فى الوقت الذى كان يزحف فيه إلى مبنى مجلس الشعب آلاف الشباب الذين يمثلون عشرات الأحزاب والإتلافات والحركات السياسية ويطالبون بحقوق الشهداء وإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين والإسراع فى محاكمات مبارك ورموز النظام السابق ويحاصرون البرلمان.. كان أعضاء مجلس الشعب داخل القاعة يؤكدون على تمسكهم الشديد وحقهم فى ممارسة عملهم الرقابى والتشريعى كاملاً غير منقوص.. ويعلنون بكل قوة تمسكهم بهذا الحق الأصيل بعد انتخابهم من الشعب انتخاباً حراً نزيها. وكانت المناسبة أن المجلس العسكرى أصدر قانونين الأول خاص باستقلال الأزهر والثانى يتعلق بقواعد انتخاب رئيس الجمهورية.. وذلك قبل عقد جلسات مجلس الشعب بأربعة أيام فقط.. وتم نشر هذين القانونين فى الجريدة الرسمية يوم 19 يناير 2012 رغم أن مجلس الشعب كان سيعقد فى 23 يناير. وفى نفس الوقت فجّر النائب أشرف بدر من حزب الحرية والعدالة تصديق المجلس العسكرى على الحساب الختامى لموازنة 2010- 2011 والخاصة بالسياسة النقدية للدولة دون مناقشتها فى مجلس الشعب وأنها لم ترسل إلى المجلس من الجهاز المركزى للمحاسبات. واعتبر النواب أن إصدار المجلس العسكرى هذين القانونين فيه افتئات على دور مجلس الشعب فى التشريع وانتقاص من سلطته وأن ذلك يخالف الأعراف الديمقراطية على حد تعبير د. عمرو حمزاوى.. ويخالف الدستور كما قال حسين إبراهيم زعيم الأغلبية فى مجلس الشعب. *** وعندما أثار النواب هذه القضية فى بداية جلسات الأسبوع الثانى لبرلمان الثورة أكد د.سعد الكتاتنى رئيس المجلس على تمسك المجلس بدوره التشريعى. وكان الكتاتنى على حق وهو يقول للنواب بكل انفعال إن رئيس مجلس الشعب والمجلس لن يتهاون فى أداء حقه ودوره. وقال الكتاتنى إنه عقب انتخاب أعضاء المجلس من قبل الشعب انتقلت لهم كامل الصلاحيات التشريعية وبذلك يكون لهم الحق فى إعادة دراسة كل القوانين فى لجان مجلس الشعب. وقد أكد المستشار محمود الخضيرى رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب «لأكتوبر» على هذا الحق لأن المجلس العسكرى أصدر هذين القانونين فى غيبة المجلس ومن حق المجلس أن يصدق عليهما بعد مناقشتهما. كما أكد د. وجيه الشيمى عضو اللجنة التشريعية وأستاذ القانون أن الأعضاء يمكنهم تقديم أى تعديلات على هذين القانونين وتتم مناقشتهما من اللجنة التشريعية فى اجتماعات اللجنة وتخرج هذه القوانين طبقاً لإرادة الأعضاء وما يقررونه بأنفسهم. أما بالنسبة لتصديق المجلس العسكرى على الحساب الختامى 2010- 2011 فقد أشار د.الكتاتنى إلى أنه أرسل إلى الجهاز المركزى للمحاسبات خطاباً يطالبه فيه بضرورة إرسال هذا الحساب إلى مجلس الشعب لمناقشته والتصديق عليه من الأعضاء. *** أما عن اللقاء الأول بين رئيس الوزراء د.كمال الجنزورى وبين النواب فيمكن أن نصفه بأنه كان لقاء ودياً وضع فيه رئيس الوزرا. النقط فوق الحروف وشرح للنواب التركة الثقيلة التى ورثها من النظام السابق والذين تفرغوا للنهب والسلب على حد قوله. وأضاف أن القصاص لن يكون للشهداء فقط. ولكن سيكون القصاص لمن نهب الأرض والعرض. ووجه الجنزورى رسالته إلى أبناء ثورة 25 يناير بأنه يسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية. وأن ذلك لن يتحقق إلا بالعمل والإنتاج وعودة الأمن إلى الشارع المصرى.. وإننا يجب أن نسرع الخطى لتحجيم الواردات.. وقال إن النهب الذى حصل فى 10 سنوات ماضية أدى إلى رفع الدين الحكومى إلى 857 مليار جنيه بعد أن كان حتى عام 1999 يصل إلى 147 مليار جنيه فقط. وبالتالى زاد عبء الدين ويمثل ربع الموازنة.. وأن الواردات زادت إلى 50 مليار جنيه بسبب توقف الإنتاج. ووجه رئيس الوزراء كلامه إلى الشباب أنه مع حقه فى التظاهر ولكنه ليس مع تعطيل وسائل المواصلات وتعطيل الإنتاج لأن ذلك يضر الجميع. وفى نفس الوقت أكد النواب رغم أنه تم تكوين لجنة لتقصى الحقائق حول قضية الشهداء فإنهم واصلوا مطالبهم من الحكومة بضرورة زيادة التعويض للشهيد بمبلغ 100 ألف جنيه وأن تقوم الحكومة بعلاج كل المصابين فى المستشفيات الحكومية وسفر الذين تتطلب حالاتهم علاجهم فى الخارج.. وأنه يجب تحديد بالضبط من هو الشهيد ومن هو مصاب الثورة؟ كما طالب النواب بضرورة تشكيل محاكمات ثورية - سياسية لمحاكمة رموز النظام السابق مع إعلاء قيمة الشهادة كما قال ذلك د. عصام العريان عضو حزب الحرية والعدالة ورئيس لجنة العلاقات الخارجية، أما د. محمد كامل فإنه طالب بأن يكون القضاء الذى يحاكم أمامه مبارك قضاء عادلاً حتى لا نخطئ مثل النظام السابق. وأن يكون هناك مدع عام عسكرى يحدد أركان الجرائم التى ارتكبها النظام السابق. وعندما أثار النواب أن شباب ثورة 25 يناير يريد الحوار مع نواب الشعب.. وأنهم يريدون الدخول إلى مجلس الشعب لعرض مطالبهم. وأن ذلك من حقهم.. رحب د.سعد الكتاتنى بهذه الفكرة وقال إن مجلس الشعب أبوابه مفتوحة للشعب كله ولا حجر على ذلك.. وتقرر عقد لجان استماع فى لجنة الاقتراحات والشكاوى ومكتب لجنة الشباب للاستماع والتحاور مع هؤلاء الشباب.. واتخاذ القرارات الضرورية لحل مشاكلهم. *** كانت هذه أهم السمات والقرارات التى اتخذها مجلس الشعب فى جلساته الأخيرة والتى تتمنى أن يفسح د. سعد الكتاتنى صدره للاستماع لآراء النواب واقتراحاتهم من أجل حقوق الشهداء والمصابين.