حذر عدد من خبراء القانون من خطورة تنامى ظاهرة الإرهاب الدولى خصوصاً بعد انتشار جماعات وعصابات دولية نافذة فى عدد من الدول تمارس نشاطها المعتمد على أسلحة شديدة الخطورة من بينها النووية لتنفيذ أجندات دولية، جاء ذلك فى ندوة حول مخاطر الانتشار النووى فى الشرق الأوسط وإمكانية تحقيق الأمان من أسلحة الدمار الشامل بالمنطقة والتى نظمها مؤخراً المركز الدولى للدراسات المستقبلية والاستراتيجية.فى البداية أكد د. محمود بركات- رئيس هيئة الطاقة الذرية سابقا – أن أهم خطوات مجابهة الإرهاب النووى هو تجفيف المنابع التى تحصل منها الجماعات الإرهابية على المواد والأدوات اللازمة لإنتاج الأسلحة النووية، وذلك من خلال مجموعة من الآليات الدولية والمحلية تتمثل أولا فى تنفيذ الالتزامات المترتبة على اتفاقية الحماية المادية للمواد والمنشآت النووية وقمع الإرهاب النووى وذلك بتضمين القوانين الوطنية نصوصا تجرم أفعال الإرهاب النووى المتمثلة فى سرقة المواد النووية وتخريب المنشآت النووية من جانب الجماعات الإرهابية وثانيا إنشاء وتفعيل النظام الوطنى للحماية المادية للمواد والمنشآت النووية بهدف تأمين المواد والمنشآت النووية أثناء التشغيل أو أثناء النقل، وثالثا حصر المصادر المشعة المستخدمة فى مختلف التطبيقات وحمايتها ضد السرقة أو الاختلاس، ورابعا إنشاء وتفعيل النظام الوطنى للمحاسبات النووية للمواد النووية ومراقبتها والاستفادة من الدعم التقنى المنسق بالوكالة الدولية. وشدد على ضرورة الاستخدام السلمى للطاقة النووية وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، مع الاستفادة بالزخم الدولى لمنع الانتشار النووى للضغط على إسرائيل وإيران للنزول على رغبة دول الشرق الأوسط لمنع الانتشار النووى. ومن جانبه، أكد الدكتور على إسلام، رئيس هيئة الطاقة الذرية السابق، أن قناة السويس هى أكبر موقع نووى فى مصر، حيث يمر بها 60 مركبا فى السنة محملة بالمواد المشعة، بالإضافة إلى طائرات تعمل بالطاقة النووية تمر من خلال القناة، مشيراً إلى أن الأمن النووى يختلف اختلافا كبيرا عن مفهوم الأمان النووى الذى يعنى أن تعمل المنشأة النووية بطريقة آمنة. ومن جهته، أيد د. محمد عبد السلام رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية ما قاله د.إسلام حول أن منطقة الشرق الأوسط فى حاجة إلى الفصل بين مفهوم النووى المدنى والنووى العسكرى، وأنه لا يوجد أى حادثة إرهاب نووى حدثت على مستوى العالم خلال السنوات الماضية، وأن المخاطر التى تثار حول الأسلحة النووية مبالغ فيها. وأوضح عبد السلام أن جميع الاستراتيجيات الخاصة بالتعامل مع الاحتكار النووى فى الشرق الأوسط فاشلة، مؤكدا وجود صراعات سياسية ستقضى على الحلم النووى ومنه الحلم المصرى، خاصة فى ظل تغير سياسات الحكم وسيطرة الإخوان والسلفيين، مما سيتطلب إعادة تعريفهم بالبرنامج النووى المصرى وأهمية الطاقة النووية. مشددا على ضرورة الالتزام بقانون موحد لتغطية جميع المجالات النووية والأنشطة الإشعاعية وذلك من خلال القانون رقم 7 لسنة 2010 الذى أكد أن جميع الأنشطة النووية والإشعاعية تقع تحت سيطرة الهيئة الرقابية النووية والإشعاعية فيما عدا الأشعة السينية التى ظلت تحت رقابة وزارة الصحة. وفيما يتعلق باستخدام أسلحة الدمار الشامل من منظور دينى أكد د. سالم عبدالجليل - وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة - أن التقدم الهائل الذى وصلت إليه البشرية فى شتى مجالات الحياة، وكان من أعظمها خطراً مجال التسلح العسكرى، وما جَدَّ فيه من أسلحة شديدة الفتك والتدمير، بالإضافة إلى تنافس عدد من الدول للحصول على هذه الأسلحة، باسم سياسة الردع تارة، والدفاع عن النفس تارة أخرى، حتى صارت وسيلة ابتزاز للشعوب والحكومات المغلوبة على أمرها، وكل من فكر فى امتلاكها ضُيق عليه، وسُيس بالترغيب والترهيب حتى يعدل عن طلبه، ويذعن لما يسمى الإرادة الدولية، أو القانون الدولى لذلك فلابد من معرفة حكم الشرع لاستخدام هذه الأسلحة، فإن كانت حلالاً وجب عليها الأخذ بها، «من باب وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة» وإن كانت حراماً تجنبتها، وأخذت ببدائلها . ووضح د. عبد الجليل أنه يمكن اتخاذ هذه الأسلحة، ولكن لا بد فى ذلك من ضوابط وهى أولا: ألا يترتب على استعمالها ضرر للأبرياء والمدنيين؛ فإن دفع المفاسد أولى من جلب المصالح، إلا إذا كانت مصلحة استعمالها تفوق مفسدتها. وثانيا أن يكون استعمالها بقدر الحاجة، وأن يتقى فى استعمالها الأماكن المأهولة بالنساء والأطفال، إلا على سبيل المعاقبة بالمثل، واخيرا لا يتنافى هذا مع كون الإسلام دين الرحمة. ومن جهته، أكد د.عادل محمد أحمد - رئيس قسم القانون النووى هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بالمركز القومى للأمان النووى سابقا وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية - أن اتفاقية الأمان النووى أول إطار قانونى دولى لتنظيم المسائل المتعلقة بأمان المنشآت النووية، ولكن يؤخذ على تلك الاتفاقية أنها عرَّفت مصطلح المنشأة النووية تعريفا ضيقا، حيث حصرتها فى محطات القوى النووية، ومرافق تخزين ومعالجة المواد المشعة التى ترتبط ارتباطا مباشرا بتشغيل محطات القوى النووية المدنية (مادة – 2)، وهذا الأمر جعل نطاق الاتفاقية لا يشمل إلا المنشآت المدنية الخاصة بتوليد الكهرباء، ولا يمتد إلى المنشآت العسكرية، والبحثية، والمحمولة بحرا.