لأن محطة المترو ليست فقط رصيفاً ومقاعد وبوابات لعبور الركاب، كان من الضرورى أن نتوقف أمام هذه الأعمال الإبداعية التى تزين محطات مترو أنفاق القاهرة، وخاصة فى خطه الثالث الذى افتتحت مرحلته الأولى مؤخراً لتربط بين العتبة والعباسية مروراً بباب الشعرية وشارع الجيش ومنطقة عبده باشا..هذه اللوحات التى تعطى مظهراً حضارياً لمحطات المترو وتبرز فى كل محطة السمة الجمالية التى تعبر عنها، تعود لفنان تشكيلى مصرى هو د. محمد مكاوى العميد السابق لكلية الفنون الجميلة بالزمالك، والذى فات على شركة مترو للأنفاق دعوته فى افتتاح المرحلة الأولى للخط الثالث، بل انها كما كشف فى حديثه لأكتوبر- لم تعطه مستحقاته المالية حتى الآن وزادت برامج «التوك شو» مع معاناته بأن نسبت أعماله لجهات أجنبية! يقول د. محمد مكاوى: جاءت البداية فى عام «1998» عندما قمت برسم اسكتش بسيط فى مرسمى لجدارية محطة العتبة بعد علمى بوجود مسابقة لتصميم جداريات الخط الثالث لمترو الأنفاق، وبعد تشجيع زملائى ود. محمد توفيق عميد الكلية آنذاك تقدمت للمسابقة، وكانت المنافسة مع كبرى الشركات والمكاتب الهندسية وعدد من كبار الفنانين التشكيليين. وحدثت المفاجأة بإعلان فوز التصميم الذى تقدم به د. مكاوى لتطلب منه الشركة تصميم بقية المحطة بديكوراتها بداية من باب المحطة ووحدة التذاكر والسلالم والأعمدة وحتى خروج القطار من مكانه، وبعد اقتناعهم بتصميماتى قام بتكوين فريق عمل واستكملت بقية محطات المرحلة الأولى ومن ثم بقية مراحل الخط الثالث للمترو الذى يمتد من إمبابة إلى مطار القاهرة. ويضيف د. محمد مكاوى فى حديثه لأكتوبر: بالإضافة لإشرافى على التنفيذ كإستشارى يتم الرجوع لى لاختيار الخامات المناسبة، والموافقة على أى تغييرات قد تطرأ، لذلك طوعت تصميماتى لتناسب الخامات المصرية وحرصت على تعديلها لأكثر من مرة لتجنب استيراد أى مواد من الخارج والتركيز على شركات الإنتاج المحلى لتصميم المحطات مصرية خالصة 100%. ويستطر د. مكاوى: إن كل محطة تحتاج لأكثر من 50 لوحة تصميمية لشكل المحطة خارجياً وداخلياً بتصميم الديكورات وكنت أبدأ باللوحة الجدارية لأنها المنوطة بتمييز المحطة عن غيرها من المحطات خاصة بالنسبة للركاب فاخترت 20 لوناً لتكون «باليتة» أساسية تحقق الوحدة اللونية لكل المحطات واتخذت من التبسيط منهجاً فى التصميم لكى يتناسب مع البسطاء واعتمدت فى تصميماتى على إظهار كل محطة لتعبر عن مكانها باستخدام أهم الرموز والدلالات المحيطة بالمنطقة لذلك كنت أقوم بالتجول فى منطقة كل محطة أولاً لاستشعر أهم ما يميزها، ثم أقوم بانتاج عدة تصميمات بتصورات مختلفة للاختيار من بينها فجاءت كل محطة بفلسفة وفكر خاص بها. وحى المكان ففى محطة العتبة أشرت لهيئة البريد والمطافى الموجودان فى العتبة، ومزجت بين الفكرتين بشكل متناغم بخلاف محطة باب الشعرية التى تعتبر منطقة شعبية ففضلت اختيار أشهر الرموز الفنية الشهيرة كعروسة المولد والتنورة. أما محطة عبده باشا فوجدت بجوارها كلية الهندسة وحاولت إبراز أقوى تخصصاتها ممثلة فى قسم الانشاءات وقسم الالكترونيات. وفى محطة الجيش عبرت عن تحالف الجيش والشعب وخروج زهرة اللوتس فى هيئة النخيل مما يدل على أن هذا التحالف مع خطوط قوية توحى بالإنطلاق واعتبر هذا التصميم من أكثر التصميمات المعبرة فى محطات المترو. فى حين اخترت طابعاً تاريخياً لمحطة العباسية مستوحياً تصميمها من قناع توت عنخ آمون بوجه كتاب للدلالة على العلم. أما محطات المرحلتين الثانية والثالثة للخط الثالث، ومنها محطة معرض القاهرة الدولى الذى حرصت فيه على إبراز النصب التذكارى للجندى المجهول بالإضافة للتعبير عن المعرض والبوابات، وفى محطة استاد القاهرة كان من الطبيعى أن أعبر عن كرة القدم وبالطبع ابتعدت عن اللونين الأحمر والأبيض! أما محطة كلية البنات أبرزت فيها دور المرأة التى تحمل مشعل الحضارة عبر التاريخ من خلال بعض الخطوط الفرعونية. أما محطة الأهرام فوجدتها لا تمت بأى صلة للأهرام، لذلك فضلت أن تشير للقراءة وجلسة الكاتب المصرى للدلالة على مكتبة مصر الجديدة، وكذلك محطة هارون الرشيد التى عبرت عن الشخصية التاريخية المشهورة، ومحطة ناصر التى تقع بجوارها دار القضاء العالى، ومحطة ماسبيرو التى ستبدو نابضة بالحياة بوجود النيل وخلفية لمبنى التليفزيون وشكلاً من أشكال الترفيه والمرح بصورة فرعونية. وتأتى بعد ذلك محطة الزمالك وارتباطها بكليتى الفنون الجميلة والتربية الموسيقية، ومحطة إمبابة وتحالف المسيحيين والمسلمين والهلال مع الصليب، وإن كنت لم أقصد وقت التصميم معالجة مشكلة إمبابة. أما بقية محطات الخط الرابع العمل حالياً على تصميماتها.