كما أن هناك أديب الرواية الواحدة مثل الراحل الكبير يحيى حقى الذى ألف عشرات الكتب والقصص، لكننا لانذكر له سوى «قنديل أم هاشم»، ومطرب الأغنية الواحدة ، مثل صاحب «يا بيوت السويس» محمد حمام، أو المطربة الراحلة شهرزاد، التي كانت من أجمل الأصوات، ولا يذكر الجمهور لها سوى أغنية «عسل وسكر»، ومخرج العمل الواحد مثل شادى عبد السلام صاحب «المومياء» ، فهناك كذلك ممثل الدور الواحد الذى يحصره المخرجون فى شخصية واحدة لا يستطيع أبداً الفكاك منها، كما حدث مع الفنان العظيم الراحل محمود المليجى الذى ظل محصوراً فى أدوار الشر، حتى أعاد المخرج الراحل يوسف شاهين اكتشافه فى أفلام خالدة مثل «الأرض»، و«العصفور» و«عودة الابن الضال». ولولا يوسف شاهين لظل المليجى فى أذهاننا أسيراً لصورة الشرير الذى يبحلق بعينيه فى الكاميرا، مشيراً إلى ما فعله فنان كبير آخر مثل ملك الترسو «فريد شوقى» الذى تخلى بذكاء شديد عن أدوار الفتوة حين تقدم به العمر ليقدم أدواراً أخرى مختلفة ومتنوعة، لكن لولا اسمه الكبير ونجوميته باعتباره «الملك» لما سمح له أحد بأن يغير جلده الفنى. وقد يشارك الممثل أحياناً فى حصر نفسه في دائرة شخصية واحدة، كما فعل الكوميديان محمد سعد حين أصر على أن يصر محبوساً فى شخصية «اللمبى» أو تنويعات على نفس الشخصية، والكلام والحركة والأداء بنفس الطريقة، على عكس ممثل أكثر ذكاء مثل أحمد حلمى الذى يقدم فى كل فيلم «تيمة» جديدة، ويطور من أسلوبه الفنى باستمرار. ومع ذلك فقد يكرر فنان كبير مثل عادل إمام نفسه كثيراً، لكنه يستمد قدرته على الاستمرار فى النجاح من حسن اختياره للموضوعات التى يقدمها على الشاشة، ومن الفريق الفنى الذى يقع عليه اختياره للعمل معه فى كل مرحلة فنية من مراحل حياته، ومن قدرته الخاصة جداً على ضبط مؤشره على الموجة المناسبة للجمهور، وهذه الميزة هى التى جعلته يستمر فى المنافسة على القمة طوال كل هذه السنوات، فى الوقت الذى تحول معظم زملاء جيله مثل سعيد صالح والراحل يونس شلبى وسيد زيان وحتى سمير غانم إلى مجرد ضيوف شرف فى الأفلام، وبعضهم ابتعد تماماً عن السينما. فالنجم الحقيقى لابد أن يتمتع بقدر كبير من الثقافة والوعى السياسى والاجتماعى والحس جماهيرى، لكى يصمد أمام منافسة الأجيال الجديدة ويهرب من دائرة «التنميط» .