42 عامًا من الحكم الاستبدادى للعقيد معمر القذافى الذى لقى مصرعه على أيدى الثوار، شهدت صعوداً وهبوطاً فى علاقاته مع يهود ليبيا، فعلى حد قول الباحثين اليهود فى الدراسات المتعلقة بيهود ليبيا، هدم القذافى بعد حرب 67 منازل ومقابر اليهود، وحولها بعد ذلك إلى مستودعات لميناء طرابلس، كما أن جزءًا منها استخدمه لبناء ناطحات سحاب، وطرق سريعة. وعلى الرغم من مشاعر الكراهية التى كان يهود ليبيا يكنونها للقذافى إلا أن خبر موت القذافى لاقى تضارباً كبيراً وسط جماعات يهود ليبيا الموجودة الآن داخل إسرائيل، فمنذ قيام الثورة الليبية ضد معمر القذافى، كان جزءً منهم يشعر بالحزن والأسى، حيث كانوا يفضلون بقاء القذافى خوفاً من أن يحكم المسلمون ليبيا والجزء الآخر فرح بما حدث للقذافى آملين فى استعادة تراثهم. فالجانب الأول تمثله جمعية «أور شالوم لحماية تراث يهود ليبيا» التى تضم 120 ألفا من اليهود الليبيين الذين يقيمون الآن فى 16 بلدة إسرائيلية، والتى أعلن رئيسها بديتسور بن عطية بموقع واللاه الإخبارى الإسرائيلى عن أسفه الشديد لسقوط القذافى، معرباً عن تخوفه من حكم الإسلاميين لليبيا من بعده الأمر الذى سيحرم اليهود من زيارة ليبيا فى ظل حكمهم. وهذا الجانب المتعاطف مع كالقذافى، كان متأثراً بشكل كبير بالمحاولات التى قام بها بعد إعدام الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، حيث فكر القذافى فور موته فى التقرب إلى اليهود و السعى إلى إرجاع ما سلبه منهم من حقوق مرة أخرى، إلى جانب تدعيمه لفتح دائرة الحوار معهم من خلال المنظمة العالمية لليهود بليبيا، بهدف استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة وأوروبا، إلا أن كل تلك الجهود التى بذلها باءت بالفشل الذريع. على الجانب الآخر نجد الجزء الأكبر من يهود ليبيا الذين مازالوا يأملون فى تحقيق جزء من حلمهم القديم، وهو بناء وطن قومى فى ليبيا، غمرتهم فرحة عارمة بسماعهم بما حدث للقذافى منذ محاصرته فى مدينة سرت الليبية، وقبل أسابيع قليلة من موت القذافى كان يهود ليبيا داخل إسرائيل ينادون بألا يأخذ دول العالم أى رحمة أو شفقة بالقذافى، وأصبحوا يهتفون فى جميع أنحاء شوارع إسرائيل ( لا لإنقاذ نظام القذافى )، وقد نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أن منظمات ليهود ليبيا كانت ومازالت تعمل من داخل إسرائيل مستغلة ما أصبحت عليه ليبيا الآن، لاستعادة ما أخذ منها فى عهد القذافى من معابد وقبور ردمت وبنى عليها حقول ومتنزهات. فهناك المنظمة العالمية ليهود ليبيا، والتى تنظر إلى نفسها على أنها الوحيدة القادرة على إعادة المجد إلى الدين اليهودى على المستويين الإسرائيلى والليبى. ففى تقرير نشرته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية مؤخراً يظهر الثورى اليهودى، والمحلل النفسى الإسرائيلى (ديفيد جيربى) رئيس المنظمة فى فيديو نشر خلال الأيام الماضية، محاولاً هدم أحد المعابد اليهودية داخل ليبيا بغرض إعادة بنائه، مصرحاً «أن يهود ليبيا جاءوا إلى إسرائيل بغرض إعادة هيكلة المجتمع اليهودى الأصلى، بعد 44 عاماً من المنفى».