المشروعات الصغيرة هى الباب السحرى لدفع عجلة التنمية فى أى دولة إلا أن الروتين والبيروقراطية وتعدد الجهات الرقابية وتأخير استخراج التراخيص وعدم صرف الأموال المخصصة لها فى أماكنها المشروعة تقف عائقا فى وجهها وتسببت فى دولة مثل مصر فى توقف 70% من الشباب عن إنهاء مشروعاتهم خاصة بعد الثورة وغلق 200 مصنع ومشروع كبير ومئات المشروعات الصغيرة حسب تقارير وزارة التجارة والصناعة. ورغم إعطاء حكومة شرف السابقة الأولوية لهذه المشروعات وتوافر المليارات لدعمها إلا أن هذا لم يحدث، حيث هدد عدد من المستثمرين فى المناطق الصناعية الجديدة ببرج العرب والعاشر من رمضان وأكتوبر باتخاذ إجراءات تصعيدية ضد وزارة التجارة والصناعة حال استمرار العديد من المشكلات والمعوقات التى تهدد بتوقف الأنشطة الصناعية بمصانعهم خاصة النسيجية والغذائية وطالبوا الوزارة بالتدخل لإنقاذ الصناعات الصغيرة والمتوسطة من الانهيار السطور القادمة تكشف كواليس ما يحدث فى ازمة المشروعات الصغيرة ومدى احتياجها إلى نظرة اهتمام من حكومة د. كمال الجنزورى. محمد أحمد سلامة صاحب أحد المشروعات الصغيرة يعترف بانعدام الشفافية فى تحديد مواعيد تسلم الموافقات من الجهات الرقابية فضلاً عن عدم الاعتراف بقرارات فروع الجهات الحكوميه المختلفة والرجوع إلى القاهرة فى كل صغيرة وكبيرة مما يدعم المركزية فى اتخاذ القرارات التى تتغنى الحكومة بالقضاء عليها بعد ثورة 52 يناير وتفعيل اللامركزية على حد قوله. وينتقد فتحى مرسى رئيس جمعية مستثمرى البحيرة اجراءات اتخاذ القرارات وتنفيذ خطاب الضمان للمشروعات الصغيرة، بالإضافة إلى تحصيل الرسوم المبالغ فيها دون سند قانونى أو شرعى لافتا إلى أن إصدار التراخيص الصناعية أمر أصبح غاية فى الصعوبة كما أن المصانع الصغيرة التى يعمل معظمها فى الصناعات النسيجية والغذائية باتت جميعها مهددة بالتوقف والغلق بسبب المشكلات التى تواجهها سواء من شركات الكهرباء أو الصرف الصحى أو الهيئة العامة للتنمية الصناعية ذاتها. وأشار مرسى إلى أنه رغم وجود 4 مناطق صناعية فى البحيرة تشمل مشروعات كبرى وتتوزع بين مراكز وادى النطرون وحوش عيسى وادكو ومركز كفر الدوار إلا أن مشروعات صغار المستثمرين تاهت وسط الروتين الحكومى ولم تحقق الهدف الذى أنشئت من أجله وتحولت الى موطن للأشباح بعد أن هجرها رجال الأعمال ايضا بسبب عدم استكمال توصيل المرافق إليها وارتفاع أسعار المقايسات مما أدى الى إقامة مشروعاتهم فى المناطق المجاورة ببرج العرب والسادات وقويسنا وغيرها. طناش حكومى أما د. صلاح الدسوقى - مدير المركز المصرى للدراسات التنموية - فيرى أن الحاصل فى هذه الآونة من ارتفاع أسعار الخدمات ما هو إلا وسيلة تعويضية تلجأ إليها الدولة لتعويض الخسائر، التى تتعرض لها قطاعات عامة بسبب الإدارات الفاشلة المتعاقبة، ومن ثم لا يجدوا غير زيادة الأسعار لتكون أنسب الحلول وهم على قناعة بأن المستثمر والمستهلك لن يتخلى عنهم، لسبب بسيط وهو أن هذه الخدمات تحتكرها الدولة، ولا ينافسها أحد فى ذلك. ويشير إلى أنه من الواضح أن التحركات الحكومية الحالية تضرب عرض الحائط بكل مطالب رجال الأعمال وصغار المستثمرين حيث التأكيد الدائم على العدالة الاجتماعية وغير ذلك من السبل، التى تضمن دفع عجلة التنمية. ويشدد د. الدسوقى على أن قراءة الواقع تدلل على أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، بل المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة ارتفاع أسعار بعض الخدمات الأخرى، باعتبار أنها البديل الأنسب لقطاعات عريضة من المستهلكين. بديهيات وقال د. محمود عيسى وزير التجارة والصناعة أن الاحتجاجات والاحتقانات التى تشهدها بعض المصانع والمؤسسات الانتاجية أدت الى توقف الإنتاج واغلاق نسبة كبرى من مصانع الغزل والنسيج التى تعد من أهم الصناعات المعول عليها فى النهوض بالصناعة المصرية. وأكد الوزير على أنه لا استثمار بدون استقرار وكما أنه لا يوجد تنمية بدون تسهيل القرارات الحكومية أمام المشروعات الصغيرة وإزالة كافة المعوقات أمامها ويتمنى أن تشهد الصناعة المصرية تطورا حقيقيا فى عهد حكومة الثورة. وطالب د. محمد مصطفى رئيس الإدارة المركزية لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بوزارة الصناعة والتجارة الخارجية بنشر ثقافة العمل الحر والاهتمام بتنافسية سعر وجودة المنتج المصرى خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومخاطبة ذوق المستهلك فى مختلف الأسواق الدولية ونوه إلى أهمية دعم دور مركز تدريب التجارة الخارجية لعقد دورات متخصصة للمصدرين. وقال إن الإحصاءات تشير إلى أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل 89% من مجموع المؤسسات العاملة فى معظم دول العالم حيث نما دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع نهاية عهد الاقتصاد الموجه وتفعيل دور منظمة التجارة العالمية. وأكد على ضرورة البرامج التدريبية الجادة التى تساعد الشباب على التفكير بصورة غير نمطية وتجعله لا يستخدم لفظ «الواسطة» لتبرير الفشل فى الحصول على عمل، فهناك قدرات ومهارات وتفكير ابتكارى تمكن كل خريج من الحصول على عمل مميز، وهناك مجال المشروعات الصغيرة التى يجب أن تدرس جيدًا قبل بدءها، ويجب مراقبة التكاليف الاستثمارية والجارية بكل دقة، وكلما كان المشروع بالمشاركة «وبدون قروض» كان أقدر على حرية الحركة واتخاذ القرار وكلما كانت المخاطرة أكبر – بعيدا عن الوظيفة النمطية – كان الربح المتوقع أكبر. فتش عن الحيتان ومن جانبه قال د. حسين منصور رئيس جهاز سلامة الغذاء إن كبار رجال الاعمال وبعض المسئولين عن مصادر تمويل المشروعات الصغيرة وراء وضع العقبات امام هذه المشروعات، بالإضافة الى تعدد الجهات الحكومية والتى تصل الى 71 جهة رقابية تتعارض اختصاصاتها وتتهرب كل منها من المسئولين وتلقيها على الجهة الأخرى وسط غابة من التشريعات التى تزيد على 0002 تشريع بعضها يعود لعصر المراسيم الملكية هذا يؤدى الى توقف العديد من المشروعات الصغيرة حيز التنفيذ لذلك أصبح إنشاء جهاز سلامة الغذاء مطلبا شعبيا هاما بعد أن اهتزت ثقة صغار المستثمرين فى الروتين الحكومى. وقال إن المشكلة الرئيسية التى تواجهنا هى أن التشريعات جميعها قديمة للغاية وتعود لفترة الأربعينيات والخمسينيات، كما أنها تفتقد فلسفة التشريع وحينما تم التعديل، تم بطريقة شكلية فقط حيث شمل زيادة العقوبات، دون تعديل فلسفة التشريع، بالإضافة إلى أن تلك التشريعات تفتقر للمفاهيم الحديثة كأمن وسلامة الغذاء فعلى سبيل المثال افتقدت تشريعات الألبان واللحوم والأسماك الحرص على العرض داخل ثلاجات أو متابعة خطوط الانتاج طبقا للتكنولوجيا الجديدة.