينى و11 نائبا منهم زياد العليمى وأبو العز الحريرى وحمدى الفخرانى وباسم كامل وزياد أحمد بهاء الدين التصدى لهذا الوضوع الشاذ والعجيب وعلاج هذا الخلل والتفاوت الجسيم فى منظومة الأجور بين القطاعات فى الدولة بشأن الحد الأقصى للدخول وربطه بالحد الأدنى.. ووضع سقف للحدود القصوى للأجور وترشيد الإنفاق من جانب المصروفات فى الموازنة العامة للدولة لإصلاح السياسة المالية، ويؤدى إلى توفير فوائض جديدة.. يمكن توجيهها لتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية عن طريق تطبيق الحد الأدنى للأجور وتثبيت العمالة المؤقتة دون زيادة فى الإنفاق ودون زيادة فى التضخم. ومشروع القانون يحدد متوسط الدخل الشهرى 50 ألف جنيه للعاملين.. ويتم مراجعة هذا المبلغ بحد أقصى كل خمس سنوات وإعطاء رئيس مجلس الوزراء الحق فى زيادة هذا المبلغ لذوى الخبرات والكفاءات النادرة بناء على طلب الوزير المختص أو الجهات المعنية، وذلك على سبيل الاستثناء. وقد ألزم مشروع القانون الخاضعين لهذا القانون برد المبالغ التى تقاضوها بالزيادة على الحد الأقصى للدخل السنوى المقرر، وتحديد المدة الزمنية لرد المبالغ غير المستحقة قبل مضى 30 يوما فى نهاية كل سنة مالية. وقد ألزم مشروع القانون الجهات التى تؤدى مبالغ تحت أى مسمى لأحكام هذا القانون ب أن تبلغ جهة عملهم بما تم صرفه فور الصرف، وكذلك إلزام جهة العمل التابع لها الخاضعون لأحكام هذا القانون برد هذه المبالغ التى تجاوز الدخل السنوى للخزانة العامة خلال 30 يوما من نهاية كل سنة مالية. وقد انتهت اللجنة المشتركة إلى معاقبة كل من يمتنع عن رد المبالغ المنصوص عليها بغرامة لا تقل عن 25% ولا تتجاوز ال 100% مما حصل عليه من دخول بالزيادة عن الدخل السنوى المقرر، ورد ما تقاضاه بالزيادة إلى جهة عمله وتقوم تلك الجهة بتوريد هذه المبالغ إلى الخزانة العامة خلال 30 يوما من تاريخ ردها. وأن يعاقب بذات العقوبة المسئول المالى داخل الجهات المنصوص عليها حال عدم إبلاغ الجهات التابع لها الخاضعون لهذا القانون. وفى حالة العود تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنة وضعف الغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين مع الرد. وأشار مشروع القانون إلى أن يصدر رئيس مجلس الوزراء القواعد اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون خلال 30 يوما من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية. *** ويأتى تعديل مشروع القانون لما أعلنته حكومة د. عصام شرف السابقة بعد ثورة 25 يناير عن زيادة الحد الأدنى للأجر الشامل إلى 700 جنيه شهريا دون أن تصدر قرارا رسميا بذلك.. وفى 28 ديسمبر 2011 صدر المرسوم بقانون 242 لسنة 2011 بشأن الحد الأقصى للدخول وربطه بالحد الأدنى.. لكن هذا المرسوم بقانون أكد الأعضاء أنه يفتح الباب لوجود أكثر من حد أقصى للأجور التى تخرج من المال العام، حيث تسمح باختلاف هذا الحد من جهة عمل إلى أخرى، وهو ما يفرغ التشريع من مضمونه، وأنه لا يربط بين الحد الأقصى للأجور على المستوى القومى والحد الأدنى للأجور على المستوى القومى، وإنما يجعل الحد الأقصى خمسة وثلاثين مثل مجموع أقل دخل فى ذات الجهة التى يعمل بها كل من يشغل وظيفة من الدرجة الثالثة التخصصية أو ما يعادلها أو أدنى وظائف الجهات التى تنظم شئون أعضائها قوانين خاصة وهو حد مرتفع عن المعدلات العالمية للحد الأقصى للأجور. *** إن مشروع قانون تعديل الحد الأقصى للدخول وربطه بالحد الأدنى من المشروعات الجيدة التى يجب أن تأخذ حقها من البحث والدراسة فى القاعة حتى نستطيع أن نقضى على هذه الفوضى فى الأجور والتى أدت إلى التفاوت الكبير بين الأسر المصرية.. وأدت إلى خلل شديد فى المجتمع المصرى وجعلت الوظائف المرموقة وسيلة لشراء الولاء السياسى لكبار الموظفين وتجعلهم يزدادون غنى بدون كفاءة أو خبرة أو عطاء إلا الحظوة والقرب من المسئولين فى كثير من الأحيان ويزداد الفقراء فقرا وجوعا على حد تعبير اللجنة المشتركة.