تاريخ محفور فى الذاكرة - يوم الخميس 13 يناير 1994 الذى شهد الخطوات الأولى على سلم الكاتدرائية للشيخ محمد متولى الشعراوى فى أول زيارة له للمقر البابوى.. وفى ضيافة البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.. زيارة شكر وعرفان بالجميل لقداسته عندما أرسل الوفد الكهنوتى إلى لندن برئاسة نيافة الأنبا ميخائيل أسقف برمنجهام بالمملكة المتحدة حاملين أرق الكلمات وأطيب الأمنيات ودعوة بالشفاء للإمام الشعراوى حيث كان يعالج هناك. ونحن نخطو مع الإمام من باب الكاتدرائية وقفنا أمام قامتين تتصافحان وتتعانقان.. وبادر الإمام الشعراوى البابا شنودة بقوله:(اشكر لك تحياتك لى وسؤالك علىّ ومتعك الله بالصحة.. يسعدكم الله ويسعد بكم ويسعد لكم). ورد البابا شنودة قائلاً:(نحن أيضاً سعداء أن نراك بخير وفى خير، وندعو الله أن يديم عليك العافية والصحة). وبادر الإمام:(حياك الله وأبناؤك هناك فى لندن كانوا أصحاب فضل.. وكانوا دائمى السؤال علىّ). وحول سؤال الصحفيين لفضيلة الإمام الشعراوى حول مشاعره عن هذا اللقاء التاريخى.. وقتها أجاب فضيلته: إن هذا اللقاء كان يجب أن يكون قبل هذا الوقت.. وقيامى به الآن يعد نعمة من نعم الله علىّ فى محنتى فى لندن. فقد جلست أفكر فيما صنعه معى البابا شنودة هناك، وسؤاله الدائم عنى، فقلت وجبت زيارته.. وها أنذا أفعل. وقال الإمام الشعروى عن أثر هذه الزيارة التاريخية للبابا: إن شاء الله سترون وترى مصر أثر هذه الزيارة فيما بعد، لأن الأثر لا يكون ساعة الحدث، بل بعده.. وإن شاء الله سترى خيرًا. وأضاف الإمام: أسأل الله أن يرينا قريبا ثمرة هذا اللقاء وأن يشيع ما بيننا الآن بين كل المسيحيين والمسلمين من ألفة وتعاون وحب. وجذبت حينها زميلى المصور عبد الله عبد العزيز وقلت له: إلى هنا انتهى اللقاء الرسمى.. وبدأ اللقاء الودى فرأينا أنفسنا نجلس إلى صديقين حميمين يتبادلات قرض الشعر الذى برعا فيه، إلى جانب إطلاق النكات التى تنم عن خفة دم طاغية، فلم نعد نرى أمامنا شيخا وقسيسا، بل الشعراوى وشنودة بلا ألقاب. وقدم فضيلته لقداسة البابا «عباءة» من الصوف الفاخر ورد عليه البابا بهدية قيمة «مسبحة» من الفضة وموسوعة «لسان العرب» لابن منظور الأفريقى. وبين عبارات شكر ومحبة ودعاء وعناق أخذ البابا شنودة بيد فضيلة الشيخ الشعراوى ونزل معه درجات سلم الكاتدرائية حتى باب سيارته وسط مجموعة من الكهنة اصطفوا فى محبة وكونوا طابور شرف فى وداع الشيخ وصحبه. وكان على رأسهم د. محمد على محجوب وزير الأوقاف وقتها، ود. على السمان الكاتب والمفكر والمعنى بشئون لجنة حوار الأديان. وخرجت من المقر الباباوى.. تغمرنى فرحة اللقاء بين البابا والإمام، فالشيخ الشعراوى كان بالنسبة لى أبا روحيا اقتربت منه كثيرا سواء هنا فى مصر.. أو هناك فى السعودية داخل بيت الله الحرام بمكة المكرمة. أما البابا شنودة.. أو «نظير جيد روفائيل» وهذا اسمه قبل رسامته فهو ابن مدرسة الإيمان الثانوية وجارى بشبرا وزميلى فى عضوة نقابة الصحفيين.